يعتبر الملا عبد الغنى برادار الذى أفرجت عنه باكستان السبت من قدماء المقاتلين الأفغان ضد الاحتلال السوفياتى قبل أن يتحول إلى الذراع اليمنى لزعيم حركة طالبان الأفغانية الملا عمر، وينظر إليه على انه منفتح على مفاوضات سلام.
واعتقل برادار مطلع 2010 فى ضواحى مدينة كراتشى الباكستانية التى تعتبر من القواعد الخلفية لقادة طالبان الأفغان، فى عملية قامت بها سى.آى.إيه بمساعدة أجهزة الاستخبارات الباكستانية.
وبما أن الملا عمر ما زال فارا، فان برادار يعتبر اكبر قيادى طالبانى يعتقل منذ اعتداءات11 سبتمبر 2001 التى سرعت الإطاحة بنظام طالبان فى كابول.
وساهم اعتقاله فى إثبات باكستان التى غالبا ما اتهمها الغربيون باتخاذ مواقف مزدوجة ودعم طالبان خفية من اجل الدفاع عن مصالحها فى أفغانستان، حسن نيتها لحلفائها الأمريكيين، وفى الوقت نفسه الاحتفاظ بقيادى قد يلعب يوما ما دورا حاسما فى مفاوضات سلام محتملة فى أفغانستان.
ولد الملا عبد الغنى برادار سنة 1968 فى ولاية اوروزغان الأفغانية (جنوب) وقاتل السوفيات نهاية الثمانينات بدعم من الولايات المتحدة وباكستان فى تلك الفترة قبل أن يساهم فى تأسيس حركة طالبان.
وعندما استولى طالبان على الحكم فى كابول فى 1996، رقى الملا عمر الشاب برادار إلى مساعد وزير الدفاع وهو منصب إستراتيجى.
وبعد سقوط نظامهم المتهم بإيواء تنظيم القاعدة لتنفيذ اعتداءات 11 سبتمبر، انتقل قادة من الحركة إلى باكستان التى تحولت الى قاعدتهم الخلفية، وتسارع ارتقاء الملا برادار حينها داخل هرمية حركة التمرد الأفغانية.
وفى ديسمبر 2006 قتلت القوات البريطانية فى ولاية هلمند (جنوب) الملا اختر عثمانى المسئول السابق عن العمليات المسلحة والعضو فى "مجلس شورى كويتا" المركزى لطالبان، وبعد بضعة اشهر لقى الملا داد الله قائد طالبان الكبير مصرعه أيضا فى جنوب أفغانستان.
وكتب الصحفى الباكستانى أحمد رشيد فى كتاب مرجعى حول حركة التمرد الأفغانية أن "تلك الخسائر أدت إلى ترقية الملا برادار القريب من الملا عمر منذ أيام طالبان الأولى". وأصبح برادار رئيس اللجنة العسكرية فى طالبان، إى انه هو الذى يعين القادة الميدانيين.
وقال كريم بكزاد الباحث فى مركز العلاقات الدولية والإستراتيجية فى باريس، إنه عندما اعتقل "شاع الأمر عن اختلافات" بينه وبين الملا عمر. وفى صفوف طالبان عدة تيارات تختلف خصوصا حول مفاوضات سلام محتملة مع كابول والغربيين.
وفى 2010 أشير إلى برادار على انه من مؤيدى حل تفاوضى للنزاع الأفغانى ذلك ما يفسر إطلاق سراحه من اجل فتح مفاوضات سلام مفترضة لوضع حد لأكثر من 12 سنة من الحرب.
لكن قسما آخر من حركة طالبان يرفض أى تفاوض، ويشتبه فى أن ذلك التيار يخضع لأجهزة الاستخبارات الباكستانية التى تريد الاحتفاظ بنفوذها فى عملية السلام فى أفغانستان ولا تتفاوض إلا وفقا لشروطها، لكن موقف الملا عمر الذى يظل غائبا ولا يتكلم إلا بما ندر من البيانات، ما زال لغزا.
لكن الحوار مع طالبان الذى تتطلع إليه كابول وحلفاؤها الأمريكيون، ما زال متعثرا لاسيما أنهم يرفضون التفاوض مع الرئيس الأفغانى حميد كرزاى الذى يعتبرونه "دمية بأيدى الولايات المتحدة".
ومع اقتراب موعد انسحاب القوات الغربية من أفغانستان الذى يخشى أن يفسح المجال أمام حرب أهلية جديدة، حصل كرزاى على موافقة الباكستانيين على الإفراج عن معتقلى طالبان مما قد يساهم فى دفع عملية السلام.
وهنا يفترض أن يدخل الساحة برادار القريب تاريخيا من الملا عمر والمنحدر من قبيلة الباشتون الصغيرة التى ينتمى إليها الرئيس حميد كرزاى فى جنوب أفغانستان، وهى قبيلة بوبالزاي. لكن نتيجة الإفراج عنه ستكون خصوصا رهن قدرته غير المؤكدة حتى اليوم، على كسب الأهمية التى تمتع بها فى صفوف طاليان.
"برادار" الذراع اليمنى للملا عمر يدخل الساحة السياسية الأفغانية قريبا
السبت، 21 سبتمبر 2013 03:01 م