قال معهد واشنطن الأمريكى لدراسات الشرق الأدنى، إن وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، فى ظل الأحوال الراهنة، سيكون له آثار عكسية على المصالح الأمريكية ومصالح شركات الدفاع التى تقدم المعدات لمصر.
وقال المعهد، فى تقرير كتبه ديفيد شنيكر، إن الدعوات تزايدت فى واشنطن من أجل قطع المساعدات السنوية عن مصر، إلا أن حجم وهيكل برنامج التمويل العسكرى لوزارة الخارجية الأمريكية مع مصر، والذى يطلق عليه اختصارا "إف إم إف" وهو ثانى أكبر برنامج من نوعه فى أمريكا، من شأنه أن يجعل التحول فى السياسة من هذا النوع معقدًا وطويلاً ومكلفًا على عدة جبهات.
وتحدث التقرير عن البنود الخاصة بالمعونة، وقال إن مصر تحصل على 1.3 مليار دولار سنويا فى برنامج المساعدات الذى يسمح لها بشراء معدات عسكرية أمريكية ومساعدات تكنولوجية بالتنسيق مع وزارتى الدفاع والخارجية الأمريكية، وفى مكتب التعاون العسكرى الموجود بالسفارة الأمريكية بالقاهرة، يعمل الضباط الأمريكيون عن كثب مع نظرائهم المصريين لتحديد أولويات الشراء، مقابل استبدال المعدات السوفيتية وتحسين القدرات العملية مع القوات الأمريكية.
وعن كيفية سير المساعدات، يوضح التقرير أن الأموال الأمريكية يتم وضعها ودائع فى حساب البنك الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك، ويسمح للقاهرة باستخدام الفائدة الناتجة عن هذه الودائع لشراء معدات إضافية. وبمجرد تقديم المدفوعات، يتم تحويل الأموال من البنك الفيدرالى على صندوق ائتمانى. وهذا العام ستحصل مصر على أقل من 1.3 مليار دولار بنسبة بسيطة بسبب الحجز، هذا على افتراض استمرار المساعدات، فاعتبارا من يوليو الماضى تم تحويل 649 مليون دولار على الصندوق الائتمانى، ولا تزال هناك 585 مليون دولار فى البنك الفيدرالى.
وهناك بند آخر يسمح للقاهرة بتمويل التدفق النقدى لمشترياتها من شركات الدفاع الأمريكية، وعلى العكس من أغلب متلقى المساعدات الأمريكية لا تضطر الحكومة المصرية للدفع مقدما مقابل أنظمة الأسلحة الأمريكية المكلفة المتعاقد عليها. وبدلا من ذلك، تستطيع القيام بالتزامات مالية تغطيها مساعدات مستقبلية.. والقاهرة سيكون لديها أكثر من 2.5 مليار دولار من التزامات غير مسددة لشراء أسلحة وخدمات الدعم من الشركات الأمريكية فى أى وقت.
ووفقا لبعض التقديرات، فإن مصر عليها 4 مليارات دولار فى التزامات تعاقدية مستحقة واجب دفعها بتمويل التدفق النقدى، أو ما يعادل أكثر من ثلاث سنوات من برامج المساعدات العسكرية.. ولو قامت الولايات المتحدة بمنع أو وقف أى مساعدات بعد تعليق شحنة طائرات الإف 16 وطائرات الأباتشى، فإن دافعى الضرائب الأمريكيين سيكونون مسئولين عن عدم الوفاء بالتزام، ولو تم إنهاء التعاقدات مع مصر، فإن تكاليف الإلغاء المستحقة للشركات الدفاعية الأمريكية سيمولها برنامج المساعدات، والأكثر احتمالا أن توقف الحكومة الأمريكية المعدات حتى يتم التحويل.
وعن تأثير قطع المساعدات، قال المعهد إنه إلى جانب الإضرار بالعلاقات العسكرية بين البلدين، والتى لها أهمية خاصة لأن الجيش يدير البلاد مجددا، وفقا لما ذكره التقرير، فإن وقف المساعدات سيقوض العلاقات مع الحكومة المدنية، كما أنه سيؤدى إلى سوء موقف واشنطن المتدهور بالفعل بين المصريين، وربما يؤثر على العلاقات الهشة مع السعودية التى دعمت ثورة 30 يونيو.
فضلاً عن ذلك، فإن السعودية والكويت والإمارات تستطيع ملء الفراغ، مما يتيح للقاهرة الاستمرار فى تمويل المشتريات العسكرية، وقد قدمت هذه الدول بالفعل مساعدات لاقتصاد مصر المتعثر.
ومضى التقرير قائلاً إن هناك سيناريوهات أخرى يمكن أن تقلل من نفوذ أمريكا أيضا، منها أن الجيش المصرى قد يكون قادرا على تمويل مشترياته بنفسه، نظرا لأنه أقرض البنك المركزى مليار دولار فى ديسمبر2011، والأسوأ أن أخبار قطع المعونة الأمريكية ربما تقوى من موقف الإخوان المسلمين وتدعم محاربتهم للجيش، مما يعنى مزيدا من عدم الاستقرار فى البلاد. وفى المقابل، قد تحاول روسيا أو الصين الاستفادة من الموقف وتحل محل واشنطن بتمويل شراء مصر لأنظمتهما الدفاعية، وإن كان هذا غير مرجح.
ومن ناحية أخرى، فإن قطع المساعدات قد يضع المصالح الإستراتيجية لأمريكا فى مصر فى خطر، ومنها التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب، ومرور السفن الحربية الأمريكية عبر قناة السويس، والتحليق العسكرى الأمريكى غير المقيد نسبيا، فقد قامت الطائرات العسكرية الأمريكية بأكثر من 35 ألف رحلة عبر المجال الجوى المصرى فى وقت قصير، بينما كان هناك عبور لـ900 من السفن الحربية الأمريكية، وذلك بين عامى 2001 و2005.
أما بالنسبة للتداعيات داخل أمريكا، فإن وقف المساعدات يمثل ضربة على المدى القصير للشركات الدفاعية الأمريكية التى كانت تقدم المساعدات لمصر تشمل لوكهيد مارتن التى تقدم طائرات الإف 16، وبوينج التى تقدم الأباتشى، وعشرات من الشركات الأصغر والمقاولين من البطن الذين يواجهون على الأرجح عواقب اقتصادية أكثر خطورة.
وخلص المعهد فى النهاية إلى القول بأنه لو أرادت واشنطن أن تبعث برسالة إلى القاهرة دون تعليق المساعدات، فيمكنها أن تنهى الصرف المبكر لأموال المساعدات الذى طالما كان غير ضرورى. والأكثر أهمية، أن إدارة أوباما ينبغى أن تشجع الكونجرس على إعادة النظر فى التشريعات التى تمنح لمصر امتياز تمويل التدفق النقدى.
معهد واشنطن: وقف المساعدات العسكرية لمصر سيكون له آثار عكسية على المصالح الأمريكية.. هيكلة برنامج المعونة يسمح للقاهرة بشراء معدات مقدمًا مما يعنى خسارة كبيرة لشركات الدفاع فى الولايات المتحدة
الخميس، 05 سبتمبر 2013 11:42 ص
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة