نانى مختار تكتب: لماذا من حولك معقدين؟

منذ فترة ليست بقصيرة قرأت كتابا مترجما بعنوان "كيف تحصل على الحب الذى تريده"، أعتقد أنه كتاب تقليدى مثله مثل باقى الكتب التى تتحدث عن الحب، لكنى مع الغوص فى منتصفه اكتشفت أنه أعمق من أن يتصوره إنسان، لقد كان يتحدث فى الأصل عن "كيمياء الحب"، ولماذا يناسبنى شخصاً بينما أشعر بالضيق والضجر وعدم الارتياح من شخص آخر؟.

أرجع السبب فى ذلك هو "التكيف مع العقد النفسية"، حيث قال إن فى كل شخص حولنا عقدة ما، سواء أكتشفها أم لا، لكنها بداخله يتصرف بموجبها، ويجذب من حوله من يكمل هذه العقدة ويتباعد بدوره عن أنواع العقد الأخرى.

ستجد فترة فى حياتك، هذا إن لم تكن حياتك كلها، تحاول ألا تدخل فى علاقات عميقة مع الآخرين، يرجع سبب ذلك الرئيسى هو النفور من العقدة غير المشبعة فى هؤلاء الأشخاص، ستسأل نفسك "لماذا من حولى معقدين؟.. لماذا هم لا يفهموننى؟.. لماذا لا يشعرون بى؟"، بل وستتدخل فى دائرة إدانة للآخر طمعاً فى أن لا تصارح نفسك بأن فى داخلك عقدة، فشعورك بالظلم فى علاقاتك عقدة ألا وهى "عقدة تأنيب الذات"، والشعور بقسوة الآخرين. عليك أيضاً عقدة وهى "عقدة فقدان الأمن والحنان فى الصغر"، هذا يعنى أن غالباً إتهامك للآخرين عبارة عن عقد نفسية لم تستطع أن تتكيف مع عقد الآخر.

دعنى أضرب لك مثالاً آخر، هل رأيت هؤلاء الأنواع التى تنادى بأنها النوع الأهدى فى العالم، هؤلاء الأشخاص لا يشبعون فى علاقاتهم إلا إذا تواجدوا مع الأشخاص الأكثر ثرثرة فى العالم، فإن هذا بدوره سيفتعل الاتزان الحقيقى فى العلاقات، أو مثلاً إذا كنت من المصابين بعقدة "إدمان العمل" سيكون من الصعب عليك أن تتكيف مع أشخاص تفعل نفس ذلك الشىء عينه، لكنك ستبحث عن الأشخاص الأكثر كسلاً فى العالم كى تشعر من خلالهم بالإشباع، وبالطبع إن العكس صحيح.

لكن الحياة ليست بهذا السوء، كما أن الأشخاص الأسوياء موجودون لكنهم مكتفون بذواتهم، ومما يدعو للتفاؤل هو أن الكتاب الذى ذكرته سابقاً كان يركز فى النهاية على اكتشاف العقد فى سن صغير ومحاولة معالجتها لا كتمها ولا إشبعها بطريقة خاطئة، كما أن جزءاً من إحساسك بأنك على الطريق الصحيح نحو الشخصية السوية هو عدم إنكار العقد التى بداخلك.

من المؤسف حقاً أنك إذا شاهدت برنامجاً أو قرأت كتاباً عن مثل هذه العقد يتهمك الآخرين بأنك مجنون وفى حاجة إلى علاج، لكن الحقيقة هى أن المعقدين هم فى كل مكان وفى كل بيت بل وتستطيع بسهولة جداً أن تعرف أن الأغلبية العظمى معقدين، فإن لم يكن من الطفولة فسوف تنال العقد منهم عندما يكبرون كنوع من العدوى من هؤلاء الآخرين.
والآن هل عرفت لماذا من حولك معقدين!!