المستشار على عوض: العدالة الانتقالية ليست انتقامية أو انتقائية

الأحد، 22 سبتمبر 2013 03:15 م
المستشار على عوض: العدالة الانتقالية ليست انتقامية أو انتقائية المستشار على عوض
(أ.ش.أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد المستشار على عوض صالح، المستشار الدستورى لرئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور، أن عملية العدالة الانتقالية بعد ثورة 30 يونيو اتخذت مساراً جدياً ومهماً، باتخاذ خطوات فعلية نحو تحقيقها، بداية من إنشاء وزارة للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، والعمل حاليا على إنشاء مفوضية العدالة الانتقالية التى تجسد الجوانب القانونية والفنية تحت إشراف مباشر من رئاسة الجمهورية.
واعتبر المستشار فى كلمته أمام مؤتمر العدالة الانتقالية فى الدول العربية المنعقد اليوم، الأحد، فى جامعة الدول العربية، أنه على الرغم من عدم اتخاذ خطوات معلنة ومنظمة لتحقيق العدالة الانتقالية بعد ثورة يناير، إلا أنه جرى اتخاذ عدة خطوات يمكن إدراجها تحت مسمى العدالة الانتقالية مثل تقديم رئيس الدولة وكبار معاونيه للمحاكمة, لكن هذه المحاكمات لم تشمل الجرائم التى ارتكبت خلال فترة حكمهم بل اقتصرت على أحداث ثورة يناير.
وشدد مستشار الرئيس على أن العدالة الانتقالية ضرورة لا غنى عنها لتحقيق السلم الاجتماعى فى مصر والدول العربية التى شهدت تغيرات جذرية، وأن تكون هذه العدالة "ليست انتقامية ولا انتقائية"، بل تهدف لتهيئة المناخ اللازم لانتقال المجتمع من حالة الاحتقان والصراع التى يعيشها حاليا، وهو المفهوم الذى تتبناه القيادة المصرية الحالية لتحقيق العدالة الانتقالية مع تنظيم الإخوان.
وتناول المستشار على عوض صالح عددا من التجارب الدولية فى تحقيق هذه العدالة الانتقالية منها على سبيل المثال تجربة جنوب أفريقيا التى تبلورت حول مبدأ أن لا حل مسلحا يمكن أن ينهى النزاع وأن الحل السلمى هو الحل الامثل مع ضرورة عدم حصول اى طرف على 100 % مما يريد، مشيرا إلى أن آليات العدالة الانتقالية فى هذه الدول شملت تشكيل لجان تقصى حقائق، ورفع الدعاوى القضائية، وتخصيص برامج للتعويض المادى والمعنوى للمتضررين إصلاح المؤسسات الشرطية التى استخدمت كآليات للقمع، وإنشاء المتاحف والأماكن التذكارية لتخليد ذكرى الجرائم ورفع الوعى بجرائم الماضى لتجنب تكرارها فى المستقبل.
من جانبه أكد الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية أهمية أعمال المؤتمر، خاصة أنه ينعقد فى فترة فارقة فى تاريخ الشعوب العربية بعد أن أنهكتها واستنفدت قواها صراعات طاحنة ومعارك ضارية، لافتا إلى أن هذه المعارك والصراعات قد خلفت ضحايا ومصابين، وأرامل ويتامى، وجاءت على أبجديات مبادئ سيادة دولة القانون فى المجتمعات الإنسانية، بحيث غدت عقبة فى سبيل تحقيق طموح ما نادت به وقامت من أجله ثورات ما أطلق عليها الربيع العربى.
وأوضح العربى، فى كلمته التى ألقاها نيابة عنه "الوزير مفوض إيهاب مكرم بالإدارة القانونية بالجامعة العربية"، أن هناك اعتقادا خاطئا ساد واستشرى أثره فى الآونة الأخيرة وبعد سنوات قليلة من تلك الثورات العربية، وهو أن الثورة تعنى إسقاط الدولة وليس إسقاط النظام المستبد القمعى الذى كان سائدًا، مشيرا إلى أنه لذلك تعثرت خطوات التغيير فى بعض الدول العربية، وتبددت الجهود القانونية والاجتماعية فى البعض الآخر، ومن ثم بدت الحاجة ملحة الآن إلى تبنى آليات محددة وفاعلة للعدالة الانتقالية ليس فى تلك الدول التى ثارت شعوبها ضد الفساد والظلم، ولكن أيضًا فى جميع الدول العربية التى تنشد إقامة دولة مدنية حديثة فى جوانبها القانونية والسياسية والاجتماعية المختلفة.
وأضاف العربى، أن أول إعمال لآليات العدالة الانتقالية التى يناقشها المؤتمر كان مع محاكمات نورمبرج التى أجريت للنازيين فى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لافتا إلى أنها قد تتم على المستوى المحلى أو الإقليمى أو الدولى أو من قبل بعض الأجهزة الخاصة مثل المحكمة الخاصة بسيراليون.
وتابع، "أما لجان تقصى الحقيقة فهى هيئات غير قضائية تجرى تحقيقات بشأن الانتهاكات التى وقعت فى الماضى الأليم، وتقوم بإصدار تقارير وتوصيات بشأن سبل معالجة الانتهاكات والترويج للمصالحة، وتعويض الضحايا وإحياء ذكراهم، وتقديم مقترحات لمنع تكرر تلك الانتهاكات والخروقات مستقبلا".
وأضاف العربى، أن هذه العملية تشمل أيضا إصلاح المؤسسات التى لعبت دورا فى هذه الانتهاكات وهى بعض القطاعات الأمنى والمؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية وغيرها، وغالبا ما تشمل هذه الجهود تعديلات تشريعية وأحيانا دستورية.
وشدد العربى على أن المصالحة الوطنية هى الجزء المتمم والمكمل لمصطلح العدالة الانتقالية، كونها تعد شكلاً من أشكال العدالة الانتقالية وهدفًا من أهدافها.
واقترح العربى، فى كلمته، مجموعة من الآليات الخاصة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتتضمن إنشاء هيئات متخصصة فى كافة الدول العربية فى مجالات العدالة الانتقالية، والعمل على نقل الخبرات الدولية للمجتمعات العربية فى مجالات العدالة الانتقالية، والمصالحة المجتمعية والتحول الديمقراطى، ومحاولة الوصول إلى أهم المعايير والهياكل المؤسسية اللازمة لتطبيق آليات العدالة الانتقالية.
كما طالب العربى، فى الإطار ذاته، مؤسسات المجتمع المدنى فى الدول العربية القيام بدورها فى خلق حالة وعى مجتمعى عام لمفاهيم العدالة الانتقالية، وتقديم الخبرات القانونية والسياسية والاجتماعية للحكومات فى مجالات التخطيط الاستراتيجى فى المصالحة الوطنية واعتماد مناهج العدالة الانتقالية وآلياتها الهادفة إلى ترسيخ سيادة دولة القانون.
من جانبه، أكد المستشار الدكتور خالد القاضى رئيس مجلس أمناء المركز العربى للوعى بالقانون، أن الظروف الراهنة التى تجتازها المنطقة العربية، خاصة الدول التى شهدت ومازالت تشهد ذاك الحراك المجتمعى الهادر على كافة الأصعدة والمجالات، أهمية تطبيق آليات العدالة الانتقالية لافتا إلى أن هذا الحراك أدى بدوره إلى الانتقال من نظم سياسية إلى نظم أخرى مخالفة لها فى التوجهات أو الأيديولوجيات.
وأضاف القاضى، أن هذا الانتقال تم ويتم بطرق سلمية أحيانًا أو قد تصحبه تظاهرات أو أحداث عنف ربما تتطور لصراعات طائفية أو عرقية أو حروب أهلية، يُذكى سعيرها دائما تدخل القوى الخارجية، مما قد ينجم عنها شروخات بين أطياف المجتمع أو انقسامات بين أبناء الشعب الواحد، قد تمتد لعدد من السنوات.
وأرجع القاضى حالة عدم الاستقرار التى تشهدها بعض دول الربيع العربى، إلى عدم تطبيق آليات العدالة الانتقالية على نحو ناجع،مشيرا الى ان التجربة أثبتت ا أنه من المهم دائماً معالجة الآثار التى خلفتها تلك الصراعات من خلال آليات العدالة الانتقالية لإعادة السلم والاستقرار الاجتماعى فى تلك الدول، فضلاً عن تحقيق "المصالحة الوطنية".
وقال القاضى، "يناقش الكثير من الموضوعات ذات الصلة بآليات العدالة الانتقالية، أهمها المحاكمات القضائية، ولجان تقصى الحقائق، التعويضات المادية والمعنوية لأسر الشهداء وللمصابين،وإصلاح المؤسسات، وسيادة دولة القانون،والمحاسبة القانونية قبل المصالحة الوطنية، ومفهوم القصاص، ودور آليات العدالة الانتقالية فى إصلاح أجهزة الدولة وتطويرها ،قواعد صياغة تقارير هيئات العدالة الانتقالية ولجانها".
وأكد أن المركز العربى للوعى بالقانون سوف يواصل جهوده فى هذا المجال بعقد مؤتمراته وندواته بصفة دورية بالتعاون مع جامعة الدول العربية للوصول إلى تصور محدد لمفهوم العدالة الانتقالية، وتوضيح آلياتها واستراتيجياتها وتكثيف الوعى المجتمعى بها لتحقيق غاياتها المنتظرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة