يستطيع علماء كوريا الشمالية بناء مكونات مهمة إن لم تكن حاسمة لإنتاج قنابل نووية، دون حاجة لموارد خارجية، ما يلغى الحاجة لاستيراد ما يلزم لبناء تلك القنابل، والتى كانت واحدة من عقبات قليلة تمكن المراقبين الخارجيين من تتبع ورصد أعمال وأبحاث بيونج يانج الذرية السرية، بحسب شواهد وأدلة عكف على جمعها خبيران أمريكيان.
ويقول الخبيران إن الأبحاث المنشورة فى المطبوعات العلمية الصادرة فى كوريا الشمالية، بالإضافة إلى ما تتداوله وسائل الإعلام من أنباء توضح أن بيونج يانج تدير عملية إنتاج لمكونات أساسية لعمليات الطرد المركزى لغاز اليورانيوم هكسا فلورايد، واللازمة لإنتاج مثل تلك القنابل.
التطور الأخير يزيد من تعقيد جهود وقف برنامج التسليح النووى الكورى الشمالية المتعثرة منذ أمد، والذى تعهدت بيونج يانج بتوسيعه رغم الإدانات الدولية.
إذا ما تمكنت بيونج يانج من إنتاج قطع أجهزة الطرد المركزى هذه محليا، فسيتعذر على المراقبين الخارجيين تتبع واردات كوريا الشمالية التى تتسم بالحساسية، ما يعنى بطبيعة الحال القضاء على السياسات القائمة على التحكم فى الصادرات والعقوبات والحظر، والتى كانت محور الجهود الدولية لوقف البرنامج النووى الكورى الشمالى طيلة العقد الماضى.
تلك التصريحات واردة فى بيان يستعد خبير الانتشار النووى جوشوا بولاك، المقيم فى واشنطن، لطرحه خلال ندوة تعقد فى سول بعد غد الأربعاء.
وقال بولاك الذى جمع الأدلة، بالتعاون مع سكوت كيمب، وهو خبير فى تقنيات الطرد المركزى بمعهد ماساشيوستس للتكنولوجيا "إذا أوقفوا الاستيراد، فلن نتمكن من رصد تحركاتهم.. لن نرى شيئا أكثر مما يريد الكوريون الشماليون لنا أن نراه".
برنامج كوريا الشمالية النووى يمثل أحد مصادر القلق الكبرى لدى واشنطن لأن بيونج يانج تريد بناء ترسانة من الصواريخ المحملة برؤوس نووية يمكنها بلوغ الشواطئ الأمريكية.
كوريا الشمالية أجرت تجارب على صواريخ نووية متزايدة القوة بشكل واضح منذ عام 2006، وكان آخرها تلك التجربة التى أجرتها فى فبراير الماضى، ويعتقد أنها تمتلك حفنة من قنابل البلوتونيوم.
بيد أن كثيرا من الخبراء يرون أن بيونج يانج لم تتقن بعد تقنيات التصغير اللازمة، لتحميل رأس نووى على صاروخ طويل المدى.
وقود قنابل البلوتونيوم التى تمتلكها كوريا الشمالية أنتج فى مفاعل كبير ويمكن مراقبته دون عناء.
لكن الأسلحة التى تعتمد على اليورانيوم يصعب على المراقبين الخارجيين رصدها لأن أجهزة الطرد المركزى اللازمة لتخصيب اليورانيوم يمكن اخفاؤها بسهولة بعيدا عن رصد الأقمار الصناعية والمفتشين.
لطالما اشتبهت الولايات المتحدة ودول أخرى فى أن كوريا الشمالية تعكف سرا على برنامج لتخصيب اليورانيوم، ورغم نفى بيونج يانج الدائم، فإن مسؤولين أمريكيين واجهوا كوريا الشمالية عام 2002 باتهامات مفادها أن علماءها يعملون على تخصيب اليورانيوم، ما أثار أزمة نووية.
فى رد فعل مضاد، عرضت كوريا الشمالية على وفد زائر من الامريكيين فى نوفمبر 2010، ما قالت إنها منشأة تخصيب يورانيوم حديثة تحتوى على ألفى جهاز طرد مركزى فى أكبر منشآتها النووية.
العقوبات الدولية المتمثلة فى حظر شحن أى مواد قد تكون ذات صلة بالأسلحة النووية لكوريا الشمالية، لم تمنع الاخيرة من مواصلة العمل على برنامجها النووى، حتى عندما كانت تعتمد على معدات تستوردها من الخارج، لكن الولايات المتحدة أحرزت بعض النجاح فى تعقب الاجزاء والمكونات التى تقول إنها استخدمت فى البرنامج النووى الكورى.
فى عام 2007 على سبيل المثال، قال المبعوث النووى الامريكى -آنذاك- كريستوفر هيل إن واشنطن لديها أدلة على أن بيونج يانج اشترت معدات تستخدم فقط فى تخصيب اليورانيوم.
وقال بولاك إن التقارير الاخبارية والوثائق الحكومية غير السرية أوضحت أن كوريا الشمالية قامت باستيراد كمية ضخمة من مكونات أجهزة الطرد المركزى أوائل العقد الماضى، غير أن حجم تلك الواردات قل بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين ما يوحى بأن بيونج يانج تنتج المكونات اللازمة محليا.
وأضاف أن بيونج يانج تملك على ما يبدو الخبرة اللازمة لإنتاج تلك المكونات محليا عام 2009 إن لم يكن قبل ذلك.
بولاك قال إنه تمكن هو وكيمب من التوصل إلى أدلة "قوية وواضحة" من خلال الصور التى بثتها وسائل الإعلام الرسمية ملتقطة داخل مصانع كورية شمالية متخصصة فى أعمال الخراطة تنتج اسطوانات معدنية قوية للغاية من النوع اللازم لبناء اجهزة الطرد المركزى.
الرجل تحدث أيضا عن انباء تناقلتها الصحف المتخصصة عن انتاج سبيكة صلب بالغة الصلادة والقوة يمكنها مقاومة سرعات الدوران المرتفعة داخل أجهزة الطرد المركزى، رغم أن تلك الأنباء لم تتحدث عن الخطوة الاخيرة فى العملية.
وقال بولاك إنهما اطلعا خلال بحثهما على تقارير علمية وبراءات اختراع متخصصة فى تقنيات إنتاج مكونات مهمة للغاية فى أجهزة الطرد المركزى، منها المضخات التى تقوم بتفريغ الهواء من أجهزة الطرد المركزى والأنابيب قبل إضافة غاز اليورانيوم، وأيضا أجهزة الكترونية للتحكم فى سرعة المحرك الكهربى الذى يوضع فى قاعدة كل جهاز طرد مركزى.
البرنامج النووى الكورى الشمالى محاط بقدر هائل من السرية وينظر اليه داخليا على أنه أحد أسرار الدولة وكنوزها.
تقول الدولة الصغيرة المغرقة فى الفقر إنه يتعين عليها ان تكون قادرة على صد مكائد الولايات المتحدة الرامية لهدم نظامها السياسى.
لم يتضح بعد ما إذا كانت كوريا الشمالية تمكنت من تخصيب اليورانيوم بالدرجة اللازمة لإنتاج قنبلة نووية، وتقول بيونج يانج إن البرنامج سلمى ومخصص لأغراض إنتاج الطاقة فحسب.
غير أن محللين يعربون عن شكوك قوية فيما تعلنه الدولية الشيوعية، ويعتقدون أن بيونج يانج لديها منشآت أخرى لتخصيب اليورانيوم غير تلك التى تفقدها علماء أمريكيون عام 2010، يمكنها انتاج كميات ضخمة من اليورانيوم المخصب بدرجة كافية لإنتاج أسلحة.
كانت بيونج يانج قد توعدت- فى وقت سابق هذا العام فى إطار وابل من التهديدات الموجهة لواشنطن- بمواصلة كل نشاطاتها المتعلقة بإنتاج الوقود النووى، وأظهرت صور حديثة التقطتها الأقمار الصناعية أن بيونج يانج تعيد تشغيل مفاعل بلوتونيوم.
خبراء أمريكيون: كوريا الشمالية قادرة على بناء مكونات نووية متقدمة
الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013 11:31 ص