تأتى مواعيد الأجازة الصيفية، ويستعد ملايين المغتربين لقضاء العطلة فى ربوع الدول العربية، بين الأهل والأحباب، وهنا تبرز العديد من المشاعر التى يختلط فيها الفرح بالكثير من القلق والحيرة، وضرب الأخماس بالأسداس، الفرح لقرب التلاقى مع الأهل والقلق من هاجس الاستعداد للسفر، فطوال العام يحاول المغترب توفير الأموال وادخارها للأجازة وذلك لتعدد منافذ المصارف التى ستنفق فيها هذه النقود، وتبدأ بهاجس التسوق وشراء الهدايا، وما أدراك ما الهدايا، فالأهل المقربون لهم هداياهم الخاصة، وأهل الزوجة والزوج لهم أيضًا العديد من الهدايا المحددة بالطلب ومن غير الطلب.
فلابد أن تكون الهدايا متقاربة فى الشكل والسعر، ولو كانت الهدية عادية أو موجودا منها فى بلداننا، فإن صاحبها يتلقاها بامتعاض شديد. فبند الهدايا فى كل سفرية يعتبر ميزانية إضافية، مهما قلل المغترب من كميتها أو جودتها، ثم تأتى بعد ذلك ضرورة شراء بعض احتياجات المغتربين أنفسهم من الأطعمة والوسائل التى اعتاد عليها الأولاد، بل والبيوت فى بلاد المهجر، والتى تشكل أسلوب حياة يومى من "حلوى الشيكولاتة والقهوة وبعض الأجهزة الإلكترونية والأدوات التى تسهل من واقع الحياة الصعب، فى بلادنا الأصلية، والتى لم تعد تروق لأحد بالداخل، فما بالكم بالمتعايشين مع حياة عصرية سهلة مملوءة برفاهيات استهلاكية متجددة، وميسورة فى البلاد الأوروبية، والتى اعتادوا عليها كمكون أساسى فى نظامهم الغذائى اليومى، "ويأتى شراء الملابس الجديدة للزوجة والأولاد وما يسمى بأطقم السفر، والمباهاة والتفاخر بالملبس الفخم، وبأغلى الماركات المعروفة لدى الأجيال الجديدة، والتى نمت وترعرعت فى بيئة تهتم كثيرًا للمظهر العصرى الملون والمتجدد والأنيق ويحرصون عليه كعامل ضغط مؤثر جدًا على الآباء واقتناص تلك الفرصة بعد أن تجاهلهم الآباء، فى مواقف أخرى للشراء والاستهلاك.
وخاصة ملابس النساء تشكل العبء الأكبر، لأن ذلك يتضمن ما تتباهى به أمام نظيراتها من النساء، ومن العيب أن تعود بنفس الملابس والأحذية والحقائب والإكسسوارات التى ذهبت بها قبل سنة أو سنتين، والبنات أيضًا مدرجات فى هذا المسلسل فلابد من "الدندشة" بكم التنوع فى الموضة والألوان.
فهذا المنظر المتكرر الممزوج بالأسف على حال المغتربين والمغتربات بكم الحقائب، وشكلها الزائد عن الوزن المسموح به على خطوط الطيران والمكدسة بما تهوى الأنفس وفى "وضع استعداد للانفجار، "والتحايل بكل الوسائل لعدم دفع سنت واحد، لما يحملونه من حمولات زائدة يجعل من صورة المغتربين فى مطارات أوروبا، منظرًا ممجوجًا للغاية، إلا ما رحم ربى.، وقد ترامى إلى سمعى أن البعض يقترض من البنوك لتغطية نفقات الأجازة، لأن ما ادخره طوال العام، يكون قد ذهب مع الريح بما فى ذلك أسعار التذاكر الباهظة، والتى تمثل عبئا بذاتها هى أيضًا.
وبعد كل هذا لابد من تخصيص مبلغ لإنفاقه أثناء فترة الأجازة، ولابد أن يكون الإنفاق بسخاء، فهو يقيم فى أوروبا، هذا فى ما يتعلق بأسرة المغترب.
لا أدرى إلى متى يظل مفهوم الاغتراب لدينا نحن العرب، يأخذ هذا الشكل الضيق، من جمع النقود وإنفاقها فى الأجازة ببذخ وفى أمور تافهة؟
لماذا لا نتعلم أصول الاغتراب من الجنسيات الأخرى، والتى نختلط بها فى بلاد المهجر من حسن التصرف فى الأموال التى ندخرها، وحسن توظيف إنفاقها فيما لا يحدث أى خلل فى التوازن ما بين الادخار والإنفاق بلا إفراط ولا تفريط.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام
والله عندك حق