الرؤية المستقبلية فى مصر يجب أن تقوم على ثورة ثقافية تكون بمثابة أيدلوجية للانفتاح على كل الأفكار والتيارات بصورة موضوعية؛ فالتحدى الثقافى فى اللحظة الراهنة يُعد على رأس التحديات التى تواجه مصر، فالكل ينظر إلى التحديات السياسية والاقتصادية وضغط القوى المحلية والإقليمية والعالمية على الوضع المصرى الراهن، ولا يُنظر باهتمام إلى الأخطاء التى وقع فيها الشعب المصرى عقب ثورة 25 يناير، والتى ترجع إلى أزمة الثقافة السائدة من تجهيل ثقافى لعموم الشعب، وانفصال المثقفين عن الواقع الفعلى للمصريين؛ فوجدنا الطائفية وانعدام مفاهيم المواطنة وانعدام مفاهيم المعرفة والإبداع والتنوير، بل ولم تُزرع ثقافة الاتجاه النقدى؛ فأصبح النقد والاختلاف سبًا للآخر.
ومن ثم أثر ذلك على الجوانب الاجتماعية والسياسية التى لا يمكن فصلها عن الجوانب الفكرية والثقافية، ودخلنا فى نفق تتصارع فيه مختلف القوى نتيجة لانعدام خطاب "تحديد الهوية الثقافية المصرية" فى السنوات الماضية من قبل المنتفعين، وترتب على ذلك تعاظم أعداد التيارات المتأسلمة فى القرى والنجوع واسُتخدمت بشكلٍ قسم المشهد السياسى، وأخر مصر كثيرًا لعدم إدراك قطاعات من المجتمع للقيم والمفاهيم الثقافية الإيجابية كالتنوير والعقلانية والاختلاف مع الآخر واحترامه.
فقد غاب أساس البناء على العقل؛ لأننا فقدنا المناخ الفكرى التنويرى وافتقدنا الرؤية الثقافية وقيم الحوار وإبراز الأفكار البناءة التى تفيد المجتمع بسبب النظام السياسى السابق، وفى الوقت نفسه لم يستطع المثقفون فى ظل هذا النظام عمل ثورة ثقافية آلياتها العقل والتنوير، بل اكتفوا بالجلوس فى أبراج عاجية بعيدة عن الواقع.
ولكن بعد هذه الثورة التى ضحى الشعب المصرى من أجلها وضاع فيها الكثير والكثير من شهدائنا من الشباب وقوات الجيش والشرطة نتساءل: هل يستطيع المثقفون بما يمتلكون من عقول متميزة أن يكسروا هذا الجمود وهذه النمطية؟ وينتهزون اللحظة الثورية المصرية فى إيقاظ الوعى الثقافى؟، وأن يقدموا لمصر مشروعًا حضاريًّا ثقافيًّا لا تحركه المصالح والأجندات الخاصة، يقضى على الفكر الرجعى ويُنظّر للفكر النقدى ويكون قائمًا على العقل والموضوعية ويساهم فى البناء السياسى والاقتصادى، أم ستظل المفاهيم الثقافية بعيدة كل البعد عما يحدث فى مصر، وتظل وزارة الثقافة وزارة للأصدقاء والمعارف فى ندوات مغلقة هزيلة العدد، ألم يعد الوقت سانحًا لأن تقوم وزارة الثقافة بالدور المعهود لها أن تضع خارطة طريق تساعد وتدعم خارطة الطريق السياسية والاقتصادية.
فنحن فى أمس الحاجة إلى ثورة ثقافية تقدم التنوير الذى يتحرر من العادات والتقاليد الدخيلة التى ترجع بمصر إلى التخلف وإلى تعاظم دور الإرهاب الذى يلاحقنا فى كل شارع من قبل جماعة وقعت فريسة لثقافة وهابية صحراوية لا تعرف الهوية المصرية ولا تعرف تاريخ هذا الوطن العظيم، بسبب التجهيل الثقافى لها، ومن ثم فالسعى نحو التنوير فى هذه اللحظة التى يعيشها الوطن يجب أن يكون مشروعًا قوميًّا على امتداد مساحة مصر بالرجوع إلى تاريخنا الثقافى والتنويرى.
* قيادية بحزب المصريين الأحرار
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د / علاء الدين سعد - فنان مصرى
نداء الى حكومتنا الجديدة الحرة الوطنية ...
عدد الردود 0
بواسطة:
abc
إستراتيجية الثقافة: إستعادة وتعميق الهوية المصرية فى عشر سنوات!
عدد الردود 0
بواسطة:
صبحى صالح
مستحيل
عدد الردود 0
بواسطة:
Fakhry El Masry
Is there anyone reading
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الحسيني
ثورة ثقافيه