"حركة النهضة" التونسية تسير على خطى "المحظورة".. وارتفاع معدلات رفض استمرار "المرزوقى".. ويبحثون عن منقذ لـ"ثورة الياسمين".. وإجراءات أمنية مشددة فى كل شوارع العاصمة بزعم "الوضع الأمنى غير مستقر"

الإثنين، 30 سبتمبر 2013 03:38 م
"حركة النهضة" التونسية تسير على خطى "المحظورة".. وارتفاع معدلات رفض استمرار "المرزوقى".. ويبحثون عن منقذ لـ"ثورة الياسمين".. وإجراءات أمنية مشددة فى كل شوارع العاصمة بزعم "الوضع الأمنى غير مستقر" مظاهرات تونسية ضد الإخوان المسلمين - صورة أرشيفية
رسالة تونس- أمل صالح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رصدت "اليوم السابع" الأوضاع الأمنية والسياسية التى يعيشها الشعب التونسى فى الفترة الحالية، التى يسيطر فيها الإخوان المسلمون – حركة النهضة – على الحكم، وسط حالة من الغضب بين الشعب التونسى للأوضاع الحالية، وخروجه فى مظاهرات عدة ضد الإسلاميين للمطالبة برحيلهم.
« لأن الوضع الأمنى غير مستقر »، جملة تكررت طول فترة إقامتنا فى تونس الجميع يتشدق بها، «ضابط المرور، مسئولى أمن جميع المنشآت حيوية، المسئولين فى المعارضة وفى النظام التونسى حتى مسئولى ورشة العمل» طوال الرحلة كان جميع المسئولين الذى صادف القدر وتحدثنا معهم شديدى الحرص على اتباع الإجراءات الأمنية الكاملة، ورغم وجودنا فى مدينة ساحلية «مدينة الحمامات » إلا أن دوريات الشرطة كانت توجد بكثافة، فالحالة الأمنية كانت على أتم الاستعداد، دوريات الشرطة المرورية موجودة كل بضعة أمتار السؤال عن الرخص والهويات الشخصية وجميع الأوراق التى تخص الراكب أو السائل على الإقدام، الجميع يردد جملة واحدة «لأن الوضع الأمنى غير مستقر.. وأنت تعلم».

لم يكن أحد يتوقع أن تكون الحالة الأمنية فى تونس لهذا الحد، فتوتر الأوضاع فى تونس كان أقوى من محاولتنا، فرغم حماس زعيم حزب العمال التونسى «حمه الهمامى» من إجراء حوار صحفى معنا إلا أنه لارتباك الوضع الأمنى وتلقيه العديد من التهديدات بالتصفية الجسدية، وهو أمر شاهدناه بأنفسنا خلال زيارتنا لحزب العمال فى العاصمة التونسية، حيث انتشار أفراد الأمن وأفراد الحراسة الخاصة على بوابات الحزب، والسؤال والتفتيش بدقة عن كل شخص يدخل المقر، فكان الحل الوحيد إرسال الأسئلة الصحفية له عبر البريد الإلكترونى، الحق الرجل أجاب على أسئلتنا بحرية وشجاعة يحسد عليها.

الأمر الذى افتقده أعضاء الحزب الحاكم التونسى حيث حاولنا التواصل مع عدد من قيادات حزب النهضة، إلا أن الجميع رفض إجراء حوار مع جريدة « اليوم السابع» التى وصفوها هى ومحررتها بالجريدة المعارضة، والتى تساند المعارضة التونسية، خاصة بعدما اطلعوا على حوار بسمة زوجة الشهيد شكرى بالعيد، الذى أجرته الجريدة عقب اغتيال بلعيد، فضلا عن اضطلاعهم على جميع النماذج المهنية المنشورة عن تونس مؤخرا، حيث قيل لنا نصا «النهضة تعرف الصحفية وتتابع كتابتها عن تونس لذا ترفض الحوار »، لم يقف الأمر عند هذا الحد بل حاولنا أيضا التواصل مع مؤسسة الرئاسة التونسية لإجراء حوار صحفى مع رئيس الجمهورية المنصف المرزوقى، إلا أننا لم نحصل على رد.
وتسبب ارتباك الوضع الأمنى فى تونس فى بعض العقبات، حيث تعرضت لنا أكثر من مرة بعض القيادات الأمنية وتم التحرش بنا مباشرة وتعطيل عملنا، البداية كانت أمام الخارجية التونسية حيث طوابير المغتربين أو أصحاب العقد التى لا حلول لها، والروتين الحكومى والوجوه البائسة التى تجلس على رصيف الوزارة، رغم حديث الضابط المهذب، ورغم تعريفى بهويتى الصحفية إلا أن أحد الضباط أمام الخارجية التونسية منعنا من التقاط الصور أو التحدث مع المواطنين المتراصين أمام أبواب الخارجية، وكان نبرة إصرار فى حديثه واضحا فى نبرات الصوت الصارمة والثابتة، وإلزامنا بمسح كل الصور التى قمنا بالتقاطها والبعد تماما عن مبنى الخارجية مرددا نفس الجملة « الوضع الأمنى.. أنتم تعلمون».
هذا على سبيل المثال وليس الحصر، فجميع محاولات خروجنا من مدينة الحمامات أو الدخول إليها كانت محسوبة بالخطوة، فلا خروج أو دخول إلا ونحن نحمل شارات المعسكر ومعنا مرافق من الإدارة المنظمة، خوفا من أى احتكاكات بين الأمن وأفراد المعسكر، خاصة لوجود عدد من الجنسيات الأجنبية المشاركة فى المخيم.
إلا أن الأمر المثير للانتباه هو انعدام هذا الالتزام الأمنى فى مسيرة الاتحاد العام الاشتراكى التى ينظمها الاتحاد بالتوافق مع عدد من الأحزاب والكوادر اليسارية فى تونس أسبوعيا، كل يوم أربعاء، وذلك للتنديد بمقتل شكرى بلعيد، والتى انضمت إليها مؤخرا زوجة الشهيد محمد البراهمى آخر شهيد للقوى الإسلامية المتطرفة التى أصبحت واسعة الانتشار فى تونس، وليس فقط فى ضواحى العاصمة أو فى الجنوب، بل فى كل قطعة، يطوفون المدينة يسببون حالة من الارتباك فى أى مكان يسقطون فيه.
ولكن بنظرة أكثر عمقا للحالة العامة لسكان تونس، لا يمكن وصف تونس اليوم بأنها تعيش حالة من الخوف، أو حتى الإحساس بالقلق من انتشار تلك الجماعات المتطرفة، فهناك ملتحين يختلطون بشكل طبيعى وسلس بين سكان العاصمة يركبون وسائل المواصلات ويرتادون نفس المقاهى والمحلات بلا أدنى مشاعر قلق من العامة، كما أطلقت الدولة حملة تونسية تحت عنوان «لا ولاء إلا لتونس.. ورغم الاختلاف كلنا واحد »، فى محاولة لإعادة الدمج بين طوائف المجتمع التونسى، سواء أكان ملتحٍ أو غير ملتحٍ أو امرأة متحجبة أو لا ترتدى الحجاب.

فى الشارع التونسى وبعد حديثنا مع عينات عشوائية من سكان مدن «سوسة والحمامات والعاصمة التونسية» الجميع يمتلك الثقة الكاملة فى الدفاع عن حريته، والتى خاضوا من أجلها ثورة الشجاعة والطموح والثقة فى القدرة على إسقاط النظام، وهو تحليل ذهب إلية حمه الهمامى رئيس حزب العمال، والذى كان محور اهتمام الشارع التونسى أيضا، فالخوف من الإفلاس وتضائل فرص العمل أمر يشغل بال الجميع، خاصة العمالة الأجنبية فى تونس، حيث تمكنا من مقابلة عدد من أفراد العمالة المصرية والجزائرية والمغربية فى تونس، والجميع فى حالة قلق وتوتر من انحصار فرص العمل وتسريح الكثير من العمالة الزائدة فى الفترة السابقة.
وعلى الرغم من انتشار حالة التفاؤل بين الجميع، وليس فقط ضمن أفراد مسيرة الاتحاد العام الاشتراكى الأربعاء الماضى، تنديدا باغتيال رموز المعارضة التونسية، والتف حولها العشرات من أهالى الحبيب بورقيبة بين متحمس للمشاركة ومتفرج ومشارك صامت، إلا أن حالة الترقب كانت موجودة لدى الجميع، الجميع ينتظر تصاعد متوتر وسريع للأحداث فى تونس، فالهدوء الذى كان يسيطر على المظاهر الخارجية لشوارع تونس كان هدوء أشبة بالسكون قبل العاصفة، الجميع كان يتهامس حول ارتقاب ثورة قريبة، ثورة تطيح بالجميع، الخوف من إراقة المزيد من الدماء تحديدا بعد انتشار الجماعات المتطرفة فى شوارع تونس، كان الهاجس المسيطر على الجميع.

كان من الواضح بشكل لا يحمل مجالا للشك انخفاض كبير فى شعبية رئيس الجمهورية محمد المرزوقى بالشارع التونسى، حيث كان يصفه البعض بالـ "الطرطورى، فضلا عن كرهه الشارع التونسى لحزب النهضة الحزب المسيطر على الحكم فى تونس والتى يقود حكومة الترويكا، كما أن موقف الجيش التونسى من الأحداث كان يحتل مركز الصدارة فى اهتمامات الشارع التونسى أيضا، حيث كان البعض بين فكرة استعداد الجيش للتدخل لإنقاذ تونس على غرار التجربة المصرية، وبين معارض لإمكانية تدخل الجيش للعديد من الأسباب على رأسها ضعف الكفاءة السياسية للجيش التونسى، نظرا لانعزاله التام عن أى عملية سياسية طوال فترة حكم بن على وحتى اليوم، ثانيا انشغال الجيش بالتأمين الخارجى لتونس خاصة لوجود بعض النزاعات على الحدود التونسية بين تونس والجزائر، مما يجعل مهمة الجيش فى الحفاظ على الأمن الخارجى للبلاد ثقيلة، الأمر الأخير المسبب لانتشار بعض الهواجس من إمكانية مساندة الجيش للثورة التونسية المرتقبة على النظم التونسى هو حركة التغيرات الحرية التى أجراها المرزوقى لبعض القيادات العسكرية، مما يدفع للقلق من مدى ولاء الجيش للشعب أو السلطة.
ويمكن باختصار القول إنه على الأقل فى المدن التى تجولنا بها كانت تلك هى الروح التى ظهرت لنا فى سوسة والحمامات ونابل، الجميع على ثقة بأن النظام الإسلامى غير المستوعب لمطالب الشعب التونسى فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية سيأتى يوم ويسقط، هكذا أثبت التاريخ فى تونس.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة