قال وزير الدولة لشئون الآثار، الدكتور محمد إبراهيم، إن عدد القطع الأثرية التى سرقت منذ ثورة 25 يناير 2011، بلغ نحو 2000 قطعة، معتبرًا أن قطاع الآثار دفع ثمنًا كبيرًا جراء الأحداث التى وقعت خلال هذه الفترة أثناء الثورة، حيث توقفت بعض المشروعات المتحفية وسط تهديدات بتوقف البعض الآخر بسبب نقص التمويل.
وأضاف الدكتور محمد إبراهيم، لوكالة الأنباء الصينية "شينخوا" من القاهرة، أنه عندما قامت ثورة 25 يناير وما تبع ذلك من الانفلات الأمنى الشديد جدًا، وتم الاعتداء على الكثير من المخازن، وكان أكثر الأماكن تضررًا المتحف المصرى وسط القاهرة، حيث هاجم اللصوص يوم 28 يناير المتحف وسرقوا بعض القطع الأثرية.
وأوضح أنه " تم استرجاع 26 قطعة وبقيت 29 قطعة لم يتم استردادها بعد، ونحن بصدد أن نعرض القطع المسترجعة فى المتحف المصرى الأسبوع القادم بعد أن تم ترميمها، وأن مجموع ما سرق (بعد ثورة يناير مباشرة) أكثر من ألف قطعة (لم يتم استردادها بعد) من المتحف المصرى ومختلف المخازن.
وأشار وزير الآثار إلى أنه تم إبلاغ الإنتربول الدولى والمنظمات التى تتعامل مع الآثار مثل اليونسكو بما يسمى بالقائمة الحمراء، التى تحظر على جميع صالات العرض وجميع المزادات التعامل مع قطع مسروقة مسجلة من قبل الجانب المصرى. موضحًا أن أعمال السرقة توقفت منذ 28 يناير عام 2011 بعد تشديد الحراسة، وعودة الشرطة مرة أخرى واستعادة قوتها، إلى أن حدثت كارثة متحف ملوى بمحافظة المنيا جنوب القاهرة.
وأردف أن "متحف ملوى كان يحتوى على أكثر من 1089 قطعة أثرية سرقت، تم تهشيم 32 قطعة، وهناك عشر قطع لم تمس تم نقلها لأحد المخازن"، وذلك خلال أعمال العنف التى جرت فى عدة محافظات عقب فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى بالقاهرة. موضحًا أنه تم توجيه دعوة إلى جميع من لديه آثار مسروقة من متحف ملوى، أنه لن يتم ملاحقته أمنيًا ولن يسأل قانونيًا إذا أرجعها طواعية إلى وزارة الآثار، حيث بلغ عدد القطع التى تم استرجاعها 486 قطعة، كما تم إبلاغ البوليس الدولى و"اليونسكو" أيضًا.
وأشار إلى أنه بعد سرقة 231 قطعة أثرية من مخزن ميت رهينة بمحافظة الجيزة، تمكنت السلطات من استعادة 104 قطع منها، وأن أرقام القطع الأثرية التى يتم استردادها بعد سرقتها يتغير باستمرار من يوم ليوم ومن ساعة لأخرى، لكن "المسروق حتى الآن بلغ أكثر من 2000 قطعة أثرية من المتاحف والمخازن".
وعن التدابير التى تتخذ لتفادى سرقات الآثار، قال إبراهيم " نحد شددنا الحراسات، ونستعين بالجيش، عندما نشعر أن قدراتنا فقط لم تعد كافية للدفاع عن الآثار"، لكنه أشار إلى أن متحف ملوى تعرض للاعتداء، رغم وجود "حراسة بشرية، وحراسة إلكترونية، وتم تهشيم جميع الكاميرات"، وعزا الهجوم على المتحف إلى قربه من مجلس مدينة ملوى، الذى تم الاعتداء عليه، وربما قام المعتدون على المجلس بالاعتداء على المتحف أيضًا.
وحول عمليات التنقيب عن الآثار، قال إبراهيم "لا توجد أعمال حفائر مصرية حاليًا.. ليس الوضع الأمنى المؤثر فقط بل الوضع المادى أيضًا"، حيث تعرضت إيرادات وزارة الآثار "لهبوط شديد وعنيف" بسبب انخفاض أعداد السائحين وبالتالى كان لابد من التوقف عن أعمال الحفائر، غير أنه أوضح أن هناك بعثات أجنبية بدأت تحضر إلى مصر للتنقيب عن الآثار، حيث جاءت منذ أيام بعثة إسبانية إلى القاهرة وستتوجه إلى مدينة الأقصر جنوبى البلاد للتنقيب، كما أن هناك بعثات فرنسية وأمريكية تعمل فى مصر.
وقال "نستطيع فى فترة قصيرة أن نسترجع عافيتنا مع شرطة السياحة والآثار، لكن نبحث الآن عن أسلوب أكثر تقدمًا للسيطرة على الأراضى الشاسعة الخاضعة لولاية وزارة الآثار ولم ينقب فيها، لابد أن نستخدم المراقبة الإلكترونية والأقمار الصناعية للسيطرة الفعلية، لأن العامل البشرى ليس كافيًا".
استرداد الآثار
وحول ما إذا أثرت الثورة المصرية سلبًا على جهود استرداد الآثار من الخارج، قال "بالعكس بدأنا نهتم أكثر بالآثار المهربة التى خرجت بطريقة غير مشروعة، لكن هناك الكثير من التعقيدات أمام استعادة الآثار المهربة".
وأوضح أنه "طبقًا لاتفاقية اليونسكو الموقعة عام 1970 لابد أن يكون الأثر مسجلا وتم الإبلاغ عن سرقته، ومع ذلك نتعامل مع كل حالة على حدة، ففى يوم أبلغت بوجود قطعتين فى إسرائيل التى لا يوجد بيننا وبينها اتفاقية لإرجاع الآثار، ولا يوجد بها قانون يحرم تجارة الآثار وتم التعامل بدبلوماسية من خلال وزارة الخارجية، وطلبنا من إسرائيل إعادة القطعتين وردت بالإيجاب، لكن توقف الموضوع لأن سفيرنا رجع من إسرائيل وطلبت من وزارة الخارجية أن يقوم القائم بالأعمال هناك بهذا العمل واستلام القطعتين".
ورأى إبراهيم أن" الوضع فى مصر داخلى، مصرى مصرى، لم يتوجه أحد بالضرر أو محاولة إيذاء السائحين..هو تناحر أو تفاعل سياسى داخل مصر، وليس إرهابًا يستهدف السائحين". موضحًا أن نقص إيرادات وزارة الآثار أثر بشدة على المشروعات، مثل مشروع "متحف شرم الشيخ الذى توقف فى منتصف الطريق، ونحتاج 600 مليون جنيه لاستكماله".
وأشار إلى توقف مشروع متحف الغردقة الذى مازال أرضًا جرداء، مضيفًا أن هذين المتحفين كانا سيمكنان من الاستفادة من الحركة السياحية التى لا تتوقف فى البحر الأحمر، بما يدر دخلا جيدًا.
وحول متحف "الحضارة" بمنطقة الفسطاط بالقاهرة، قال إنه يحتاج إلى 700 مليون دولار لاستكماله، وندعو اليونسكو لتنظيم حملة دولية لجمع تبرعات، والدول المانحة لتقديم قروض أو منح لإتمام المشروع.
وعن المتحف المصرى الكبير، قال إبراهيم " لحسن الحظ أنه ممول بقرض يابانى..ونسير لحد كبير طبقًا للجدول الزمنى لافتتاحه". معربًا عن أمله ألا يتوقف العمل به لأن توقفه سيكون خسارة، كونه مشروع وطنى ضخم لا يزال يعمل".
مشيرًا إلى أن المتبقى من القرض كبير جدًا لاستكمال العمل فى المتحف إلى أن نجد مصادر تمويل أخرى، وكنا نتحدث مع الحكومة لتوفير تمويل"، لافتًا إلى أن المتحف يحتاج حوالى 800 مليون جنيه لاستكماله.
وحول ما إذا كانت الحكومة قد تلجأ إلى تأجير بعض المناطق الأثرية لسد عجز التمويل، أكد أن " تأجير الآثار مرفوض رفضًا باتًا، قانونًا لا ينفع، منطقيًا لا يصلح، ووطنيا لا يصلح". . موضحًا أن" المشكلة ليس التأجير أو عدمه، حيث إن المشكلة فى مصر حاليًا هى الأمن فقط، وعندما يستتب الشارع سيعود السياح مجددًا، ونتوقع أن يفوق أعداد السياح القادمين مثيلهم الذين قاموا بزيارة مصر خلال عام الذروة السياحية فى 2010 ".