رصدت صحيفة "الجارديان" البريطانية فى تقرير لها اليوم الثلاثاء الموقف العربى المتشابك حول توجيه ضربة عسكرية غربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وحول تصريحات الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى يخرج كل يوم بتصريح جديد حول العدوان على سوريا، وبشار الأسد الرئيس السورى الذى يصول فى شوارع سوريا بسيف عنترة.
ورأت الصحيفة أن السوريين فقدوا الثقة فى دوافع الولايات المتحدة الأمريكية لشن الضربة الجوية ضد سوريا؛ حيث أن هذه الضربة لن توقف الذبح الوحشى للمدنيين، كما أنها لن تساعد الثوار بشكل مباشر. وذكرت أن العالم العربى اشتاق كثيرا للتخلص من النظام الوحشى لبشار الأسد على مدار الأعوام الماضية؛ حيث أنه يعد بالنسبة لهم الشر المطلق، مشيرة إلى أن الأجيال القادمة سوف تتذكر المذابح الوحشية التى ارتكبها النظام الحاكم السورى وصور النساء والأطفال الذين تم ذبحهم، مضيفة أن الرغبة الملحة لإسقاط هذا النظام لم تتحول قط، بالنسبة لأغلبهم، إلى تأييد للتدخل العسكرى الأمريكى جراء تخوفهم من الدوافع الأمريكية وراء الضربة الجوية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما استخدم فى خطابه الأخير يوم السبت الماضى الكثير من العبارات المشحونة بالعواطف مثل "المسئولية الأخلاقية" من أجل تبرير عقاب النظام الحاكم السورى على استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، مضيفة أن الكثيرين من العرب لم يشعروا بهذه المسئولية الأخلاقية فى تعاملاتهم مع الولايات المتحدة جراء فقدها لمصداقيتها فى الشارع العربى على مدار العقود الماضية.
وأضافت الصحيفة أن الشارع العربى ترسخت لديه صورة لازدواجية المعايير الأمريكية وتحيزها السياسى ضد المصالح العربية، خصوصا فيما يتعلق بانحياز الولايات المتحدة لإسرائيل ودعم الولايات المتحدة للأنظمة العربية المستبدة منذ أمد بعيد، وقد تعززت هذه الصورة بشدة بعد "حرب واشنطن على الإرهاب" وغزوها لأفغانستان والعراق.
ونوهت الصحيفة إلى أن هناك أسبابا أخرى تبرر تخوف العرب من الضربة الجوية الأمريكية على سوريا، والتى سردتها كالآتى، أولا: أن الولايات المتحدة اتبعت سياسة "الخط الأحمر" بعد الهجمات الكيميائية التى تزعم قيام النظام السورى بارتكابها ضد المدنيين فى الآونة الأخيرة، بعدما تجاوز النظام السورى كافة الخطوط الحمراء منذ أكثر من عامين بداية من قتله للمدنيين حيث وصل عدد القتلى إلى 000ر100 شخص، وتشريد أكثر من مليون لاجئ وتدمير الأحياء السكنية واستخدام كافة الأسلحة ضد المدنيين، لافتة إلى أن الضربة الأمريكية المتوقعة ترتبط برغبة الولايات المتحدة فى إنهاء الإخفاقات التى لحقت بمكانتها الدولية على المدى الطويل؛ حيث أن صمت أوباما فى الوقت الحالى سوف يكشف ضعف الولايات المتحدة وعجزها أمام العالم، مما يبرهن حاجة الولايات المتحدة إلى تنفيذ هذا الهجوم.
وأردفت الصحيفة أن السبب الثانى الذى يدعو إلى التساؤل حول جدية الولايات المتحدة هو أن أى ضربة سوف تقوم بتوجيهها سوف تكون محدودة من حيث الأهداف والمدة الزمنية، كما أنها لن تهدف إلى إسقاط النظام الحاكم، مما يدعو السوريين والعرب إلى التساؤل "ماذا سيحدث بعد هذا الهجوم؟"، مشيرة إلى أن النظام قد يتردد فى استخدام الأسلحة الكيميائية فى المستقبل، ولكنه لن يتردد فى قتل المدنيين بوسائل أخرى، أو بمعنى أصح، أنها سوف يستمر فى القتل وفقا للمعايير الأمريكية وسيواصل الشعب السورى دفع الثمن باهظا.
واختتمت الصحيفة بالقول أن العرب يتخوفون من أن تفتح الضربات الجوية الأمريكية مجالا لتدخل الولايات المتحدة فى الشئون السورية فى المستقبل.
الجارديان تؤكد: العرب منقسمون بين أوباما "المحارب بالثرثرة" والأسد "سيف عنترة".. والسوريون يشككون فى دوافع أمريكا ضد سوريا.. البعض يراها "حتمية" للتخلص من الأسد وآخرون يعتبرونها "مؤامرة"
الثلاثاء، 03 سبتمبر 2013 03:29 م