تسير الأمور حاليا نحو استعداد الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية محدودة لنظام الرئيس السورى بشار الأسد، تستهدف شل حركته و"تأديبه"، كما قال مسئولون أمريكيون، على استخدامه السلاح الكيماوى ضد المعارضين، وهنا يبدو منطقيا البحث عن ردود فعل الأسد على هذه الضربة، فهل سيمتصها ويواصل مسيرته فى قمع المعارضة، أم أنه سيستجيب للمطالب الدولية بالذهاب إلى مؤتمر جنيف 2 للبحث عن حلول سياسية للأزمة السورية؟
اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجى ومدير مركز الجمهورية للدراسات الأمنية، قال إن الرئيس السورى بشار الأسد لن يستطيع تجنب الضربة الأمريكية، مؤكدا أن الضربة آتية لا محالة، وأن المسألة مرتبطة بالوقت فقط، موضحا أن الضربة ستركز على أهداف سورية محددة طبقا للخطة الموضوعة بواسطة صواريخ "كروز" والطلعات الجوية للمقاتلات الأمريكية، وقال إن الضربة ستستهدف تدمير الصواريخ الدفاعية ثم تدمير المطارات العسكرية، وقصف قيادة العمليات العسكرية ومخازن الأسلحة الكيماوية، واللواء 155 و156 المسئولين عن حماية بشار الأسد.
واستبعد "اليزل" استخدام بشار للأسلحة الكيماوية للرد على الهجوم أو إطلاقه صواريخ على إسرائيل، كما استبعد مشاركة إيران فى الحرب لمساندة بشار الأسد، مشيرا إلى أن بشار، بعد الضربة، سيضطر إلى الخضوع للمطالب الدولية وحضور مؤتمر جنيف 2، وستتدخل روسيا من أجل تدعيمه، مضيفاً أن من ضمن السيناريوهات المطروحة تقسيم سوريا وإقامة الدولة العلوية وعاصمتها مدينة اللاذقية، مع استمرار الوجود الروسى المتمثل فى القاعدة العسكرية بميناء طرطوس.
من جانبه، قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة، إن تحديد السيناريوهات القادمة لما بعد الضربة يتوقف على الضربة نفسها، وتوقع حدوث 3 سيناريوهات، الأول أن تكون الضربة واسعة وعميقة تستمر من 48 ساعة إلى أسبوع، أى تواصل الولايات المتحدة قصفها للأهداف الحيوية حتى تجبر الأسد على الفرار إلى شمال البلاد، ويعنى هذا تقسيم الدولة إلى دويلات صغيرة متفرقة، ويقيم الأسد دويلة العلويين على جبال العلاوية، أما السيناريو الثانى فيتمثل فى توجيه ضربة هامشية ومحدودة تشمل 12 موقعا استراتيجياً، وتهدف لإنهاك الأسد حتى يصبح ضعيفا، ثم انتظار رد فعله بهدف إجباره على حضور مؤتمر جنيف 2 بإملاءات غربية، أو عقد مؤتمر دولى تهيمن عليه الدول الغربية لتحديد مصيره.
وقال "فهمى" إن السيناريو الثالث يتمثل فى إشراك إسرائيل فى الحرب من خلال استفزاز الأسد وإجباره على ضرب مدن شمال إسرائيل، مؤكداً أن هناك 6 مدن إسرائيلية ستكون تحت قصف الأسد، مما سيدفع إسرائيل إلى المشاركة فى الحرب وقصف سوريا، مشيراً إلى أن دخول تل أبيب الحرب يعنى احتلالها لدمشق بعد إسقاط نظام بشار.
وأوضح "فهمى" أن كل المؤشرات تؤكد أن المنظمات الإرهابية المتطرفة ستلعب دوراً فى إسقاط بشار الأسد بهدف اقتناص بعض الغنائم، وإقامة كيان خاص بها، مثل جبهة النصرة السورية.
ومن جانبه، قال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الآسيوية، إن توقع ما سيحدث فى سوريا من سيناريوهات يتوقف على عدة عوامل، وهى حجم الضربة وطبيعة الأهداف والهجمات التى ستشنها المعارضة والمدى الزمنى، لافتا إلى أنه فى حال تمكنت الولايات المتحدة من إسقاط نظام بشار الأسد فإن التداعيات وردود الأفعال ستكون متباينة إذا ما استمرت الضربات لما بعد إسقاط بشار، كما أن الحكومات العربية سيكون لها رد فعل متباين حتى التى تؤيد توجيه ضربة عسكرية للأسد.
وأكد "هريدى" أنه فى حالة استمرار الضربات لفترات طويلة فإن هذا سيؤدى إلى اشتعال منطقة الشرق الأوسط ليس كحرب وإنما كتداعيات سلبية على الشعوب العربية، مشيرا إلى أن الداخل السورى يميل إلى تقسيم الدولة إلى دويلات متنازعة، لكن الخوف يكمن فى سيطرة الجماعات الإرهابية المتطرفة على بعض المناطق، وهذا ما سيهدد المنطقة بأثرها.
وقال هيثم المالح، العضو بالائتلاف السورى الحر، إن الضربة العسكرية ستستهدف المفاصل الأساسية للنظام السورى، وفى مقدمته المطارات الحربية والصواريخ الدفاعية، ومنعه من ضرب المدنيين العزل، بالإضافة إلى الحرس الجمهورى لبشار والفرقة الرابعة، من أجل إضعاف النظام، مشيرا إلى أن أى رد عسكرى سورى سيؤدى إلى توسيع العملية العسكرية ضد الأسد من أجل إنهاء نظامه، وفى حالة حدوث ذلك سيتمكن الجيش السورى الحر من السيطرة على مقاليد الأمور بسوريا ويشكل حكومة مؤقتة وهذا ما بدأ بالفعل.
وأكد "المالح" أن ما يتردد حول تقسيم البلاد غير صحيح، لأن الولايات المتحدة والجيش السورى لن يسمحوا لبشار بالبقاء داخل البلاد، وأن ما يشاع عن ذلك ما هو إلا محاولة من النظام لتخويف السوريين والمعارضة.
خبراء يرسمون مستقبل سوريا بعد الضربة المنتظرة.. "اليزل": بشار سيضطر لإقامة دويلة العلويين وعاصمتها اللاذقية.. "فهمى": أسوأ السيناريوهات احتلال إسرائيل لدمشق.. و"هريدى": الإرهاب هو البديل لإسقاط النظام
الجمعة، 06 سبتمبر 2013 11:19 ص