الأسباب الحقيقية لإصرار أوباما على ضرب سوريا.. نحن أمام مواقف دولية متضاربة لا توحى بإمكانية تحقيق هذة الضربة المزعومة على أقل تقدير خلال أسبوع من الآن

الجمعة، 06 سبتمبر 2013 11:30 ص
الأسباب الحقيقية لإصرار أوباما على ضرب سوريا.. نحن أمام مواقف دولية متضاربة لا توحى بإمكانية تحقيق هذة الضربة المزعومة على أقل تقدير خلال أسبوع من الآن الرئيس الأمريكى باراك أوباما
تحليل يكتبه يوسف أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عالم السياسة يقولون إنك إذا رغبت فى اتخاذ قرار، فدائرة اتخاذ القرار لا يجب أن تتعدى الأشخاص الثلاثة على أقصى تقدير، أما إذا وسعت الدائرة فذلك معناه أنك تهرب من القرار.. حينما تحاول تطبيق هذا المبدأ على موقف الرئيس الأمريكى باراك أوباما من مسألة توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، فإنك ستستنتج أن أوباما تراجع عن تهديداته بتوجيه الضربة حينما أعلنها صراحة أنه سيتوجه للكونجرس للحصول على تفويض بتوجيه الضربة، رغم أنه يملك اتخاذ القرار بشكل منفرد، ودون الحاجة لمثل هذا التفويض. وبعيدا عن هذا المبدأ، فإن المتابعين للموقف الأمريكى الذى بدأ عنيفا، ثم هدأ رويدا رويدا، يرون أن واشنطن قد لا تنفذ تهديداتها بتوجيه الضربة العسكرية لعدة أسباب، منها افتقاد عنصر المفاجأة التى كان يجب توافرها فى مثل هذه الضربة، فمنذ أكثر من أسبوع والحديث العلنى يدور من جانب قيادات واشنطن وحلفائها الأوروبيين عن الضربة المزعومة، مما أفقدها المفاجأة، ومنح الفرصة لنظام بشار الأسد لترتيب أوضاعه الداخلية، كما أن المعارضة التى أبداها عدد كبير من الدول العربية، ومن بينها مصر لهذه الضربة، دفع أوباما للتراجع عن قراره، فضلا على اللطمة القوية التى وجهها مجلس العموم البريطانى لحليفه ديفيد كاميرون حينما رفض الموافقة على الضربة.

نحن إذن الآن أمام مواقف دولية متضاربة لا توحى بإمكانية تحقيق هذه الضربة المزعومة، على أقل تقدير خلال أسبوع من الآن، انتظارا لما سيسفر عنه تصويت الكونجرس فى التاسع من سبتمبر الجارى، وحتى تظهر نتائج لجنة التفتيش الدولية بشأن استخدام الكيماوى فى الغوطة الشرقية، وفى مواجهة التضارب الدولى بدا الموقف المصرى واضحا برفض اللجوء للحل العسكرى لحل الأزمة السورية، وأن الحوار والحل السياسى هما الأفضل، وربما يعتبر البعض أن موقف مصر الحالى يصب فى صالح الرئيس السورى بشار الأسد، ويقف ضد رغبة السوريين فى التغيير، لذلك فإنه من المهم التعرف على عدد من الحقائق ربما تقودنا إلى الطريق الصحيح الذى تسلكه مصر وهى تتعامل مع الأزمة السورية، أخذا فى الاعتبار أن المصريين بكل أطيافهم كانوا وما زالوا ضد الوحشية التى تعامل بها الأسد مع معارضيه فى الداخل، وأنهم متأكدون أن نظام بشار هو نظام ديكتاتورى وقمعى، ويجب أن يرحل، لكن رحيله لا يكون بالتدخل العسكرى الأجنبى.

إذا ما تناولنا فى البداية مسألة استخدام النظام السورى السلاح الكيماوى مؤخرا فى الغوطة الشرقية، وهو ما تعتمد عليه القوى الإقليمية والدولية لتبرير طلبها بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، فالمؤكد- وفقا للعديد من المصادر العربية والسورية نفسها- أن سوريا لديها بالفعل مخزون من السلاح الكيماوى، لكنها تعتمد عليه كنوع من سلاح الردع فقط، فهى لم يثبت أن استخدمته حتى ضد إسرائيل التى تحتل الجولان السورية، لذلك لا يوجد دليل على أن النظام السورى استخدم هذا السلاح ضد المعارضين له، لأنه كان الأولى به أن يستخدمه ضد تل أبيب، وهو ما يدفعنا للتفكير حول أسباب الاعتماد على الكيماوى كمبرر لضرب سوريا، وهنا تظهر أمامنا حقيقة واحدة، هى أن هناك قلقا لدى الولايات المتحدة وإسرائيل من أن يتسرب هذا المخزون من السلاح الكيماوى إلى جماعات تستخدمه ضد تل أبيب، لذلك فإن واشنطن تحاول التحرك حاليا فى سبيل منع وصول هذه الأسلحة لجماعات «إرهابية»، لذلك فإن الواقع يشير إلى عدم وجود رغبة حالية فى إسقاط نظام الأسد، وإن كان الهدف الواضح هو حماية إسرائيل من الكيماوى السورى، فضلا على هدف آخر يتمثل فى تحقيق توازن ميدانى بين النظام والمعارضة المسلحة لدفع الأسد إلى الجلوس على طاولة المفاوضات السياسية، وتحديدا فى مؤتمر جنيف 2 الذى تأجل عقده عدة مرات. والأمر الآخر أنه فى ظل وجود رغبة عربية وشعبية عارمة ضد التدخل العسكرى الأجنبى فى سوريا، فإن هذا الأمر يجب أن ينسحب أيضا على كل ما هو أجنبى أو غير سورى، والمقصود هنا التواجد الإيرانى وعناصر حزب الله فى سوريا ممن يقاتلون بجوار قوات الأسد، فضلا على العناصر الجهادية التى انضمت بدفع تركى للقتال بجوار الجيش السورى الحر. وكما لا يجب أن يغيب عن المراقبين للوضع الحالى فى سوريا أن نظام الأسد هو من ساهم فى الوصول لهذه النقطة الحرجة، حينما رفض كل الحلول السياسية التى طرحت على طاولته للخروج من الأزمة، لذلك فإن النظام السورى يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، لأنه فضّل الحلول الأمنية على السياسية، كما لا يجب أن نعفى المعارضة من المسؤولية أيضا، خاصة المعارضة من الخارج التى انتشرت خارج سوريا بسبب صعوبة العمل من داخلها، فهذه المعارضة لا تتواصل بشكل جيد مع الداخل، كما أن فصيلا كبيرا منها يخضع لرغبات دول إقليمية.

هذه مجموعة من الحقائق المرتبطة بالوضع السورى الحالى، وهى الحقائق التى جعلت مصر، حكومة وشعبا، لأول مرة تتحد على قرار واحد، وهو رفض الضربة العسكرية الغربية المحتملة ضد دمشق، لكنها فى المقابل تتفق مع الشعب السورى فى مطالبه بالتغيير، مع دعوة الطرفين، حكومة ومعارضة، للانخراط فى آليات الحلول السياسية، على أن يتزامن ذلك مع رفع الدول الإقليمية غطاءها ودعمها لطرفى الأزمة، لأن هذا الدعم هو الذى أجج الوضع، وأوهم كل طرف بأن لديه القدرة والقوة على حسم الصراع لصالحه.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

m.o.h

انسحاب الاسد وعدم تولى الاخوان السلطة

عدد الردود 0

بواسطة:

واحد من الناس

الى رقم 1

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة