خبير سودانى:مصر معذورةفى قلقها وانفعالها من سد النهضة..وعلى أثيوبيا استغلال الطاقة المائية فى النيل فى حدود الأعراف الدولية..وإقامة السد أسفل الهضبة الإثيوبية سيعمل على امتصاص التوربينات لطاقة المياه

الخميس، 26 سبتمبر 2013 12:57 م
خبير سودانى:مصر معذورةفى قلقها وانفعالها من سد النهضة..وعلى أثيوبيا استغلال الطاقة المائية فى النيل فى حدود الأعراف الدولية..وإقامة السد أسفل الهضبة الإثيوبية سيعمل على امتصاص التوربينات لطاقة المياه صورة أرشيفية
كتبت أسماء نصار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال الدكتور أحمد عبد الرحمن العاقب أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة الخرطوم، من حق إثيوبيا استغلال الطاقة المائية الموجودة فى نهر النيل، ولكن فى حدود الأعراف والمبادئ والتشريعات المتفق عليها فى حالة الأنهار المشتركة.



وأضاف العاقب فى مقاله بجريد الصحافة السودانية أن بعض المختصين نفوا تأثير سدود الطاقة على مسيرة النهر، مؤكدين أن الماء يرجع من التوربينات إلى النهر، ولكنهم نسوا أنه يرجع بدون طاقة كافية تساعد فى دفع الجريان إلى المناطق فى أسفل النهر، ومن هؤلاء المهندس سيمنيو بيكيلى مدير مشروع السد الذى بشر بتوفير الكهرباء للبلاد الأخرى بأسعار زهيدة، كما ذُكر فى صحيفة "المجهر" عدد 9 يونيو 2013م، فإذا لم يصل الماء فلن تفيد الكهرباء.



وأوضح العاقب أن الهضبة الإثيوبية وبحيرة تانا يبلغ ارتفاعها أكثر من "1800" متر من سطح البحر، وسد النهضة أُقيم على حدود السودان الشرقية ومجرى النيل الأزرق الذى يبلغ ارتفاعه فى الحدود حوالى "500" متر فوق سطح البحر، وسعة السد "74" مليار متر مكعب، وذلك يقارب حصة مصر والسودان من مياه النيل البالغة "84" مليار متر مكعب، وتأثيره يكون بنسبة ما يراد حجزه أو استغلاله سنوياً.

وأكد العاقب أن إقامة سد النهضة فى أسفل الهضبة الإثيوبية يعنى أن توربينات التوليد الكهربائى ستمتص كل الطاقة التى فى المياه المنحدرة التى يسعها الخزان وتدخل التوربينات (أى 74 مليار) إلا إذا اتفق على غير ذلك، ومعروف أن التوربينات الحديثة والمولدات ذات كفاءة عالية تفوق 90% إلى 96%، فإذا تم ذلك فى كل المشروعات الطموحة التى تخطط لها إثيوبيا فى المياه المنحدرة من الهضبة، فلن يتبقى للنيل الأزرق، بل لكل النيل إلا ارتفاع "500" متر من ارتفاع الهضبة البالغ أكثر من "1800" متر ليساهم بها فى دفع مياه إلى داخل السودان وإلى مصر.

أما النيل الأبيض فإن مصدره فى بحيرة فيكتوريا يرتفع حوالى "1100" متر فوق سطح البحر، ويقل هذا الارتفاع عند مرور المياه بالبحيرات الأخرى وفى سد أوين، وغيرها من المشروعات التى (أقامتها) أو تقيمها أوغندا ودولة جنوب السودان، والنيل الأبيض نهر بطىء بالنسبة للنيل الأزرق ومساهمته تقل عن 20% من مياه النيل، وعندما يصل النيل الأبيض منطقة السدود يعيق جريانه فيركد فى مستنقعات كبيرة وتنقذه الأمطار الغزيرة التى تهطل فى المنطقة كما ينقذه نهر السوباط الذى ينحدر من إثيوبيا، ولذلك فُكِّر فى قناة جونجلى، ومعروف أن النيل الأبيض بطىء فى جريانه، فعندما يصل إلى الخرطوم يدفع به النيل الأزرق إلى الوراء بضعة كيلو مترات خاصةً فى وقت فيضان النيل الأزرق، لذلك فإن مساهمته فى دفع مياه النيل ضعيفة ولكنه ترياق فى حالة الجفاف الحاد فى الهضبة الإثيوبية.



كما أكد إن مصر معذورة فى قلقها وانفعالها الشديد نحو فكرة سد الألفية، وخاصة شعورها بالتغير السياسى العالمى والحراك من جهات معادية كبيرة للترويج عن حرب المياه، وتخطيط وتبنى مشروعات كبيرة فى الهضبة الإثيوبية تهدف لاستنزاف طاقة المياه المنحدرة من الهضبة، وهذا أيضاً قد يؤثر على الأمن المائى للسودان. إن نهر النيل من أطول الأنهار ويجرى فى أراضٍ قاحلة تقل فيها الأمطار، وزاد تغير المناخ الطين بلة (بل جفافاً)، كما أن قلة المياه وقلة الطاقة التى تدفعها تجعلها تبطئ فيجد الماء الوقت للتسرب والغور والتبخر فينضب ويجف النهر أو يصير موسمياً.



إن هذا ليس سيناريو مبالغاً فيه، فهناك عدد من الوديان فى غرب النيل كانت تجرى لوقت طويل مثل وادى الملك ووادى المقدم، وكان وادى المقدم يعتبر شرياناً للنقل النهرى بين مملكتى علوة (سوبا) والمغرة (دنقلا)، ولكنه الآن نضب وجف إلا لفترات قصيرة فى زمن الأمطار، ومثل ذلك فى شرق السودان نهر بركة ونهر القاش الذى تبتلعه الرمال بعد كسلا، مشيراً إلى أن التاريخ عرف الكثير من الأنهار الكبيرة التى جفت مثل النهر الذى كان يجرى من حوض نهر الكونغو وبحيرة تشاد إلى البحر الأبيض المتوسط، وكذلك الأنهار الثلاثة التى كانت تجرى من غرب الجزيرة العربية (السعودية).



وأضاف أن المراجع تدل على أن النهر الأول كان يصب فى الخليج فى الكويت والثانى فى قطر والثالث فى وادى الدواسر فى الربع الخالى، وعندما يتحكم الجفاف تبتلع الرمال النهر ومجراه تحت الأرض، مشيراً إلى هذا كان يحدث فى عصور طويلة، وحدث فى سد مأرب وكاد أن يحدث فى أرض النهرين فى العراق، ولكن الآن فإن تطور العلوم والتكنولوجيا مكن الإنسان من امتلاك قدرات وإمكانات هائلة يؤثر بها سريعاً فى البيئات والبنيات والنعم الطبيعية التى خلقها سبحانه وتعالى على الأرض، وأهم تلك النعم الثروة المائية والثروة الغابية والثروة المعدنية، ولذلك كان من أهم التشريعات التى أصدرها مؤتمر قمة الأرض عن الحفاظ على البيئة عام 1992م، هو مبدأ التنمية المستدامة، وخلاصة مفهوم التنمية المستدامة هو ضرورة وأهمية التنمية، ولكن فى حدود ألا تؤثر على قدرة الأجيال القادمة على التنمية بسبب استنزاف الموارد والنعم التى خلقها سبحانه وتعالى على الأرض.


وقال فى ختام مقاله إن مصر والسودان وإثيوبيا بلاد صديقة وجيران ويمكن الوصول للتوافق بالحوار والمناقشة، مقترحاً أن يهتم المخططون لتصميم الخزانات لعمل ميزانية للطاقة التى يحتاج إليها جريان النهر، وأن يكون ذلك من الفصول المهمة فى دراسات الهيدرولوجيا وبحوثها، خاصة أنه كما ذكرتُ قد تضاعفت القدرات والإمكانات لبناء الخزانات.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة