يبدأ خلال ساعات قليلة العام الدراسى الجديد ويبدأ معه أيضًا عام طلابى جديد، وسط ظرف سياسى معقد، تبدل فيه المشهد السياسى عن العام الماضى من النقيض إلى النقيض، فتحول الإخوان من السلطة إلى المعارضة حتى لو رفضوا الاعتراف بذلك، وتصدرت القوى المدنية المشهد بشكل أو بآخر.. هذا المشهد المعقد وخريطة التحالفات السياسية خارج أسوار الجامعة ستؤثر بلا شك على الحراك السياسى داخل أسوار الجامعة، وستكون المحرك الرئيسى له، وبلا شك سيلعب ذلك الحراك الطلابى الدور الأكبر فى محاولات تغيير المعادلة خارج أسوار الجامعة، وهو ما تراهن عليه جماعة الإخوان التى تمتلك جناحًا طلابيًا قويًا ومنظمًا ينتشر فى كل جامعات مصر، وله فى ذلك المجال خبرات كبيرة، وأجندة يتحرك بها، وفقًا لأولويات الجماعة التى ترى فيه نافذة الأمل الوحيدة للعودة إلى دائرة القوة التى ضعفت بعد فشلها المتوالى فى الحشد خارج أسوار الجامعة.
الجماعة حرصت طوال الفترة الماضية على إبعاد قيادات الطلاب عن المشهد الملتهب فى الشارع، فلم تطله الضربات الأمنية، ما يدل على أنها تريد الإبقاء على جسدها الطلابى سليمًا معافى لتدخره فى المعركة التى ستبدأ خلال ساعات قليلة، وإن كان للتحالفات الخارجية تأثير فإن الأقرب للتحالف مع طلاب الجماعة هم الجناح الأكثر تشددا، والأقل عددا من الطلاب المنتمين للتيار السلفى من أحزاب الأصالة، والحضارة، والبناء والتنمية، وطلبة التيار المصرى، وبعض طلاب مصر القوية المنتمين فكريًا لجماعة الإخوان والذين خرجوا منها مع تأسيس عبدالمنعم أبو الفتوح للحزب، وبنظرة سريعة لمكون هذا التحالف فإنه يضم فصائل الإخوان مع بعض الزوائد السياسية التى لا تأثير لها ولا حضور حقيقى، رغم أنه من المتوقع أن تطلق عليه الجماعة اسمًا جامعًا تغطى به كونها تقف بمفردها فى مقابل الحركة الوطنية كعادتها بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، كما فعلت مع التحالف الوطنى لدعم الشرعية.
لا يخلو الملعب الطلابى هذا العام من لاعبين أقوياء سيكون لهم تأثير بلا شك على مجريات الأمور داخل الجامعة، على رأس هؤلاء اللاعبين التيار الشعبى الذى تمر ذكرى تأسيسه الأولى خلال أيام، ويمتلك جناحًا طلابيًا قويًا مدفوعًا بملايين الأصوات التى حصل عليها مؤسسه فى الانتخابات الماضية والتراث النضالى الطلابى للعديد من مؤسسيه، وحقق طلابه نجاحات كبيرة فى الانتخابات الطلابية، وسيطروا بالتنسيق مع طلاب حزب الدستور على عدد لا بأس به من المقاعد فى اتحادات الجامعات واتحاد طلاب الجمهورية الذى عاد بعد غياب، أما اللاعب الآخر الأقرب إلى استمرار تحالفه مع التيار الشعبى فهم طلاب حزب الدستور الذى ظهر تميزه وانتشاره فى العام الماضى مع إعلان تأسيس الحزب بقيادة الدكتور محمد البرادعى أحد أيقونات ثورة يناير، ورغم تعرض الحزب لانتكاسة كبرى بعد استقالة البرادعى من الحزب، ثم استقالته المفاجئة من منصب نائب الرئيس فإن الجناح الطلابى ما زال الأكثر تماسكًا والأكثر إصرارًا على المضى قدمًا فى طريقه ويمثل مع التيار الشعبى نواة صلبة للتيار المدنى داخل الجامعة.
أما اللاعب الآخر الذى لا يمكن إنكار وجوده رغم قلة تأثيره نسبيا فهو حزب مصر القوية، الذى يمتلك عددًا لا بأس به من الطلاب، يتيح له التحرك والمناورة، ويعانى طلاب مصر القوية من المواقف المتذبذبة لعبدالمنعم أبوالفتوح مؤسس الحزب، فتذبذبت مواقفهم داخل الجامعة، ما أدى إلى بعض الانشقاقات الصغيرة المرشحة للتصاعد فى الفترة القادمة، كما يعانى طلاب مصر القوية من كونهم خليطًا من الطلاب الإخوان السابقين، وهم الأكثر تعاطفًا مع الجماعة بحكم التربية والنشأة السياسية، والبعض ممن اجتذبته تجربة أبوالفتوح فى الرئاسة، وهى الأقرب للتحالف مع طلاب التيار المدنى، وهو ما يمكن أن يؤكد أن طلاب مصر القوية فى طريقهم إلى انشقاق كبير سيمنعهم من لعب دور مؤثر.
لا تخلو الساحة الطلابية من قوى سياسية أخرى بعضها تأسس قبل ثورة يناير بسنوات طويلة، ولعب دورًا مؤثرًا فى سنوات ما قبل الثورة على رأسها نوادى الفكر الناصرى التى تأسست فى سبعينيات القرن الماضى، ولعبت دورًا مهمًا فى مواجهة نظامى السادات ثم مبارك، ورغم خفوت صوتها فإنها ما زالت تمتلك التنظيم والكوادر القادرة على الحركة، وتعتبر نوادى الفكر نفسها حليفًا طبيعيًا للتيار الشعبى والدستور أما القوى التقليدية الأخرى الموجودة فى الجامعة منذ سنوات طويلة أيضًا هى القوى الاشتراكية التى يمثلها بالجامعة طلبة «الاشتراكيون الثوريون» الذين رغم قلة عددهم نسبيا قياسًا إلى القوى الطلابية الأخرى، فإنهم يتميزون بالتنظيم الشديد، والدأب فى الحركة، أما التنظيم الآخر الذى أسس قبل ثورة يناير فهو حركة 6 أبريل التى تأثرت بلا شك بالانقسام الذى حدث داخل الجماعة، كما تأثرت سلبًا بتذبذب مواقف بعض مؤسسيها والسمعة السيئة التى تلاحق البعض الآخر، هذا إلى جانب بعض التنظيمات الثانوية التى يمكن أن تلعب دورًا من خلال التحالفات التى تجرى الآن على قدم وساق، خلاصة القول أن المشهد السياسى يحمل هذا العام تعقيدًا غير مسبوق، وفى كل الأحوال يمتلك التيار المدنى ميزة نسبية منذ سنوات طويلة وهى تعاطف الجمهور الذى يكره الجماعة وخرج ضدها بالملايين فى 30 يونيو، فهل ينجح فى استغلال ذلك لصالحه؟ الإجابة تفصلنا عنها ساعات قلائل.
طارق سعيد يكتب: عام جديد للحركة الطلابية.. الجماعة فى مواجهة القوى السياسية.. الإخوان يعتمدون على جناحهم الطلابى فى تحقيق ما فشلوا فيه خارج أسوار الجامعة
السبت، 21 سبتمبر 2013 02:48 ص
جامعة القاهرة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل فهيم
زميل قديم من ايام الجامعة!!!