تباينت الآراء القانونية حول حكم محكمة الأمور المستعجلة بعابدين بحظر أنشطة تنظيم الإخوان بمصر وجماعة الإخوان المنبثقة عنها وجمعية الإخوان وأى مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها تم تأسيسها بأموالهم، والتحفظ على جميع أموالها العقارية والسائلة والمنقولة، سواء كانت مملوكة أو مؤجرة لها، وكذلك كافة العقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إلى إدارتها. وبغض النظر عن تلك التباينات بين أهل الاختصاص إلا أن الحكم ترك ارتياحًا كبيرًا بين قطاعات عريضة من الشعب المصرى، وسبب الارتياح يرجع إلى الرغبة فى التخلص من هذا التنظيم الذى أتعب المجتمع المصرى، وشق صفه، وولد حالة استقطاب حادة بداخل نسيجه الوطنى على أساس دينى. إلا أن حالة الارتياح هذه لابد وأن تكون وقتية حتى لا نغرق فى حالة الانتشاء الراهنة، ونغفل بفعل التفكيك التنظيمى للجماعة ضرورة وأهمية التفكيك الفكرى. فالتنظيم يسهل إعادته إلى حيز الوجود من خلال النشاط السرى، أو العودة تحت مسميات وأغطية أخرى أو الاختفاء تحت تنظيم حزبى قائم له شرعية قانونية، وبالتالى تعود الجماعة إلى الوجود من الأبواب الخلفية متجاوزة بذلك حكم القانون وأحكام القضاء. ومن هنا تبرز أهمية التفكيك الفكرى للجماعة. والتفكيك الفكرى يقتضى قيام الأزهر الشريف وعلماء الأزهر بعرض فكر الجماعة على شمس الفكر والشرع لبيان الغث من السمين من هذا الفكر، ابتداءً بفكر حسن البنا من خلال كتيباته، وبيان أوجه الانحراف والتطرف فيها، ليس بقصد التشهير أو الحط من القيمة، وإنما من باب العرض وفقًا لمنهج نقدى معتبر يبين قيمتها الحقيقية وموقعها من التاريخ الفكرى للمسلمين. ثم بيان مصادر هذا الفكر وجذوره التاريخية. ثم نأتى على فكر سيد قطب المنظر الأكبر لفكر الجماعة وتوجهاتها، ومدى تأثر هذا الفكر بفترة السجن التى تعرض لها، ثم دور أبو الأعلى المودودى فى تشكيل فكر سيد قطب، مع بيان الخلفية البيئية والتاريخية التى كان يصدر عنها فكر هذا الرجل باعتباره مواطنًا هنديًا ثم باكستانيًا. ثم بيان لأوجه الانحراف ودواعى التطرف العنفى الذى ينأى بهذا الفكر عن وسطية الدعوة ووسطية الأمة. وكذا يتم مراجعة كتب القرضاوى باعتبار أن أغلب كتبه كانت تنظر للمنهج الحركى للجماعة، وهو الخط الرئيسى لمشروعه الفكرى القائم على توجيه شباب الحركة الإسلامية أو ما كان يسميه جيل الصحوة أو جيل النصر إلى ما يفعل هذا الشباب أو يدع خدمة للجماعة والدين. وهناك كتيبات عباس السيسى وفتحى يكن ونديم الجسر ومحمد قطب وغيرهم، وهى مما لا يستعصى على الحصر والمراجعة النقدية على ضوء الكتاب والسنة. ولا نغفل مواجهة الكتب الصادرة عن الجماعة السلفية كذلك، لأن المنبع واحد وإن تعددت الروافد، ولكن لكى تتلاقى عند المصب، وهناك شخصيات معروفة على الساحة السياسية انتمت للجماعة حتى اشتعل الشيب فى رأسها ثم انفصلت عنها كإجراء تكتيكى وقائى تحسبًا لأى تقلبات على الساحة السياسية، ثم تسوق نفسها باعتبارها البديل المعتدل للتطرف الإخوانى، كما كان الإخوان يسوقون أنفسهم باعتبارهم الفصيل الأكثر اعتدالاً قياسًا على تطرف الجماعات الأخرى، ثم اتضح فيما بعد أن التطرف ملة واحدة، منبع واحد يفضى إلى مصب واحد وإن تعددت الروافد. لا يتعين علينا انتظار حكمدار العاصمة كى يسير سيارة بميكرفون ينادى علينا: الدواء الذى تحمله جماعتك فيه سم قاتل، فلا تتناول هذا الدواء. من حكمدار العاصمة إلى المدعو شعب مصر، القاطن فى ربوع المحروسة، الدواء الذى تقدمه الجماعة فيه سم قاتل. إذن لابد من التفكيك الفكري لهذه الجماعات، حتى تكتمل الدائرة مع التفكيك التنظيمى.
جماعة الإخوان المسلمين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة