كتب الرئيس السودانى عمر البشير قرار نهاية عهده بنفس القلم الذى وقع به قرار رفع الدعم عن المحروقات، الأمر الذى يهدده الآن باللحاق برفاقه المخلوعين فى دول الربيع العربى، وبدلا من أن يتفادى البشير الوقوع فى نفس أخطاء الرؤساء المطاح بهم، سعت أجهزة دولته لقمع الإعلام وتوجيهه لوصف المشهد السودانى كما يراه نظامه.
وعلى خطى الأجهزة المطاح بها فى الربيع العربى، عقد جهاز الأمن والمخابرات اجتماعا مع عدد من رؤساء تحرير الصحف ومدراء أجهزة إعلامية مختلفة، طالبهم فيه بتحويل الخطاب الإعلامى إلى خطاب أزمة، مع عدم تناول أخبار المظاهرات إلا عبر البيانات الرسمية.
وبحسب ما ذكرته شبكة سودانيات الإلكترونية، صرح صحفيون بأن الجهاز طلب من رؤساء تحرير الصحف عدم استخدام كلمة متظاهرين والاستعاضة عنها بـ"مخربين"، فيما احتجز جهاز الأمن أول أمس الثلاثاء، المذيعة بإذاعة "المساء" الخاصة، سلافة أحمد أبو ضفيرة، على خلفية تقديمها لبرنامج على الهواء وصفت فيه تعامل الشرطة مع المتظاهرين بالقمعى، وذلك قبل أن يطلق سراحها.
ووفقاً لما ذكرته شبكة سودانيات الإلكترونية، فإن جهاز الأمن والمخابرات، أوقف أمس الأربعاء صدور صحيفة "السودانى" (خاصة) إلى أجل غير مسمى، فيما تم استدعاء مراسل قناة "سكاى نيوز عربية" طارق التجانى، على خلفية تناول القناة التى تبث من أبو ظبى بالإمارات للمظاهرات، حسبما ذكر موقع "سودان تربيون" الإخبارى المستقل.
من جانبه، قرر محجوب محمد صالح، عميد الصحفيين السودانيين ورئيس مجلس إدارة صحيفة "الأيام" (يومية سياسية مستقلة)، تعليق صدورها لأجل غير مسمى، احتجاجاً على ما أسماها بـ"التوجيهات الأمنية" للصحافة، وفقا لما ذكره أحد الصحفيين العاملين فى الصحيفة لموقع سودان تربيون.
من جهتها، دعت شبكة الصحفيين السودانيين، وهى كيان مستقل موازٍ لاتحاد الصحفيين الذى تقول الشبكة إنه "مسيطر عليه من قبل منسوبى الحزب الحاكم"، دعت من جهتها إلى الإضراب عن العمل ابتداء من اليوم الخميس.
وفى بيان لها، وزع على وسائل الإعلام المحلية، وجهت الشبكة انتقادات عنيفة للحكومة والهجمة الأمنية التى وصفتها بـ"الشرسة" على حرية التعبير، من خلال استدعاء المذيعين والصحفيين إلى مبانى جهاز الأمن وتهديده، وإيقاف آخرين عن الكتابة". وقالت إنها "ظلت تتابع عن كثب وبقلق بالغ، استمرار محاولات السلطات الأمنية التضييق على حرية التعبير والنشر بالبلاد"، عبر سلسلة إجراءات "معيبة" و"مهينة" لرسالة المهنة الصحفية "التى تقوم على حرية النشر".
إلى ذلك، دعت حركة "العدل والمساواة" المعارضة فى السودان، الشعب، إلى مواصلة الاحتجاجات حتى "إسقاط النظام"، معتبرة أن "ساعة رحيل الرئيس السودانى عمر البشير وزمرته قد حانت".
وقال الأمين السياسى للحركة سليمان صندل حقار، فى تصريحات صحفية مساء الأربعاء نقلتها وسائل إعلام محلية، إن حركته تدعو كافة جماهير الشعب السودانى "للخروج والتظاهر والعصيان المدنى الشامل" حتى إسقاط نظام "المؤتمر الوطنى" (الحزب الحاكم فى السودان).
واعتبر أن الحل الوحيد أمامنا هو تصعيد "النضال الجماهيرى بكل الوسائل وتوحيد الصفوف والعمل معاً حتى إسقاط نظام حزب البشير"، مضيفا أنه قد "حانت ساعة رحيل البشير وزمرته ولا خيار إلا الرحيل"، بحسب حقار.
ورأى أن زيادة أسعار المحروقات تهدف بصفة أساسية إلى "إذلال وإهانة الشعب السودانى ومن جانب آخر تهدف إلى تقوية أجهزة أمن ومليشيات النظام القمعية للاستمرار فى قتل الشعب، وشراء المزيد من الآليات وأدوات القمع والقهر".
من جهته، دعا الأمين السياسى لحركة "العدل والمساواة" عناصر القوات المسلحة والشرطة إلى "الوقوف والانحياز للشعب فى ثورته ضد الظلم والقهر والدكتاتورية"، مشيرا إلى أن بقاء السودان موحداً "مرهون بزوال نظام المؤتمر الوطنى"، بحسب قوله.
وتشهد عدة مناطق بالسودان، منذ الاثنين الماضى، احتجاجات شعبية، جراء قرار الحكومة زيادة أسعار المحروقات، ما أسفر عن مقتل نحو 60 شخصاُ على الأقل وإحراق نحو 20 محطة وقود، وإصابة عدد آخر بحسب مصادر فى المعارضة السودانية.
وعلى خلفية الاحتجاجات، قررت وزارة التربية والتعليم فى ولاية الخرطوم تعليق الدراسة بمدارس الولاية اعتبارا من أمس الأربعاء وحتى الأحد القادم.
من جانبه، قال حسن الترابى الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبى فى اللقاء الإسبوعى لحزبه مساء الأربعاء تعليقا على الاحتجاجات إن "الغاضب عندما يخرج متظاهرا لا ينتبه لما يحرقه.. فهو يريد من الإعلام أن يرفع شأن قضيته، والإعلام ينشر صور الخراب والحريق أكثر". وأضاف أن "الناس لا تحس (تشعر) إلا بما يلمس جيبها ومعيشة أبنائها".
ولفت الترابى إلى أنه أبلغ وزير المالية على محمود عبد الرسول، رفض المؤتمر الشعبى زيادة الأسعار، منوها إلى أن حزبه "أعد ورقة يعتزم تسليمها للحكومة وإدارتها الاقتصادية يبين فيها خلل سياساتها وانعدام رؤيتها".
أزمة الوقود فى السودان توقف صحفا عن الصدور وتلقى بإعلاميين فى أروقة الأمن.. أجهزة البشير تطالب الإعلام باستبدال كلمة "متظاهر" بـ"مخرب".. والمعارضة تدعو لمواصلة الاحتجاجات حتى إسقاط النظام
الخميس، 26 سبتمبر 2013 11:15 ص