كشفت أرقام صادرة عن ورشة عمل أقيمت فى معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية الفلسطينى، أمس السبت، أن نسبة البطالة بين شباب مدينة القدس المحتلة، بلغت أكثر من 31٪ خلال النصف الأول من العام الجارى، فيما بلغت بشكل عام لدى القادرين على العمل هناك 25٪.
بينما لامست نسبة الفقر بين العائلات المقدسية ما نسبته 50٪ خلال نفس الفترة، وفق أرقام الإحصاء الفلسطينى الواردة فى دراسة بعنوان "أطلس الفقر فى فلسطين" والصادرة نهاية يونيو الماضى.
وينفذ الشباب المقدسى وبشكل يومى هجرات إلى خارج الجدار، أى باتجاه مناطق الضفة الغربية للبحث عن فرص للعمل فى مدن رام الله وبيت لحم خصوصاً، لأسباب تتعلق بمركزية الحركة الاقتصادية والمؤسساتية فى هاتين المدينتين، وللقرب الجغرافى من القدس.
ولا يتجاوز حجم الاقتصاد العربى داخل إسرائيل، ما نسبته 1٪ فقط من مجمل الاقتصاد الإسرائيلى، لذا فإن نسبة البطالة داخل مجتمع واحد يضم العرب واليهود متفاوتة بدرجة كبيرة جداً، ففى الوقت الذى تتجاوز فيه 31٪ لدى الشباب العرب، فإنها تقل عن 5٪ بين الشباب الإسرائيليين، بينما تصل نسبة البطالة فى صفوف الإسرائيليين القادرين على العمل إلى 7.8٪.
ويعانى المقدسيون من تمييز عنصرى، تقوده المؤسسات والشركات الإسرائيلية الخاصة والحكومية، حيث يمنع لأى عربى التقدم لوظيفة حكومية إلا إذا كانت الجامعة التى تخرج منها إسرائيلية أو معترف بها وفق سياساتها وأن يكون متقناً للغة العبرية، حيث لا تعترف هذه المؤسسات والشركات بجامعتى القدس الواقعة فى بلدة أبو ديس قضاء القدس، وجامعة القدس المفتوحة "أكبر الجامعات الفلسطينية" والتى لها فروع فى كل مدن الضفة، بحسب الخبير فى الاقتصاد المقدسى، محمد قرش.
وقال قرش خلال اتصال هاتفى مع الأناضول، إن المدينة المقدسة أضحت مكاناً للمبيت فقط، بعد هجرة الآلاف للعمل خارج الجدار، باتجاه مدن الضفة، "بينما يجب أن تكون نقطة قوة اقتصادية واجتماعية، لكن هذه النتائج تسببت بها السياسات الإسرائيلية".
ويبلغ عدد سكان مدينة القدس داخل الجدار "ضمن حدود إسرائيل" نحو 245 ألف نسمة، فيما يبلغ عدد العاملين فيها قرابة 40 ألفاً، وتبلغ نسبة البطالة لحاملى الشهادات الجامعية 25٪، وفقاً للخبير فى الاقتصاد المقدسى.
وتعانى الأسواق داخل مدينة القدس من ارتفاع كبير فى أسعار السلع والبضائع، بسبب الضرائب التى تفرضها إسرائيل على المحال التجارية من جهة، ولارتفاع متوسط أجر العامل أو الموظف فى إسرائيل ليتجاوز 4200 شيكل (1185) من جهة أخرى، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر إلى 50٪ خلال السنوات الثلاث الماضية، بعد أن بلغت 36٪ عام 2010.
وأدى هذا الارتفاع الكبير فى أسعار السلع، إلى رفع نسبة الفقر داخل المدينة المقدسة، لأن غالبية الموظفين يعملون خارج الجدار، كما جاء على لسان أستاذ الاقتصاد فى الجامعة العبرية، هادى جبران.
وقال للأناضول، إن المتوسط السنوى لدخل الفرد فى فلسطين لا يتجاوز 2092 دولارا سنوياً، مقارنة مع 32 ألف دولار للإسرائيلى "أى 15 ضعف الفلسطينى، وهذا المؤشر وحده كافى لإظهار نسبة الفقر لشريحتين اجتماعيتين يعيشون فى بيئة واحدة وغلاف اقتصادى يجمعهما".
وعلى الرغم من المؤتمرات الاقتصادية التى يعقدها رجال الأعمال والحكومة الفلسطينية خلال السنوات السابقة، إلا أنها وفق قرش لم تخرج إلى حيز التطبيق حتى اليوم، "والدليل هذه الأرقام الاجتماعية والاقتصادية الظاهرة".
وعقد فى المدينة منذ العام 2010 ثلاثة مؤتمرات للاستثمار، بمشاركات المئات من رجال الأعمال الفلسطينيين، والعشرات من رجال الأعمال العرب، بهدف النهوض فى الواقع الاقتصادى لمدينة القدس وتثبيت سكانها.
وفى مؤتمر الاستثمار المنعقد فى مدينة بيت لحم، عام 2008، فإن حجم الدعم الذى قدمه المستثمرون لمدينة القدس بلغ صفر شيكل، من أصل 500 مليون دولار، إجمالى قيمة المشاريع الموقعة خلال أعمال المؤتمر آنذاك.
وكانت القدس قد خسرت نحو 40٪ من تجارتها ومحالها، مع استمرار انتفاضة الأقصى التى بدأت عام 2000، حيث انتقلت غالبية هذه المحال إلى الضفة الغربية، وخاصة إلى مدينة رام الله.
