لم يكن يعلم أن هذا سيكون مصيره, لم يدر أن فكرته الدعوية الروحانية قد تتحول يومًا إلى إرهاب و إجرام، ودمًا يملأ الطرقات ويدنس تراب الوطن الطاهر, كان ذكيًا وفطنًا, الأول على دفعته بدار العلوم، حيث تخرج لبقًا ساحرًا فى حديثه, كل من قابله اتفق أو اختلف معه أقر وسلم بأنك لابد أن تحبه حين تتحدث إليه, كان حسن البنا أو المرشد كما كان يحب أن ينادى هو بذرة تنظيم الإخوان, اختلفت الرؤى حوله وتباينت الآراء, فمنهم من يراه إمامًا مسلمًا اهتم بالدعوة و نشر تعاليم الإسلام التى كانت حسب وجهة نظره قد بدأت تتلاشى من المجتمع فى ظل الليبرالية الهادرة التى اجتاحت المجتمع فى فترة العشرينيات, ومنهم من يراه عقليه قيادية فريدة, لم يكن الدين والدعوة هدفه الوحيد وإن كانت من ضمن أجندته السياسية ولكن هدفه الأسمى والذى دأب على تحقيقه بالتخطيط والسعى المضنى هو الوصول للسلطة, ومعه بدأت فكرة التمكين والأستاذية.
كان البنا ابنًا لأحمد عبد الرحمن البنا وشهرته الساعاتى, والده كان مأذونًا وإمام مسجد بالمحمودية, وورث مهنة الساعاتى من أسلافه وأورثها بدوره لابنه حسن البنا, فكان البنا وهو طفل وشاب يعمل بمهنة الساعاتى قبل أن ينهى دراسته ويمتهن التدريس, ولعل هذه المهنة جعلته يراقب عقارب الزمن وهو يمر, وما بين أفكار التجديد والتنوير فى هذا العصر, قرر البنا أن يجعل لساعته عقارب خاصة, هى مجازًا يطلق عليها عقارب, ولكن بعد سنين من ذلك الوقت, سيصبح المجاز واقعًا, ويتحول الإخوان إلى عقارب تلدغ أمن الوطن وتسمم نسماته العطرة بأفكار ومؤامرات لم يشهدها الشارع المصرى من قبل.
وعندما كان فى عامه الثالث عشر انطلقت بمصر موجة شعبية عارمة, لم يكن البنا يدرك مطالبها لصغر سنه ولكنه و لحداثة رغبته فى الزعامة, قرر أن يكون مشاركًا لهذه الجموع التى خرجت فى شوارع مصر تعترض على نفى الزعيم سعد زغلول، مرددين كلماته "الاستقلال التام أو الموت الزؤام", رددها البنا ذلك الصبى وهو يكاد يفقه ما يردده بصعوبة و لكنه منتشيًا بمشاركته وبالروح الثورية التى اتقدت بداخله ولم تنطفئ إلا بانطفاء نور حياته بعد سنوات من هذه اللحظه.
ولعل من يرى الطفل أو الشاب الصغير حسن البنا فى أثناء دراسته بمدرسة الرشاد الإعداديه يتعجب من هذا السلوك و هذا المنحى المختلف عن أقرانه, "جمعية الأخلاق الأدبية" "جمعية منع المحرمات", كل هذه وغيرها كان أسماء لجمعيات أنشأها حسن البنا, الصبى الصغير بالإعدادية!
حتى حين التحق بمدرسة المعلمين, لم تتوقف جمعياته عن التكوين واحدة تلو الأخرى وأهمها كانت "الجمعية الحصافية" فقد كان البنا فى هذا الوقت معجبًا بالفكر الصوفى الحصفى.
وحدث بعد ذلك حدثًا جللا, أثر فى كافة أرجاء البلاد الإسلامية, فى عام 1924 وكان حسن البنا فى سن الثامنة عشرة, انقلب الجيش التركى على السلطان عبد المجيد الثانى، ليصبح آخر خليفة عثمانى, ألغى أتاتورك الخلافة العثمانية, فالخلافة فقدت شرعيتها العالمية حين فقدت تبعية باقى الدول الإسلامية لها بل وحاربوا بعضهم البعض تحت إمرة المحتلين, واستنزفت الخلافة العثمانية كل موارد الممالك التابعه لها وأصبحت عائقًا أمام أى نمو أو ازدهار, هكذا قال أتاتورك فى روايته لأسباب إلغاء الخلافة العثمانية.
وكالعادة, حدث مثل هذا يؤثر على طائفتين من الناس وكل له منظورة, الطائفة الأولى هى طائفة عامة الشعب أو الشعوب, الذين مهما بلغت رغبتهم فى التحرر, ومهما بلغ نقدهم وبغضهم للأنظمة الحاكمة, سرعان ما ينتابهم الشعور بالفراغ حين يفقدون هذا الكيان الذى كانوا بالأمس يستندون إليه وهم ناقمون وساخطون, والطائفة الثانية, أصحاب المطامع والساعون وراء المناصب التى بها يحكمون و يملكون ويأمرون فيطاعون, وكان سقوط الدولة العثمانية مطمعًا لهم, فحاول الكثيرون أن يفرضوا أنفسهم كورثة لمنصب الخليفة, الملك فؤاد, ملك السعودية, وحسن البنا!!!
"وضعت الخلافة لوراثة النبوة" هكذا ادعى البنا وصدقه مريدوه , فأشعلت فكرة الخلافه لديه نارًا فوق نار حماسه وزادته يقظة وهمة, فماذا غير الخلافة يحقق له حلم التمكين ويطفئ نار الزعامة والقيادة داخل صدره, ومنصب الخليفة الآن خاوٍ, فلماذا لا يكون هو؟!
ومن المحمودية إلى الإسماعيلية, انتقل حسن البنا الساعاتى ليعمل مدرسًا هناك, والواقع أنه ليبدأ رحلة البناء, بناء هذا التنظيم الذى ما إن وجد واستقر بمصر حتى سالت دماء المصريين وانتهك أمنهم وعكر صفو حياتهم
وللحديث بقية .....
د.حاتم حلمى عزام يكتب: الساعاتى .. مرحلة البناء
الأحد، 22 سبتمبر 2013 04:22 م
حسن البنا
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب
انا مش عارف الاخوان كيدنكم كدة ليه؟
عدد الردود 0
بواسطة:
امام وخطيب
انت مش عارف حاجه الاخوان في كل بيت قريه مدينه محافظه بلد
علي فكرة انا مش اخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
امام وخطيب
انت مش عارف حاجه الاخوان في كل بيت قريه مدينه محافظه بلد
علي فكرة انا مش اخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
اخوان صهيون
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
الى 1
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
رقم 1
ماءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmedtokhi
الاخوان كذابيين خائنيين ارهابيين وعمرهم ماخدمو فى الجيش ولا فى الشرطه لاءنهم جواسيس
عدد الردود 0
بواسطة:
tarek
مارقين !
عدد الردود 0
بواسطة:
سامى السيد
كيف تربى عبدا مطيعا
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب
رقم6
شكراً