عاطف سنارة يكتب: ليلة سقوط دمشق

"صوت العرب من القاهرة".. قالتها المذيعة من وراء حاجزها الزجاجى بعد أن أشار إليها مهندس الصوت بيده لتبدأ.. بعدها تحشرجت الكلمات ولم تخرج.. عليها أن تبدأ نشرتها.. غبّشت الدمعات عينيها.. جثم صخر على صدرها بعد أن رمقت الخبر.. القوات الأمريكية توجه ضربة عسكرية لسوريا.. آه.. لماذا يزورها الآن صوت صباح فخرى "يامال الشام".. وأمجاد يا عرب أمجاد.. لطالما أذيعت فى صوت العرب.. أين أمجادكم يا عرب.. ؟؟ فى بلدنا كرام أسياد.. لمعت فى ذاكرتها الأغنية.. وزفرت نهنهات النشيج.. كتم المهندس الصوت.. سوريا تُضرب.. كما العراق ضربت وليبيا.. سوريا الآن فى مرمى النيران.

صوت العرب من القاهرة.. أين صوتكم يا عرب؟ أين العرب ..؟ أمجاد يا عرب أمجاد.. السيد أوباما قرر ونفذ.. لم استسلمتم؟ لن استسلم أنا.. أشارت للمهندس أن يفتح الصوت بعد أن أذاع فواصل وطنية.. بدأت.. صوت العرب من القاهرة.. تحيا سوريا الشام ومصر العروبة.. تحيا الأخت الشقيقة.. معك يا سوريا.. بدأ العدو الأمريكى ضربته الوحشية للأراضى السورية.. بدأ استنزاف سوريا.. بداية النهاية كالعراق.. معول الهدم والخراب أتى به الأوباما كما فعل بوش فى العراق.. النظم فاسدة وديكتاتورية وتستحق أن تحاسب على إجرامها.. لكن من أعطى أمريكا حق المحاسبة؟؟ وهل المحاسبة القضاء علينا.. العراق وليبيا وسوريا.. يرمون البصر نحونا.. صوت العرب من القاهرة.. أين أنتم.. ؟؟ سوريا ومصر.. هما الجائزة الكبرى.. ستمنح لبنى صهيون.. أمجاد يا عرب أمجاد..

نشيج المهندس بالخارج انتشر صداه بالمكان.. توجه البعض ناحية الاستديو.. التفوا حوله وآذانهم تصغى إلى المذيعة ولا يزال صوتها يصرخ.. صوت العرب من القاهرة.. إلى أن هوت أرضا.. وبسط الظلام رداءه على المكان.. وسمع الحاضرون دوياً لم يسمعوا مثله من قبل.. حتى ارتموا جميعا أرضًا.. بينما أغنية أمجاد يا عرب تصدح وحدها فى المكان..