مع الاعتذار لطه حسين.. انتهاء صلاحية «مستقبل الثقافة فى مصر».. قرأت الكتاب تحت ضغط إلحاح الكثير من كبار المثقفين أكثر من مرة، وتأكدت أنه «كان» كتاباً عظيماً، وضع ألف خط على كلمة «كان»

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013 09:24 ص
مع الاعتذار لطه حسين.. انتهاء صلاحية «مستقبل الثقافة فى مصر».. قرأت الكتاب تحت ضغط إلحاح الكثير من كبار المثقفين أكثر من مرة، وتأكدت أنه «كان» كتاباً عظيماً، وضع ألف خط على كلمة «كان» طه حسين
تحليل يكتبه وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أجواء ثورية ربما تماثل أجواءنا هذا، وقعت مصر على معاهدة 1936 التى اعترفت باستقلال مصر عن الاحتلال الأجنبى لتنضم بعد ذلك إلى «عصبة الأمم»، تلك المنظمة التى لم تكن مصر لتدخلها إلا بعد نيل استقلالها. حدث كهذا لم يكن ليمر على مفكر وأديب كبير مثل طه حسين مرور الكرام، فأصدر فى العام 1938 كتابه الرائد «مستقبل الثقافة فى مصر» ليحدد بوصلة مصر الثقافية لمرحلة ما بعد الاستقلال، ثم صار هذا الكتاب فيما بعد أشبه بخطة استراتيجية ثقافية مازال البعض ينادى بها حتى الآن، كما لو أنها الحل الوحيد لنهضتنا الثقافية المنتظرة، وهو الأمر الذى أراه عجيباً وغريباً؛ فكيف لخطة حاولنا أن نطبقها لأكثر من 75 عاماً ولم ننجح أن تكون نبراسا لنهضتنا المأمولة؟ وكيف يردد البعض حتى الآن أن سبيل النهوض الثقافى الوحيد هو تطبيق ما جاء بـ«مستقبل مصر» دون أن يفكر ولو للحظة أن صلاحية هذا الكتاب انتهت.

لقد قرأت هذا الكتاب تحت ضغط إلحاح الكثير من كبار المثقفين أكثر من مرة وعلى فترات متباعدة، وكلما قرأته تأكدت من أنه «كان» كتاباً عظيماً، وضع ألف خط على كلمة «كان» التى سبقت وصف الكتاب، وسر عظمته فى أنه حاول استنهاض النفوس فى لحظة حرجة من تاريخ مصر، كما أنه وضع يده على أساس النهضة الثقافية الحقيقية فاعتبر إصلاح التعليم أساس كل نهضة، أما فى كيفية رؤيته لهذه النهضة وسبل تحقيقها فأعتقد أن منهج عميد الأدب العربى لم يكن هو الأنسب والأفضل، لأنه حاول -ربما تحت ضغط الخوف من الرجعية- أن يجعل مصر جزءا من أوربا، وهو الأمر الذى أراه صعباً أو مستحيلاً، بل أراه غير منطقى فى الأساس، وذلك لأن مصر لم تكن يوماً أوربية الهوى، ولم تكن يوما قطعة من أوربا كما حاول البعض أن يجعلها، وأعتقد أن الجزم بأن مصر «أوربية» كما ادعى طه حسين وكما آمن به البعض هو سبب من أسباب تدهور الثقافة الآن، ذلك لأنه حاول أن يستنبت نبتة غريبة فى أرض غريبة فأينعت حينا ثم ذبلت وتهاوت رغم كل محاولات الإسعاف.

لست هنا لأتهم عميد الأدب العربى بشىء، ولم أردد مثلما يردد البعض أنه كان مستغربا أو تغريبيا، لكنى أزعم أن «العميد» قد استسلم لمقدمات «خاطئة» فكانت نتائجه خاطئة، إذ إنه تساءل فى بداية كتابه فى سياق تحديده لهوية مصر وطبيعة عقلها قائلاً: هل مصر من الشرق أم مصر من الغرب؟ وقال «هل العقل المصرى شرقى التصور والإدراك والفهم والحكم على الأشياء أم هو غربى التصور والإدراك والفهم والحكم على الأشياء؟ وأيهما أيسر على العقل المصرى: أن يفهم الرجل الصينى أو اليابانى أو أن يفهم الرجل الفرنسى أو الإنجليزى؟ ثم عاد ليجيب عن هذه الأسئلة جازما بأن العقل المصرى «ليس عقلاً شرقياً، بالمرة، وأن العقل اليونانى هو أكثر العقول التى أثرت فيه، ثم قال: إذا أردنا أن نلتمس المؤثر الأساس فى تكوين الحضارة المصرية وفى تكوين العقل المصرى.. فمن اللغو أن نفكر فى الشرق الأقصى أو فى الشرق البعيد ومن الحق أن نفكر فى البحر الأبيض المتوسط» وأنى أرى أن منطق عميد الأدب العربى فى هذا الشأن منطق «فاسد» ومنبع فساده فى أنه تجاهل الصلات القوية الممتدة ما بين مصر والشرق والتى لا تقل أبداً عن صلاتها بالغرب كما أنه حصر الاختيارات ما بين «شرقى أم غربى» رغم أنها أوسع من ذلك بكثير.
نكمل غداً





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة