حسن محمد يكتب: حياة الإنسان ومترو الأنفاق

الجمعة، 10 يناير 2014 08:00 ص
حسن محمد يكتب: حياة الإنسان ومترو الأنفاق صوره ارشيفيه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصبحت حياة الإنسان حاليًا تشبه كثيرًا رحلة مترو الأنفاق التى نقوم بها يوميًا. فما أن يبدأ الإنسان الدراسة فى مكان جديد أو تقلد وظيفة فى إحدى الشركات الجديدة، إلا أن تبدأ رحلته فى الحياة والتى هى أشبه بانطلاق المترو من محطته الأولى, وما هى لحظات قليلة إلا ويبدأ الشخص فى التعارف على غيره من زملاء الدراسة أو العمل.

ففى كل يوم يستطيع الإنسان التعرف على شخصية جديدة فى عالمه المحيط منهم من يبقى معه إلى نهاية رحلته ويظل صديقًا له, ومنهم من يفضل النزول فى المحطة التالية أو عقب سير المترو بضعة محطات.

الأمر الذى نشهده فى واقعنا فقد يتخلى عنا بعض الأشخاص فى منتصف الطريق إما رغبة منهم فى ذلك أو نتيجة ظروف طارئة دفعتهم للتخلى عنا والنزول, وهناك من يغادرون المترو ولا نراهم فى حياتنا مجددًا بل يودعوننا إلى غير رجعة وهم أشبه ببعض أصدقاء الطفولة، الذين لم نعد نعلم عنهم الآن شيئًا, ولكن تبقى هذه الأمور هى سنة الحياة.
ولكننا إذا ما تأملنا هذه الرحلة التى يخطوها مترو الأنفاق من بداية خطه إلى نهايته سنجد توافقًا كبيرًا بينها وبين حياتنا المعاصرة, ففى بعض الأحيان يسير الإنسان فى حياته بأسرع ما يمتلك من طاقة وحيوية، فيمكنه الوصول إلى محطته التالية فى دقائق معدودة, وأحيان أخرى تجده يسير ببطء للغاية، كما لو كان فى حاجة لمن يعطى له دفعة للأمام كى يمنحه قوة لاستكمال رحلته فى الحياة, ومرات كثيرة يتعين علينا الانتظار لبعض الوقت حتى نتمكن من السير فى طريقنا بأمان, كانتظار المترو لغيره لبضعة ثوانٍ, ففى هذه الحالة تجده مجبرًا على الانتظار حرصًا على سلامته واستكمال رحلته بشىء من الأمان والحذر.

ومثلما يتعين على الإنسان النزول فى بعض المحطات من المترو القديم حتى يتمكن من اتخاذ مترو آخر يذهب لمحطات أخرى يعجز المترو الأول عن الوصول إليها, فهذا الأمر نشهده كثيرًا فى حياتنا, فمن الممكن أن يتقلد الشخص وظيفة ما ومع مرور الوقت يكتشف حاجته إلى التخلى عنها والتمسك بشىء آخر بهدف الوصول إلى محطته الرئيسية وهدفه المنشود, فتمسكه هنا بالشىء القديم لن يجعله يبلغ وجهته، التى طالما كان يسعى للوصول إليها.
والسؤال الأن الذى طالما بحثت له عن إجابة مقنعة لماذا لا يعطى الفرد هذه الوسيلة التى يستخدمها فى التنقل شيئًا من الاهتمام والتقدير مثلما يعطى لنفسه الاهتمام فى حياته والرعاية لمن حوله.

فإذا نظرنا اليوم إلى مترو الأنفاق سنجد أن هذه الوسيلة التى تعد من أهم وسائل المواصلات فى مصر بأكملها تعانى من تدهور شديد سواء كان من ناحية الحفاظ على مواعيد رحلات المترو أو من ظاهرة انتشار الباعة الجائلين، والتى تعد أشبه بفقرات الإعلانات التليفزيونية لا تنتهى أبدًا. ففى بعض الأوقات نجد أشخاصًا يقومون بإلقاء الأوراق وبقايا " قشر اللب " فى أرضية المترو, وما أن يطلب منه شخص آخر أن يكف عما يفعله تجده يجادل متخيلا أن هذا سيمنع ما تعرض له من إحراج وأن من حقه أن يفعل ما يشاء دون أن يعدل عليه أحد.

فالحفاظ على الممتلكات العامة ووسائل التنقل ليست فى حاجة إلى قانون لحمايتها وإرشاد الناس على الطريق القويم لفعل هذه الأمور, بل هى قيم راسخة فى النفوس العاقلة والواعية التى تسعى لمواصلة رحلتها فى الحياة دون التعرض لأى عوائق قد تعرقل من مسيرتها اليومية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة