فى السفر نتعلم الكثير والكثير ونعرف أكثر معنى الوطن، أو الوطن البديل، فى السفر نعشق بلدانا ونأخذ مواقف من أخرى، ونغرم بشعوب دون الأخرى، وعلمنى السفر ذلك مثل غيرى، حيث إننى لا أختلف كثيرا وأحمل لكل البلدان التى زرتها العديد من المعانى التى لا تخرج عن هذا الإطار، وسوريا الحبيبة الأبية كانت واحدة من أوائل المدن التى زرتها مرارا وتكرار ووقعت فى غرامها وأحببت ناسها، سوريا "مدينة الياسمين" كانت هى المرادف فى مخيلتى لمعنى الدفء والصحبة والونس، ذاكرتى مليئة بالكثير من الصور عن دمشق واحدة من أجمل بلدان الله على الأرض، مشاهد أستدعيها لأؤكد لنفسى أن سوريا باقية وستظل رغم كل ما يحيط بها من مؤامرات وأهوال وخيانات رغم المؤامرات التى تحاك ضدها فى الغرف المغلقة، ويخرج علينا رموز المؤامرات ليل نهار ويطلون من الشاشات ليملئون رؤوسنا بلغو فاضى، عن العدل والحق والديمقراطية وهو كلام حق يراد به باطل، ولا أعرف كيف لسورى أصيل أن يوافق على غزو بلاده أو أن تقوم أمريكا المعتدية بضربها، كيف يرغبون فى أن يدنس وطنهم، معتدى أثيم؟ وأن يدوس أشجار الياسمين بقدميه لتختلط برائحة الغزاة النتنة، ورائحة الدم والبارود رغم القهر وسلطة الديكتاتور، فالوطن لا يهان ولا يمتهن، وستظل سوريا باقية.
وسأكتفى فى هذا السياق بنقل رسالة صديقى الأديب والسيناريست خالد خليفة والذى أصر على عدم ترك دمشق وكان من أوائل من شاركوا فى الثورة السورية إلا أنه يملك الوعى الكامل لرفض أى ضربة عسكرية توجه لوطنه سوريا مدينة الياسمين والبواسل حيث قال "طغاة يجلبون الغزاة هذه حقيقة لا نقاش فيها، والغزاة لم يأتوا يوماً بالحرية إلى شعب هذه حقيقة أخرى يجب عدم نسيانها، لكن الذى يجب قوله فى هذه اللحظة الخطيرة من حياتنا وحياة ثورتنا بأن الطغاة ليسوا وحدهم من أتى بالغزاة، بل شاركهم فى ذلك مجموعة السياسيين وتجار الثورة الذين باعوا دمنا مرة لقطر ومرة للسعودية ومرة لمنظمات لأدرى ماهيتها دون أن أى شعور بالخجل" تخيلوا سمير نشار وزهير سالم وغيره يمثل هذه الثورة العظيمة، ياللعجب !!!
هل تريد أن تعرف موقفى
أنا ضد التدخل العسكرى الأمريكى ولدى أسبابى وأنا ابن الثورة شاء من شاء ورفض من رفض،
فى حالتنا يجب أن يعترف تجار الدم وجماعة الائتلاف من صغيرهم إلى كبيرهم بأنهم شركاء الطغاة ونسخة عنهم وليسوا صورة وممثلين لبراءة ثورتنا.
ولن أسهب ...
يجب أن تراجع ذاتك أنت الذى قبضت ثمن دمنا المقبل قبل أن تقول كلام نعرفه عن النظام الفاشى والديكتاتورى والطائفى، لكن يجب ألا تكون فاشياً ولا ديكتاتورياً ولا طائفياً لتكون ابن ثورتنا.
اسمع جيداً ....
قل لى متى أتى الغزاة بالحرية ؟
.......
أخيراً لن أكون يوماً مع أى تدخل أمريكى فى منطقتنا لأننى أعرفهم جيداً
كانوا يستطيعون الدفاع عن القيم منذ الشهر الأول لثورتنا ومساعدتنا لكنهم انتظروا دمار البلد،
سقوط النظام سيسعدنى ولكن لا أريدها ثورة منقوصة بعد كل هذا الدم.
هذه ليست رسالة للتاريخ لكنها رسالة وداع لكل أصدقائى إن مت.
إذا مت فى هذا القصف أو لأى سبب أريد من أصدقائى أن يدفنونى فى قبر مجهول يعرف رفاقى وأصدقائى الذين أحبهم عنوانه فقط "حيث قال".