د. مصطفى النجار

فى الفجالة.. مصر التى تعبت

الجمعة، 27 سبتمبر 2013 10:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقب صلاة الجمعة الماضية وقبل بدء الدراسة بيوم كنت أقف مع آلاف الأسر المصرية فى شوارع الفجالة أشترى معهم احتياجات المدارس من كراسات وكشاكيل وأدوات مدرسية لأبنائى الذين يبدءون العام الدراسى الجديد.

تعودت من زمن بعيد أن أذهب للفجالة فى هذا التوقيت نظراً لجودة البضاعة المعروضة وتنوعها ورخص أسعارها نسبياً بالمقارنة بالمكتبات الكبرى وكل إنسان يحب أن يقتصد مع الحصول على أعلى مستوى ممكن من الجودة لما يشتريه.

حالة زحام شديد ولكن الأمر يبدو مختلفاً عن كل عام، فالدستة التى تعودنا أنها 12 كشكولاً قد تم تقليصها إلى 6، يقول لى محمود البائع الشاب: محدش بقى بيشترى دستة 12 كشكول دا الناس بتشترى كشاكيل 40 ورقة بدل 60 ورقة ومحدش بياخد 12 يا دوب بياخد 6 بالعافية، مفيش فلوس فى البلد يا أستاذ، تدخلت سيدة أربعينية حولها ثلاثة أطفال وقالت لى: والله أنا ما عارفة أجيب كل طلبات العيال الأسعار زادت أوى ومش عارفة ألاحق على فلوس هدوم المدرسة ولا الشنط ولا الكراسات والكشاكيل، ابتسمت فى وجهها وقلت لها باسماً: ربنا يقوينا معلش الأيام صعبة على الكل، استرسلت فى الحديث قائلة: أنا موظفة فى المحافظة وأبوهم موظف فى وزارة العدل وعاملة جمعية عشان أدفع مصاريف المدرسة الخاصة اللى بدفع فيها 5 تلاف لكل عيل ومش قادرة أوديهم مدارس حكومة عشان ما بقاش فيها تعليم خالص وخايفة العيال تضيع، مش عارفة هنعرف نكمل معاهم لغاية الجامعة ولا لا، ربنا يستر!

فى شارع كلوت بك يصطف بائعو الفاكهة فى حرم الشارع وتبدو أثار المعركة التى دارت بين مؤيدى الإخوان ومعارضيهم فى منطقة رمسيس، حيث أسفرت المواجهات عن احتراق عدد من المحلات التى تقع أسفل بيوت المنطقة ذات الطبيعة الأثرية والتى يدخل خام الخشب كمكون أساسى فى مواد البناء بها، والتى مر على إنشائها ما يزيد على 90 سنة، لم يكن سهلاً أن يقوم أصحاب المحلات المتضررة بترميم محلاتهم وإعادة تأهيلها وسط صعوبة إجراءات اتسمت بالروتين والتعقيد الشديد، ولم تتحمل الدولة كلفة الإصلاحات، بل تحملها هؤلاء المضارون الذين كانوا يعانون من كساد مستمر طوال سنتين كاملتين، وأتت الأحداث الأخيرة لتقضى على ما تبقى من آمالهم فى تعويض خسائرهم.

قال لى عمرو وهو شاب جامعى يعمل ببيع شنط المدارس: لم نتخيل أن يصل بنا الحال لهذه الدرجة من البؤس، الأسرة اللى كانت بتشترى شنطة جديدة لكل ابن فيها بقت بتشترى شنطة واحدة جديدة وتصلح الشنطة القديمة عشان تكمل بيها سنة كمان، أنا مش عارف هنعوض خسارة السنة دى إزاى ولسه لغاية دلوقتى ما صلحناش المحل اللى اتحرق وواقفين نبيع فى الشارع زى ما حضرتك شايف، ما تكلم لنا حد فى الحكومة يا دكتور يشيلوا عننا فلوس الترميم دى ويعفونا من الضرايب السنة دى، والله العظيم إحنا مش هنقدر نكمل كدا!

بعد أن اشتريت ما أريده وعدت لسيارتى لأعود لمنزلى أوقفنى ضابط مرور يتصبب عرقاً من شدة الحرارة، وهو يحاول جاهداً تنظيم المرور المختنق بشدة وصافحنى قائلاً: هى البلد مش هتهدى شوية عشان ناخد نفسنا؟ قلت له مبتسماً: دا أملنا كلنا بس مش باين، ضحك قائلاً: دا أنا قلت هتدينى أمل أنا عارف إنك متفائل علطول، ما تزعلش منى بتوع السياسة خربوا البلد وكله بيدور على مصلحته، محدش خايف على الناس، والشعب نفسه اتسدت من السياسة وما أعتقدش هينزل ينتخب حد تانى، المهم قولى أسعار الحاجة فى الفجالة عاملة إيه؟ أنا لسه ما اشترتش حاجة لولادى عايز أخلص شغلى وأروح.. ودعته وانصرفت وأنا أفكر متى تبحث مصر عن مواطنيها وفقرائها؟ متى ينتهى جدل السياسة الذى يؤخر كل فرص التقدم الاقتصادى المأمول؟ متى يرتاح المصريون؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة