استحوذت كلمة رئيس الجمهورية الإيرانية حسن روحانى فى نيويورك على افتتاحيات ومقالات صحف طهران الصادرة بالفارسية صباح اليوم الأربعاء، حيث أجمعت الصحف الرسمية والمستقلة أن سياسة "المرونة البطولية" رفعت أسهم إيران فى الأوساط العالمية.
من جانبها خصصت صحيفة "حمايت" افتتاحيتها لهذا اليوم لتناول أثر التضامن الداخلى فى تحقيق الانتصارات فى شتى المجالات، وتقول الصحيفة "فى الأيام الأخيرة وتزامنا مع زيارة رئيس الجمهورية حسن روحانى للمشاركة فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، لاحظنا نشاطا واسعا للمسئولين فى البلاد، والذى يظهر تعاطفهم ويبرهن تكاتفهم من أجل تذليل المشاكل ورفع العقوبات الظالمة، وباستمرار هذه النهج سنرى بالتأكيد ثمار هذه الجهود فى القريب العاجل".
وأضافت الصحيفة، فى بداية هذا التحول، طرح قائد الثورة الإسلامية استراتيجية الليونة البطولية، حيث أبدى المسئولون انعطافا منطقيا من أجل تحقيق مبادئ وقيم الثورة الإسلامية.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الجمهورية أكد خلال حوار متلفز مع قناة أمريكية، أن الجمهورية الإسلامية فى إيران مستعدة للتعاطى والتعامل المنطقى على أساس المصالح المتبادلة مع جميع البلدان، وأعربت الصحفية عن أملها بأن ينتهز الغرب هذه الفرصة والتفويض الذى وكل به الشعب لرئيس الجمهورية، لتحسن الأداء والتعامل مع إيران.
وتناولت الافتتاحية الكثير من التطورات المحلية فى البلاد، على الصعيد القضائى والمدنى والثقافى، ونوهت إلى أن أغلب الأحزاب الإيرانية وبمختلف توجهاتها أعربت فى رسالة إلى الرئيس الأمريكى أوباما عن انتقادها لاستمرار الحظر على إيران، وطالبت الدول الغربية بالالتفات إلى مفهوم رسالة العملية الانتخابية الأخيرة التى جرت فى إيران.
وأوضحت الافتتاحية أن هذه التحركات يمكن تحليلها من وجهات نظر مختلفة، الأولى، ينبغى على العالم أن يعلم أن الشعب الإيرانى يتمتع بوجهات نظر متنوعة، وأن هذا الأصل والمفهوم ليس قضية سلبية، بل هى ثروة فكرية ومصدر قوة للشعب الإيرانى.
وتابعت الصحيفة، الثانى هو أن جميع الأطياف الفكرية فى إيران حساسة للغاية أمام التهديدات الخارجية، وليست مستعدة للتنازل عن عزتها وكرامتها وشرفها وحق تقرير مصيرها، والتعامل بهذه القيم والمبادئ.
أما الثالثة فيه أن الشعب الإيرانى استلهم العبر والدروس القيمة والتجارب المفيدة من الحوادث التاريخية الماضية، ومنها جرائم الدول الغربية فى إيران، وأنها تسعى للاستفادة منها على ارتقاء مكانة إيران الإسلامية فى المجالات المختلفة، ومنها العلمية والثقافية والرياضية والسياسية والاجتماعية والقانونية وغيرها، وأن تبلغ قمم التقدم والازدهار.
وتضيف الافتتاحية، النقطة الرابعة هى أن الإيرانيين يعتقدون بأنهم يحملون رسائل جديدة للعالم فى المجالات الحياتية، ونشر السلام، واستقرار الأمن العالمى والتصدى للظلم ونزع أسلحة الدمار الشامل، وإنهاء الاحتلال والتسلط فى العالم.
خامسا، أن الإيرانيين يسعون من خلال التضامن والتناغم الداخلى، بالاعتماد على عزمهم الوطنى أن يحققوا التنمية المستديمة لإيران، ويعملوا على حل المشاكل وتذليل العقبات التى تقف أمام تنمية البلاد.
وتختتم الافتتاحية، إذا أدركت الدول الغربية هذه الإشارات الواضحة والشفافة، فإنها بدون شك ستتخذ مواقف إيجابية وخطوات عملية مناسبة فى مجال التعامل مع الجمهورية الإسلامية فى إيران.
التوجّه الجديد:
وتحت عنوان "التوجّه الجديد" صحيفة "الوفاق" الإيرانية الرسمية الموجهة للعالم العربى أكدت أن الاتفاق على الارتقاء بالمفاوضات النووية بين إيران والسداسية إلى مستوى وزراء الخارجية، مؤشر على أن الغرب بدأ يتفهم توجه ايران الجديد، حيث يسعى للتوصل إلى تفاهم من خلال التعاطى معها بنمط جديد يعبر عن رؤيته للموضوع، وستتطلع الأنظار لمعرفة ما سيسفر عنه لقاء ظريف ونظرائه الستة فى مجموعة (٥+۱) يوم غد، والذين سيكون من ضمنهم الوزير الأمريكى، ليكون أول لقاء بين وزيرين إيرانى وأمريكى يخترق الحاجز الذى قام بين البلدين منذ انتصار الثورة الإسلامية بسبب موقف واشنطن السلبى.
ورأت الصحيفة أن الانتخابات الرئاسية فى إيران والخطاب الجديد الذى قدمته، وكذلك التطورات الإقليمية والدولية، غيّرت الأجواء إلى حد كبير بين إيران ومجموعة (٥+۱) عمّا كانت عليه سابقا، بحيث لم تعد مواصلة المفاوضات النووية مجدية كما كانت سابقا، وحان الوقت لابتعادها عن ذلك المسار إلى نمط آخر تكون فيه المفاوضات من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية، وهذا ما بلوره كل من ظريف وآشتون فى تصريحاتهما بعد اللقاء الذى جمعهما.
ولكن إلى جانب التفاؤل الذى تثيره مثل هذه اللقاءات الإيجابية، فإنه لا يمكن التوقع بتسوية جميع القضايا الخلافية العالقة خلال بضع لقاءات، فالحل يتطلب الصبر والدراية بخطوات مدروسة ليتم إيجاد تعامل بنّاء قائم على موقف متكافئ، واحترام متبادل للمصالح المشتركة، والمهم فى التوجّه الإيرانى الجديد الذى أعلنه الرئيس روحانى، أنه لا يتجاهل حقوق الشعب الإيرانى قيد أنملة، ويتعاطى بخطاب جديد على أساس (الربح – الربح) وفق قواعد لعبة جديدة تصون مصالح إيران وحقوقها.
المعارضون للوفاق:
أما صحيفة "آفرينش" فقالت تحت عنوان "المعارضون لرأب الصدع بين إيران والغرب": رغم أن لأمريكا تاريخا حافلا بالجرائم والعداء السافر لإيران الإسلامية منذ انتصار الثورة الإسلامية المباركة، من قبيل دفع النظام العراقى السابق لفرض حربه على الجمهورية الإسلامية، وتجميد الودائع الإيرانية فى البنوك الغربية، ومعاداة إيران بفرض الحصار عليها وبأنواعه، وإسقاط طائرة الركاب الإيرانية فوق مياه الخليج العربى، إلا أنه وفى الوقت الذى تتناقل وسائل الإعلام أخبار إيجاد تقارب بين إيران والغرب بطلب غربى.
وأضافت الصحيفة: "نشاهد تحركات تقودها بعض الجهات التى لا تروق لها هذه الحالة كاللوبى الصهيونى والجناح الجمهورى فى أمريكا لإبقاء الخلافات والأزمات على حالها، وبقاء الحصار مفروضا على إيران الإسلامية، خصوصا بعد النجاح الذى حققته إيران فى شتى المجالات، وخصوصا فى مجال التقنية النووية، فضلا عن أن الرجعية العربية، وخصوصا السعودية، تخشى هى الأخرى إنهاء الخلافات وعودة الهدوء للمنطقة، وتأمل بإبقاء الضغوط على إيران الإسلامية، لحرف أنظار أمريكا عن بعض الدول العربية، وبقاء حالة اللا حرب واللا سلام بين إيران وأمريكا على حالها".
الحل النهائى:
وأخيراً مع صحيفة "سياست روز" التى قالت تحت عنوان "الحل النهائى": "يؤكد سجل الأمم المتحدة بأن هذه المنظمة كانت عاجزة على الدوام عن حل مشاكل دول العالم، وما يثير التساؤلات هو سبب هذه الحالة، وما سبل إنقاذ المنظمة منها؟".
وفى الجواب قالت سياست روز: النقطة المهمة هنا هى أن الأمم المتحدة كانت ولاتزال خاضعة لسيطرة الأنظمة السلطوية، وهى اليوم باتت خارجة عن مسيرتها الحقيقية وميثاقها الذى تأسست من أجله، وأن حصر حق الفيتو بيد مجموعة دول جعل من المنظمة الدولية أداة تنفيذية لأجندة الدول صاحبة الفيتو، أى الأنظمة السلطوية، بدليل أن المنظمة لم تقف يوما بوجه الصهاينة وجرائمهم المستمرة على قدم وساق ضد الشعب الفلسطينى، كما أن قيام الغرب بمهاجمة أفغانستان والعراق وليبيا بقرارات من مجلس الأمن، يعنى أن الغرب قد منح نفسه حق الهجوم على تلك الدول، دون أن تشير المنظمة أو مجلس الأمن إلى جرائم القوات الغربية فى هذه الدول وفى عموم الشرق الأوسط.
وأخيراً قالت سياست روز: "فى ضوء هذه المعطيات يتبين أن الأمم المتحدة ستبقى عاجزة عن تحريك ساكن لصالح الشعوب الحرة والمظلومة، طالما بقيت خاضعة لسيطرة دول، خاصة وأن السبيل الوحيد للخروج من هذه الحالة هو إعادة النظر فى هيكليتها وإلغاء حق ما يسمى بـ "الفيتو".