فى تونس تتعرض حرية الإعلام والكلمة لأعلى درجات الإيذاء، فرغم قيام الثورة التونسية أولى ثورات الربيع العربى من أجل الحرية فى الكلمة والحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية، تتعرض الآن وفقا لشهادات أصحابها للقمع والانتهاك ومحاولة تكميم أفواه الصحافة التونسية، وفقا لمركز الاعتداء على الصحفيين التونسى، تعرض فى شهر أغسطس فقط عدد كبير من العاملين فى المجال الإعلامى للعديد من الانتهاكات، حيث تعرضت 14 امرأة و37 رجلا يعملون فى 8 قنوات تلفزيونية و11 إذاعة وخمسة صحف، وأربع مواقع إليكترونية، ووكالة أنباء وحيدة "وكالة تونس لإفريقيا للأنباء"، للانتهاك المباشر كما تعرض اثنان من المدونين، وتعرض 7 صحفيين للمضايقات الأمنية، و6 حالات عنف جسدى، و4 حالات اعتداء لفظى، 3 حالات منع من العمل، و3 عمليات اقتحام مقار مؤسسات إعلامية.
والاعتداء على الصحفيين لم يقف عند الاعتداء الجسدى أو المضايقات، ولكنها كانت تصل لحد الاعتقال فى السجون التونسية، والتهمة قد تكون مساندة زميل أو نشر خبر أو صورة صحفية، تماما كما حدث مع مراد المحرزى مصور تلفزيونى اعتقل بسبب قيامه بتصوير مشهد إلقاء زجاجة مياه من أحد المعارضين على وزير الثقافة التونسى، اعتقال المحرزى تسبب فى اعتقال الصحفى زياد الهانى، الصحفى الذى اعتقله النظام وألصق له بعض التهم المعادية للأمن التونسى الداخلى بسبب تأييده لزميل المهنة مراد المحرزى، بعد أحد لقاءاته التلفزيونية، ليكون الجزاء يختلف عن العمل.
فى أحد مقاهى حى الحبيب بورقيبة، على بعد أمتار من قلب الميدان، التقينا الزميل الصحفى زياد الهانى أحدث صحفى تم إطلاق صراحه من المعتقلات التونسية بتهمة مساندة زميل مهنته، رغم قصر مدة اعتقال الزميل زياد الهانى، والتى لم تزد على ثلاثة أيام، إلا أن اعتقاله فتح الباب لإخراج كل الاحتقان داخل الصحفيين، حيث يعتبر الهانى بمثابة شيخ الصحفيين بالنسبة لمجتمع الصحفيين فى تونس.
قال الهانى "بعد إصدار النائب العام التونسى أمر باعتقال الزميل المصور التليفزيونى مراد المحرزى، بعد مشاهدة تصوير الزميل لمشهد اعتداء أحد الأفراد برش المياه فى وجه وزير الثقافة، قام بتلفيق تهمة له باشتراكه فى تدبير مؤامرة الاعتداء على وزير الثقافة، وهو لم يقم إلا بعمله فقط كمصور تليفزيونى، بعد اعتقال الزميل مراد ظهرت فى إحدى القنوات وقمت بكشف ما قام به النائب العام، الأكثر أن النائب العام حاول تلفيق تهمة تعاطى المخدرات للزميل مراد بعد رفضه التوقيع على الأقوال التى لفقت له".
وعن أسباب اعتقال الهانى قال "طالبت خلال مقابلتى التليفزيونية بمحاكمة النائب العام لارتكابه جريمة احتجاز شخص بموجب غير قانونى، لأفاجأ بتقديم النائب العام بنسخة من الحلقة التليفزيونية لوزارة العدل ورفع شكوى ضدى»، وعن الانتهاكات التى تعرض إليها الهانى قال «القضية من بداياتها كانت تمثل بعض المغالطات، حيث تم نظر القضية أمام قاضى كان مساعدا للنائب العام، وقتها طالب المحامين بنقل القضية إلى محكمة أخرى نظرا، لأن الشاكى له تأثير على القاضى، فالنائب العام سيكون بذلك الخصم والحكم بنفس الوقت».
أمر الاعتقال صدر للهانى أثناء إجرائه للتحقيق، إلا أن اعتقاله لم يكن هو المفاجأة ولكن المفاجأة كانت فى الطريقة التى تم بها إصدار أمر الاعتقال، يقول الهانى «أثناء التحقيق معى فوجئت بوجود ورقة مطوية دخلت لقاضى التحقيق بها أمر اعتقالى مباشرة دون استكمال للتحقيق معى».
«عرفت الأنظمة الحاكمة فى تونس بمدى شراستها فى التعامل مع الوسائل الإعلامية، إلا أن النظام الإسلامى تعدى كل الخطوط الحمراء»، هكذا قال الهانى واصفا علاقة الأنظمة المتعاقبة فى تونس مع الإعلام إلا أنه خص النظام الحالى بقوله «علاقة الإعلام بالأنظمة الحاكمة دائما متوترة، ومررنا بالعديد من المراحل السيئة مع جميع الأنظمة السياسية وصولا للحكومة الحالية التى تقودها حركة النهضة، فالصراع مع الحكومات هو صراع طبيعى، فالسلطة تحاول فرض سيطرتها على حرية الإعلام.. والصحفيون دائما يقاومون ويحاولون فرض حريتهم، إلا أن النظام الحالى تجاوز الصراع حدوده الطبيعية، حيث تقوم الحكومة الحالية بتكوين ميلشيات مهمتها الاعتداء على الصحفيين، وترويعهم، حتى وصلت إلى مرحلة الاعتداءات الجسدية، وأخيرا وصل الأمر لحد وضع الصحفيين بالمعتقلات وسجون النظام».
كان الرد الطبيعى من نقابة الصحفيين التونسية أن تقوم بالتصعيد العام ضد النظام القمعى _ على حد تعبير الهانى، فكانت أولى خطواته هو الاعتصام العام، لتأتى بعدها خطوة إصدار النقابة لبيان عام تدين فيه النظام الحاكم، وتتهمه بالوقوف خلف الاعتقالات المتعددة، كما قامت هيئة المحامين التابعة لزياد الهانى بعدد من الإجراءات التصعيدية، حيث تقدموا ببلاغ ضد النائب العام واتهامه باحتجاز شخص دون مرجعية قانونية، أما عن حال قطاع الصحفيين فى تونس، فأكد الهانى أنه رغم سوء حال الأوضاع الاجتماعية والمادية لصحفى تونس إلا أنهم لم يقوموا يوما بإضراب من أجل تحسين أوضاعهم المعيية وكل إضراباتهم تصب فى إطار تحقيق حرية الكلمة، والمطالبة برفع أيادى النظام عن الإعلام.
الصحفى زياد الهانى لـ"اليوم السابع": الحكومة التونسية الحالية تطلق ميلشيات للاعتداء على الصحفيين وترويعهم.. أمر اعتقالى جاء بأمر مباشر من النائب العام وليس قاضى التحقيقات.. وإضراباتنا لحرية الصحافة
الأحد، 29 سبتمبر 2013 03:16 م
الصحفى زياد الهانى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة