يكفيك أن تعرف أن «لايك» على «كومنت» بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» كاد أن يقتل «إنسانًا» فى القرن الحادى والعشرين، بإحدى محافظات الصعيد، فما كان من الأب عند مشاهدة ابنته وهى تتصفح «الفيس بوك»، وكانت قد كتبت شيئاً وأعجب صديق لها به فوضع علامة إعجاب، إلا أن ذهب إليه باغياً قتله بسبب الـ«لايك».
هذه قصة حقيقية وليست مزحة أو نكتة لقتل الملل، هذه القصة تكشف لنا بما لا يدع مجالاً للشك مدى «التخلف» الذى ما زال جاثماً على صدر هذه الأمة، ومدى صعوبة المهمة التى تنتظرنا كى نصل إلى تلك العقول ومحاولة إقناعها بتغيير تلك العادات والتقاليد البالية..
خصوصاً إذا أردنا حقًا مساعدة المرأة المصرية فى الحصول على بعض حقوقها.. والقضية جد خطيرة تحتاج تضافر جميع الجهود.. بداية من الفرد نفسه، مروراً بمؤسسات الدولة، وانتهاء بمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والإعلام بشتى أنواعه.
تستحوذ البرامج الإعلامية الخاصة بالمرأة على حيز كبير من شاشات الفضائيات، ما بين برامج موضة وجمال وفاشون وتعليم فنون الطبخ والصحة «عقم وإنجاب»، مما جعلها كائنًا استهلاكيًا فقط، والهدف من وراء كل تلك البرامج هو تحقيق الربح والشهرة.. وهناك أيضاً البرامج التى تبرز العنف ضد المرأة وتبلوره فقط فى صورة الضرب المبرح أو العنف الجنسى، ويتم مناقشة الموضوع برمته فى حلقة أو حلقتين، دون محاولة الوصول لحلول للقضية المطروحة، والهدف الأول والأخير من كل تلك المشاهد هو تحقيق الإثارة فقط.
وهناك أيضًا البرامج التى تعطى النصائح الجنسية للمرأة، وكيف تتعامل مثلاً مع زوجها فى الفراش لتتحول بذلك لمجرد بوتقة يفرغ فيها الرجل طاقاته الجنسية، والتعامل مع هذا الأمر فقط على أنه حق من حقوق الرجل، الرجل بالطبع المتبلور فى كينونته وتركيبته صورة «سى السيد»، الذى يجب أن تنصاع أمينة لكل رغباته.. كما أن بعض البرامج التى تحاول علاج بعض المشاكل التى تتعرض لها المرأة، مثل التحرش، تروج للظاهرة أكثر مما تعالجها، وكذلك تنقل مشاهد التحرش «بالصوت والصورة» مما يروج للفكرة ولا يعالجها.
وكذلك معظم الأفلام تستخدم المرأة كمادة للمتعة والجنس والتربح، فهى الراقصة، والسكرتيرة اللعوب، أو الخادمة التى تبيع نفسها، أو فتاة الليل الساقطة، وغيرها وغيرها.. وتتجاهل النماذج النسائية المشرفة التى كان لها باع كبير فى التنمية والسياسة وغيرهما.. والخلاصة فى كل تلك البرامج والأفلام هو تحقيق الربح عن طريق الإثارة أو المشاهد المبكية أو المحركة للغرائز، وبالتالى نسبة إعلانات أكثر، وبدورها تأخذ مساحة أكثر من المشكلة ذاتها.. وفى الإعلانات نرى المرأة هى التى تروج لكل شىء، بداية من السيارات وإطارات الكاتشوك، مرورا بالسلع الاستهلاكية والمنتجات الصناعية والزراعية، انتهاءً بمنتجات الموضة والأزياء وأدوات التجميل، وتناسى الإعلام دور المرأة الفعلى فى التنمية المجتمعة.
دائماً يكثر حديث جمعيات ومنظمات المجتمع المدنى حول تمكين المرأة، خاصة تمكينها سياسيًا، وفى الواقع نجد أن قضية عدم التمكين لا تقتصر على المرأة، فالرجل أيضاً لا يمكن فى كثير من الأحيان، وهذا بسبب ما نعانيه اقتصادياً وما يترتب عليه من إهمال صحى وتعليمى، واجتماعياً بسبب القوانين الاجتماعية، التى يجب ألا يحيد أحد عنها، وهى تلك المتمثلة فى العادات والتقاليد، وكلما ارتقى المستوى الاجتماعى ظهرت النماذج النسائية القيادية الواعية، مثل القاهرة والإسكندرية والمنصورة، وإن كان من المنتظر ظهور نماذج أكثر عداداً وفكراً بتلك الأماكن الممكنة إلى حد كبير.
ولو حاولنا مناقشة تلك القضية الشائكة، فسنجد أن المرأة المصرية أمامها العديد من الهموم والأعباء لابد أن نتخلص منها أولاً، ثم مجموعة أخرى من التحديات لو أرادت أن تكون لاعبًا سياسيًا بحق.. تلك الهموم والأعباء تتمثل فى التمكين الاقتصادى، الذى يقف على رأس القائمة، ثم التمكين العلمى، وهذا يتأثر بسابقه الاقتصادى، ثم التمكين الاجتماعى، وهذه قضية شائكة للغاية، بسبب العادات والتقاليد المجتمعية الرجعية التى ترى أن المرأة أرض للإنجاب فقط، وما إن تمكنت المرأة اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وبيئيا ًوتعليمياً وفتح أمامها المجال للإبداع من المجتمع الذكورى إلى حد بعيد، وهذا كله «كوم» والصعيد «كوم تانى»، فبالرغم من أن المرأة هناك «عمود كل بيت» فإنها فى النهاية مهمشة وراء فكرة المجتمع الذكورى، ولا تجرؤ حتى على المطالبة بحقها.
وما إن تخلصت المرأة من كل تلك الهموم فسيكون أمامها مجموعة أخرى من التحديات التى تتمثل فى الرغبة الحقيقية فى العمل السياسى، وإصرارها على النجاح، وتطوير نفسها لمواكبة الآليات والتقدم التكنولوجى السريع.
المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والإعلام القومى، وجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى، جميعها جهات لا بد أن تقوم بدور ملموس وحقيقى، وعليها تنحية مبدأ «السبوبة» جانبًا، ويكفيك أن تعرف أن لدينا 33 ألف جمعية أهلية، ومن حقك أن تتساءل: أين مردود هذا الرقم الهائل على أرض الواقع؟
أعرف أن ما ذكر فى هذه السطور ما هو إلا استعراض بسيط للمشكلة، وأنه باستطاعتنا إعداد دراسات كاملة فى كل عنصر منها، وما هى إلا دعوة لجميع الأطراف لتغيير تلك السياسة المتبعة فى معالجة القضية وتناولها، ولا تجدى إلا زيادة المشكلة تأزماً وتعقيداً.. على الجميع العمل حقًا بعيداً عن التربح والشهرة من وراء هموم المصريين.. فلننح «مبدأ السبوبة» ونعمل لصالح الشعب المطحون.
ولابد أن يكون العمل من أرض الواقع، حيث القرى والنجوع والأرياف من أقصى مصر إلى أقصاها.. لا بد أن نعمل جميعاً على تحسين دخل الفقراء ومحدودى الدخل، فلا تمكين للمرأة ولا للرجل إلا بعد التمكين الاقتصادى، والتمكين التعليمى والتمكين الصحى والاجتماعى وإلى آخره.
أين مؤسسات الدولة ودورها التوعوى الحقيقى، بعيداً عن الإعلانات والعمل من أبراج عاجية؟ أين منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية الحقيقية التى تعمل من أجل المواطن لا من أجل الدعم الذى يوزع على مجلس الإدارة؟ أين الإعلام الهادف الحقيقى لا الذى يسعى للتربح على حساب الغلابة؟
للمزيد من التحقيقات...
الكنائس تحشد للتصويت بـ"نعم" فى الاستفتاء.. البابا تواضروس: نعم تعطى بركات وخيرات.. والأرثوذكسية تشكل غرفة عمليات مركزية وأساقفتها يحشدون الأقباط.. والإنجيلية والكاثوليكية يدعون لتمرير الدستور
المنافسة على رئاسة "الدستور"تشتعل فى الساعات القادمة..ولجنة الانتخابات تغلق باب الترشح ظهر اليوم..هالة شكر الله تحسم قائمتها.. وحسام عبد الغفار يشكل فريقه النهائى..والغموض يحيط بموقف جميلة إسماعيل
سياسيون يشيدون بموقف الفريق السيسى حال الترشح للرئاسة.. ويؤكدون: حصل على تفويض الجيش بتصفيق القادة والشعب يقول كلمته فى استفتاء الدستور.. وحملة "مصر بلدى" تدعو لفعاليات يوم 25 يناير لتفويضه للمنصب
حدود مصر تحت السيطرة الأمنية قبل الاستفتاء..مصادر:القرضاوى زار ليبيا منذ أسبوع لتفقد معسكرات جهاديين أنشأت بدعم قطر وتركيا..والأمن يتحد مع القبائل لضبط الحدود الغربية..وتشديد على غزة للتصدى للتكفيريين
المرأة فى الإعلام.. قضية تنمية وتمكين.. أم هدف للربح؟
الأحد، 12 يناير 2014 06:40 ص
المجلس القومى للمرأة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة