هيام محيى الدين تكتب: الشرق الأوسط بين جبهتين

الأربعاء، 04 سبتمبر 2013 07:17 م
هيام محيى الدين تكتب: الشرق الأوسط بين جبهتين صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان السقوط المدوى لحكم جماعة الإخوان فى مصر زلزالاً حقيقياً هدم بناء خططت له قوى عالمية وإقليمية لسنوات طويلة، وحين اقتربت من تحقيق ما خططت له كان للشعب المصرى وجيشه الوطنى رأى آخر هدم بناءهم على رءوسهم فاندفعوا للهجوم على مصر وجيشها بعنف كشف خداعهم وغباءهم وأفقدهم توازنهم وفضح مخططاتهم، واضطروا إلى إظهار وجههم القبيح وتناقض أهدافهم مع ما ينادون به من مبادئ الحرية والديمقراطية ومحاربة الإرهاب وتحقيق رغبات وآمال الشعوب فقد اتضحت الخطة الأمريكية فى تفتيت المنطقة وإثارة النزاعات الدينية والعرقية والمذهبية وتشجيع الحروب الطائفية لتسهيل السيطرة الأمريكية على المنطقة والحفاظ على أمن إسرائيل كما وضح ارتباط الخطة الأمريكية واعتمادها على تيارات التأسلم السياسى المتعطشة للحكم والتى لا تعترف بالوطنية ولا بالقومية وإنما تعتنق فكرا أمميا يريد إحياء الخلافة الإسلامية بشكلها العثمانى الذى قضى عليه أتاتورك سنة 1924 من خلال حمامات دم ومحاولات للسيطرة على الشعوب باسم الدين وإعادتها للعصور الوسطى والقضاء على أى فرصة لها للتقدم كدول مدنية وطنية حديثة مما يساعد الخطة الأمريكية ويصنع الفوضى الخلاقة التى تعيد تشكيل المنطقة من جديد تحت مظلة النفوذ الأمريكى.

وكان اكتشاف الدول التى ما زالت تحتفظ بوحدتها الإقليمية وكيانها الوطنى للخطة الأمريكية دافعاً لهذه الدول لمعارضة استيلاء تيارات الإسلام السياسى على الحكم فى المنطقة ومحاولة مقاومته مثلما فعلت الإمارات العربية والبحرين بتأييد واضح من المملكة العربية السعودية وكان أخطر ما يهدد هذه الدول هووصول هذا التيار للحكم فى مصر وانتهاجه سياسة واضحة تتسق مع المخطط الأمريكى لخلق الفوضى وتشجيع الإرهاب الدينى المتطرف وتجميع تياراته فى سيناء ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة المصرية، فلما قام الشعب المصرى بإسقاط هذا النظام وسانده جيشه الوطنى سارعت هذه الدول لتأييد رغبة الشعب المصرى والوقوف بجانبه، كما سارعت دول المحور المقابل المتمثلة فى تركيا وقطر إلى الهجوم على ما حدث فى مصر ووصفه بالانقلاب العسكرى على الشرعية، وتخبطت السياسة الأوربية بين تأييد المشروع الأمريكى لتمزيق المنطقة وبين مصالحها الأمنية والاقتصادية والتجارية فى المنطقة التى لا تعطى ثمارها إلا من خلال دول مستقرة وحكومات قوية فى دول المنطقة، وأصبح الأمريكيون فى وضع لا يحسدون عليه فهم إما أن يؤيدوا الإرهاب الدينى فيفقدون المصداقية وإما أن يضحوا بمخطط أنفقوا عليه المليارات وحقق نجاحات واضحة فى العراق والسودان وتونس وليبيا وسوريا وأصبح اليوم مهددا بالسقوط من خلال جبهة قوية تشكلها مصر والسعودية والإمارات والكويت والأردن، ولكن مشروع الإدارة الأمريكية مازال يملك جبهة مقابلة فى المنطقة تمثلت فى تركيا التى يحلم الحزب الحاكم فيها ذو الخلفية الدينية بإعادة الخلافة العثمانية والسيطرة التركية على المنطقة بالتحالف مع تيارات الإسلام السياسى وكانت مصر تحت حكم الإخوان تمثل درة التاج فى الحلم التركى وشكل سقوطهم صدمة كبرى لحلم أردوغان وحزبه كما انضمت قطر التى دفعها طموحها إلى أن تكون دولة مؤثرة فى المنطقة إلى وضع إمكاناتها المالية الكبيرة فى خدمة المشروع الأمريكى منذ التسعينيات أملاً فى أن تصبح إحدى الدول الإقليمية ذات النفوذ والتأثير وهوحلم أسطورى يتناقض مع حقائق التاريخ فرغم ثراء إمارة موناكو مثلاً فلم تستطع يوما أن تكون لاعباً مؤثراً فى السياسة الأوربية.
وقد تشكلت الجبهتان بسرعة فائقة تطلبتها سخونة الأحداث وشجع ظهور هاتين الجبهتين على استمرار إرهاب الإخوان فى مصر وعلى تمسك الشعب المصرى وجيشه بإبعادهم عن الحكم، ونستطيع بوضوح أن نرى الصراع العنيف بين كل من الجبهتين على ضمير العالم جبهة تقودها تركيا العثمانية وتمولها قطر وتعتبر حماس ذراعها العسكرية وجبهة تقودها مصر ميدانيا والسعودية سياسياً والإمارات والكويت والأردن دبلوماسياً ومالياً وتستخدم كل من الجبهتين أقصى قدراتهما السياسية والاقتصادية والدبلوماسية وعلاقاتهما الدولية واستثماراتهما المالية فى جذب التأييد العالمى لوجهة نظرها.
والحقيقة الموضوعية تقول أن الجبهة التى تستند إلى أرادة الشعوب هى القادرة على الانتصار فى هذا الصراع واعتقادى الشخصى أن إرادة الشعوب فى جبهة مصر والسعودية أكثر وضوحاً فى تأييد موقف حكوماتها منها فى الجبهة الأخرى، فالشعب التركى مثلاً لا يعيش حلم استعادة العثمانية مثلما يعيش الشعب المصرى حلم استعادة الحرية والديمقراطية، كما أن قطر وحماس لا تملكان أصلاً وجوداً شعبياً متحداً متماسكاً له حلم سياسى مستقل أصلاً كما أن شعوب السعودية والإمارات والكويت تتوافق مع حكوماتها بصورة أكثر تضامناً وثقة لذا أنصح الإدارة الأمريكية بأن تسلم بسقوط مشروعها لأن ذلك خير لها من أن تفقد شعوب المنطقة بصورة نهائية، قد يصعب فى المستقبل القريب عليها أن تستعيد ثقة هذه الشعوب، فهل يكف السيد أوباما عن مكابرته ويعود إلى التعامل مع الواقع أم يصر على أن يزج ببلاده فى معركة خاسرة مع شعوب لن تفرط فى إرادتها !؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة