أثار مقترح بتعديل نص المادة الثالثة، لتنص على "احتكام غير المسلمين لشرائعهم"، بدلا من "اليهود والمسيحيين"، عاصفة من الجدل بين الدعوة السلفية، وممثلى حزب النور ومؤسسة الأزهر بلجنة الخمسين من ناحية، وممثلى الأقليات الدينية من ناحية أخرى.
وفى الوقت الذى رفض فيه نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامى هذا التعديل ووصفه بأنه "خطير"، ويعنى قبول أديان غير سماوية، ارتفعت أصوات أخرى تطالب بإلغاء المادة من الأساس، وآراء ثالثة تؤيد هذا التعديل.
ومن جانبه رفض المفكر والقيادى الشيعى البارز الدكتور أحمد النفيس تعديل نص المادة الثالثة لتنص على "احتكام غير المسلمين لشرائعهم"، بدلا من "اليهود والمسيحيين"، مؤكدا أن النص على احتكام غير المسلمين لشرائعهم سيفسح المجال لتعدد المحاكم والقوانين وينشئ نظاما مختلطا للمحاكم.
وأوضح المفكر الشيعى فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن المادة الثانية والتى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع تتضمن إقرار الأحوال الشخصية للأقباط واليهود، لافتا إلى أن المادة الثالثة لن تضيف شيئا، وتفتح أبوابا للخلاف حول قوانين الأحوال الشخصية.
كما أكد أحمد سامر العضو المؤسس فى حركة علمانيون أن استبدال مصطلح "المسيحيون واليهود" بـ"غير المسلمين" بالمادة الثالثة من الدستور لا يرضى طموح الأقليات الدينية بمصر، موضحا أنها عبارة كالفخ، لأن احتكام كل شخص لشريعته تجعلنا فى غابة لتضارب الشرائع.
وأضاف سامر فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن المادة الثالثة بنصها الحالى تقصى أكثر من مليون مصرى من الشيعة والبهائيين والملحدين، لإرضاء المسلمين واليهود والأقباط، مطالبا بإلغاء تلك المادة من الأساس.
وشدد سامر على ضرورة أن ينص الدستور الجديد صراحة على مبدأ المواطنة، لافتا إلى أن الحديث عن هوية الدولة هو إضاعة للوقت، قائلا "فلا خطر أو ضرر على الإسلام من مواد الهوية بالدستور المصرى".
وأشار العضو المؤسس بحركة علمانيون أن مؤسسة الأزهر هى مؤسسة مخترقة سياسيا، مقترحا أن يضم الدستور مواد تنص على مبدأ المواطنة ومنها، "مصر جمهورية علمانية نظامها ديمقراطية ذات سيادة غير قابلة للتجزئة تقوم على مبدأ المواطنة"، ومادة أخرى تنص على أن "هوية الدولة هى الهوية المصرية وهى هوية جامعة قائمة على التعددية والتعايش، وقبول الآخر تحتوى جميع الانتماءات الدينية والعرقية والثقافية وتشكل جميعها النسيج الوطنى للأمة المصرية".
وعلى الجانب الآخر رحب الناشط القبطى الدكتور نجيب جبرائيل، مدير منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، بتعديل نص المادة الثالثة، مؤكدا أن هذا النص بعد التعديل يعطى الحق للمصريين كلهم، لافتا إلى أن تحديد الديانة يجعلهم رعايا دولة، وليسوا مواطنين مصريين، قائلاً "لا نريد أن نعود كما كان يصفنا حزب النور بالنصارى".
وأوضح جبرائيل لـ"اليوم السابع" أن هناك تخوفات لدى مؤسسة الأزهر وحزب النور أن يندرج تحت لفظ "غير المسلمين" الشيعة واللادينيين والبهائيين، مؤكدا أنها تخوفات مشروعة، لافتا فى الوقت ذاته إلى أن لفظ المسيحيين واليهود يعتبر لفظا عنصريا أو طائفيا، ويصفهم كأقلية، وأن لفظ غير المسلمين يتواكب ويتوازى مع مفهوم المواطنة.
وبدوره قال المحامى عادل رمضان مسئول لجنة الحريات المدنية بالمبادرة المصرية لحقوق الشخصية، إن النص المقترح غير جديد على التشريعات المصرية بل هو الأصل، مؤكدا أن تحديد ديانات بعينها بنص المادة الثالثة من الدستور هو شكل من أشكال التمييز ضد الديانات الأخرى.
ولفت رمضان فى تصريحات لـ"اليوم السابع" إلى أن حقيقة الوضع ان أصحاب الديانات الأخرى، مثل البهائيين واللادينيين لا يطالبون بالاحتكام لشرائعهم، إنما يريدون ممارسة شعائرهم دون مضايقات أمنية.
وشدد رمضان على أن نص المادة الثالثة مقيد جدا ويشكل انتهاك للمواثيق الدولية فى جد ذاته، تخوفات ليست فى محلها فالبهائيين يطالبون بأبسط حقوقهم، الواقع أنه لن يؤدى إلى إخضاع الناس على الخضوع لمعتقدات دينية لا يؤمنون بها.
ومن ناحيتها أيدت ماجدة هارون رئيس الطائفة اليهودية بمصر بالتعديل المقترح لتشمل المادة "غير المسلمين" بدلا من "المسيحيين واليهود"، نظرا لوجود ديانات أخرى داخل مصر مثل البهائيين والشيعة واللادينيين.
وأشارت هارون فى تصريحات لـ"اليوم السابع" إلى أنه بالطبع سيكون هناك التباس فى القوانين والتشريعات الخاصة بالزواج والميراث، واقترحت تطبيق الزواج المدنى والابتعاد عن الزواج الدينى، وأن يكون هناك قانون موحد للميراث على أساس مدنى وليس دينى.
جدل واسع بين الأقليات الدينية حول تعديل نص المادة الثالثة من الدستور.. جبرائيل: تخوفات ممثلى الأزهر والنور من التعديل مشروعة.. و"علمانيون" تطالب بإلغاء المادة من الأساس.. والطائفة اليهودية ترحب
الأحد، 22 سبتمبر 2013 02:52 ص