ورد ذكر المائدة أو الطاولة المستديرة لأول مرة فى قصص كتبت فى القرون الوسطى عن الملك آرثر وفرسانه، كانوا يجتمعون حول المائدة المستديرة ويتشاورون ويأكلون، وكانت مستديرة حتى يتجنبوا مقاتلة بعضهم، وذلك لأن كل واحد فيهم يبدوا فى مرتبة أعلى من زملائه، وقصة المائدة المستديرة خيالية شأن كل أساطير أرثر، ولكن شخصية آرثر كانت حقيقية وتذكر الأساطير أن الملك آرثر الإنجليزى أعدّ مائدة مستديرة ليجلس حولها مائة من الفرسان يمثّلون زعماء المملكة دون أن يكون لواحد منهم ما يميّزه عن غيره حتى تنتفى بينهم المنافسة.
كذلك هو حالنا مع فرسان لجنة إعداد الدستور، أعرف أن كثيرين لديهم تحفظات على طريقة اختيارهم، أو على أعمارهم فبعضهم من مواليد الحرب العالمية الثانية ويضعون دستورًا لمواليد حرب الخليج الأولى، ولا يوجد بينهم إلا قليلاً من مواليد حرب أكتوبر، وأعلم أن الكثير لديه 50 اسمًا مثلهم، ولكن هل لديك تحفظات على شخصياتهم؟ أعتقد لا، دعونا نقفز على الشكليات التى تأخذ منا وقتًا وتستنزف جهدنا فى جدال لا طائل منه، أعتقد أن معظمنا متفق على أن من يجلس من هولاء الفرسان لا تحركه إلا مصلحة الوطن ومن أجله قبل المشاركة فى كتابة الدستور، فهذه المشاركة لن يتقاضى عليها أجرًا، ولكنه يعلم بأن ذلك واجبًا عليه تجاه الوطن، هذا الوطن الذى أعطى للكثير منا وله فضل على كل واحد منا بما فيهم لجنة الخمسين، ولكنى أرجو من هؤلاء كما وصفتهم بالفرسان أن يتحلوا بسلوكيات الفرسان. ألا تحركهم مصالح فئوية أو طائفية؛ لكتابة الدستور أن يعلو مصلحة الوطن على أى مصلحة أخرى، أن يتوافقوا فالاتفاق دربًا من خيال ودعونى أتفاءل بوجود شخصيات مثل د. مجدى يعقوب و د. محمد غنيم و د. محمد أبو الغار والكثيرين الذين طالبوا ليلاً ونهارًا بالانتصار لمطالب ثورة 25 يناير من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، ولكن لأن الكمال لله وحده دعونى أهمس فى آذانهم طالبًا منهم ألا يدخلوا فى مناقشات فرعية لا طائل منها، مثل هل نحن بصدد وضع دستور جديد؟ أم نحن بصدد تعديل الدستور؟ ما أفهمه أنكم جالسون لتنقيح ما فعله الإخوان بوضعهم دستور أم أيمن، فلتنقحوا منه جميع الأخطاء حتى إن لم يتبقَ منه إلا مادة واحدة، كما أريد منهم أن يتسع صدرهم لى، وأن يصل إليهم همسى، فمن غير المعقول أن نتكلم عن دستور الإخوان بأنه وضع بليل وبعيد عن أعين الناس وعدم متابعة الصحفيين لأعمال اللجان الفرعية "لا تنه عن خلق وتأتى مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم"، وتأتى لجنة فرعية وتسلك نفس مسلك الإخوان بمنع حضور الصحفيين لأعمالها، أرجو أن يكون الكل تحت أعين الناس تراقبهم وتسمع أفكارهم حتى نتعرف عليهم .
أيها الفرسان لا نطلب منكم شيئًا كبيرًا، كل ما نطلبه منكم دستورًا يليق بحجم التضحيات التى ضحى من أجلها شبابًا يراقبوننا من مكان عظيم، تركونا بأجسادهم ولكن أرواحهم ترفرف علينا تتمنى لنا مستقبلاً أفضل، حتى وإن لم يدركوه معنا، ولكن يطلبون منكم ألا تكون النصوص فى النهاية حبرًا على ورق، ولكنهم يطلبون منكم آلية لتنفيذ هذه النصوص على أرض الواقع كل ما نطلبه حقنا فى الحياة بكرامة، ويجب أن تدركوا أننا قادرون على إسقاط هذا الدستور إن لم يلبِ رغباتنا، كما أسقطنا سابقه، أيها الفرسان تحلوا بأخلاق الفرسان فى مناقشاتكم وفى اختلافاتكم، وكونوا جميعًا هدفكم هو مصلحة الوطن، فتنافسوا فى هذا كيفما شئتم فنحن الفائزون.
