محيى الدين سعيد يحلل : فى الصين تدخل العسكريون لقمع الحركة الطلابية.. وفى مصر انحازت القوات المسلحة للمطالب الشعبية التى انطلقت فى ثورة 30 يونيو.. وباحثون: جيش مصر ذو عقيدة وثقافة وطنية

الأحد، 29 سبتمبر 2013 02:38 ص
محيى الدين سعيد يحلل : فى الصين تدخل العسكريون لقمع الحركة الطلابية.. وفى مصر انحازت القوات المسلحة للمطالب الشعبية التى انطلقت فى ثورة 30 يونيو.. وباحثون: جيش مصر ذو عقيدة وثقافة وطنية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن تدخل الجيش المصرى فى المشهد السياسى فى البلاد سواء مع أحداث ثورة يناير 2011 أو ثورة يونيو 2013 أمرا ابتدعه الجيش المصرى لرغبة منه فى الهيمنة على إدارة البلاد، فهناك حول العالم المئات من التجارب التى استدعت تدخلاً من الجيوش فى الشأن السياسى لبلادها، ومن هذه التجارب ما نجح ومنها ما فشل، بحسب طبيعة تلك البلاد، وبحسب القائمين على التدخل وأصحاب القرار بشأنه.

ويجمع خبراء السياسة على أن «الجيوش فى العالم الثالث لعبت دور المؤسسة الرسمية أحياناً ومثلت دور المؤسسة ذات النوعية الخاصة أحياناً وأدت الدورين فى آن معاً أحياناً أخرى، فالمؤسسة العسكرية هى جزء لا يتجزأ من جهاز الدولة أولاً، وتعتبر بمثابة التنظيم السياسى المتميز عن الأحزاب والتشكيلات التقليدية ثانياً، كما أنها فى معظم المجتمعات قد اشتركت فى سمة عامة تتلخص فى تحقيق التغيير السياسى الاجتماعى الإيجابى أحياناً وإعاقته أحياناً أخرى».

وبحسب دراسة للباحث بشير عبدالفتاح حملت عنوان «الأدوار المتغيرة للجيوش فى مرحلة الثورات العربية»، فإن «التجارب السياسية العربية الحديثة تجنح فى معظم الحالات، باتجاه وضع العديد من الجيوش العربية ضمن قائمة الجيوش «المتدخلة» فى العملية السياسية، استناداً لأسباب عديدة، من أبرزها: الدور البارز الذى اضطلعت به تلك الجيوش فى استقلال بلدانها عن الاستعمار الأجنبى، فضلاً عن هشاشة الوسائط السياسية العربية المدنية، كالأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى، علاوة على نمط التربية العسكرية لهذه الجيوش، ومناخ العلاقات المدنية العسكرية الذى يحوطها».

عن تجربة تدخل العسكريين فى الشأن السياسى العام تعقد الباحثة فى الشئون الصينية الدكتورة نادية حلمى، مقارنة بين التجربتين المصرية والصينية حيث لعب الجيش الصينى دوراً مؤثراً فى الحياة السياسية فى فترة من الفترات، خاصة بعد تصديه لمحاولات الخروج عن النظام الشيوعى الحاكم فى البلاد، وإجهاض الحركة الطلابية الديمقراطية التى تنادى بالحقوق والحريات فى ميدان «تيان آن مان» الذى يقع فى وسط العاصمة الصينية «بكين»، وخلصت فيها إلى أن «الجيش الصينى تدخل لحماية وضمان أمن النظام الصينى على حساب الشعب والحركة الطلابية المنادية بالديمقراطية والإصلاح، بينما كان نمط تدخل الجيش المصرى فى الحياة السياسية خاصة بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو للحماية والانحياز للشعب على حساب السلطة الحاكمة سواء فى عهدى مبارك أو محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، وتلفت إلى أن العسكريين بمستوياتهم المختلفة، يتسمون بمجموعة من السمات الاجتماعية والأيديولوجية المتباينة، وأن هذه السمات تمثل جزءاً من المقدمات الهامة للتدخل العسكرى فى الشئون السياسية باعتبارهم جزءا من الأمة ومن النسيج الوطنى، لذا فمن واجبهم التدخل لإنقاذ البلاد من فوضى ما فى مراحل تاريخية وانتقالية معينة».

وتضيف أن المؤسسة العسكرية وإن كانت واحدة من أهم الأطر أو التنظيمات الاجتماعية التى تسهم فى تحريك بنية المجتمع، باعتبارها مجالاً مفتوحاً للعمل، ويتحقق فيها مستوى أعلى من التوحد الوطنى، بفعل وطنية أو قومية أهدافها، ومن خلال السياسات العامة التى ترسم لبناء وإعداد وحداتها، والتى يهدف جانب منها –السياسات– إلى إذابة كل أشكال الولاءات الضيقة وتجسيد الولاء الوطنى كقيمة اجتماعية ووطنية عليا. وبالتالى فإن المؤسسة العسكرية وإن كانت كذلك إلا أنها لا يمكن أن تصبح طبقة أو فئة اجتماعية موحدة بقدر ما هى كيان تنظيمى موحد يتميز بالتزامه الصارم بأشكال تنظيمية وقانونية محددة تنتظم من خلالها خطوط العلاقات الرأسية والأفقية فى إطار تسلسل هرمى واضح ودقيق وطاعة عسكرية عالية.

وتقول الباحثة إن الجيش المصرى يتسم بكونه ليس جيشاً أيديولوجياً، لكنه جيش ذو عقيدة وثقافة وطنية، وهو جيش غير متحزب وغير طبقى، تأتى عناصره وقياداته من المخزون الثقافى المصرى فى ريف مصر وحضرها دون تمييز، مشيرة إلى أن ثورة الخامس والعشرين من يناير2011، وما أفرزته من عجز السياسيين، كما الأجهزة الأمنية، عن احتواء ثورة الغضب، فتحت الطريق مجدداً أمام عودة الجيش – بعد سنوات من البعد عن المشهد السياسى - لاحتلال صدارة الحياة السياسية بشكل تدريجى وغير مباشر، ثم بآخر صريح، بعد أن سلم الرئيس السابق، مجبراً، السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى عقد بدونه حتى قبل التنحى، موضحة أن الجيش المصرى يبدو ميالاً للعب دور «الضامن» لعملية الانتقال السلمى والآمن والمنضبط نحو الديمقراطية بفعالية، وبأقل تكلفة اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية ممكنة، استناداً لخطة واضحة ومتكاملة، ووفقاً لجدول زمنى محدد.

وتلفت إلى أن الجيش وبعد أن حل البرلمان بعد ثورة يناير ووعد بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية حرة خلال ستة أشهر، شكل لجنة لتعديل الدستور، وحدد موعداً للاستفتاء على التعديلات «الخلافية» التى وضعتها اللجنة، كما أعلن عزمه عدم تقديمه مرشحاً رئاسياً فى الانتخابات المقبلة، ولم يسند المجلس العسكرى أياً من المهام الإدارية أو السياسية لأى من رجالاته، باستثناء رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون التى لم تستمر سوى بضعة أيام، وهى الخطوات التى ارتأى فيها فريق من المراقبين أدلة على استعداد المجلس العسكرى لتسليم الحكم إلى سلطة مدنية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة