صالح المسعودى يكتب: المغالاة

الخميس، 19 سبتمبر 2013 04:23 م
صالح المسعودى يكتب: المغالاة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المغالاة بالمفهوم البسيط هى إعطاء الأمر أكبر من حجمه أو تضخيمه وتزويده عن الحد المتعارف عليه، وهى بذلك امر منافى للحكمة التى هى فى الأساس (وضع الأمر فى حجمه الطبيعى)، والحكيم هو من يجعل الأمور فى نصابها، ولهذا امتدح المولى عز وجل الحكمة والحكيم فى كتابه الكريم بقوله سبحانه (يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا).

والمغالاة كانت من أهم أسباب الشرك فى الأرض، حيث بدأت بتقديس الأولياء والمغالاة فى ذلك حتى وسوس لهم الشيطان بتخليدهم بالرسم ثم التجسيد حتى عبدت الأصنام من دون الله.

وبرغم ما نحن فيه الآن من تقدم علمى وثقافى إلا أن المغالاة ما زالت موجودة وبإصرار عجيب من البعض، فالمغالاة بالتعصب فى حب شخص يجعلك لا ترى إلا هو ولا تسمع إلا منه، وهذا أمر منافٍ للفطرة التى فطر الله الناس عليها، حيث ميزهم سبحانه بالعقل بل وطلب منهم أعمال العقل بالتدبر والتفكير.

فلابد من جمع الآراء والبحث عن الحقيقة بتنوع مصادر المعرفة ووجهات النظر، ولكننا نرى وللأسف الشديد رغم ما أوردنا من تقدم علمى واتساع لمساحة الثقافة إلا أن هناك ممن يندرج تحت مسمى المثقفين من يغالى فى الاتباع لأساتذته أو من أخذ على أيديهم العلم لدرجة تجعله يحارب من يخالفهم الرأى أو منهج التفكير.

إلا يعلم هذا المثقف أن الاختلاف (وليس الخلاف) شىء مهم فى المجتمع فقد وجد هذا الاختلاف فى الرؤى منذ عهد النبوة وما أوردته كتب التاريخ من اختلاف رؤى بين صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بل وبين الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه فى تصريف بعض الأمور.

فإن كنا نريد أن نتعايش فى مجتمع متماسك يجب علينا أن نبتعد عن المغالاة ويجب أن نعمل على أهمية تقبل الغير ورأيه، وأن نحترم وجهة نظره، وأن نعيد ترتيب مفاهيمنا وسلوكياتنا، ولابد أن نؤمن بأن (رأينا صحيح يحتمل الخطأ ورأى غيرنا خطأ (من وجهة نظرنا)، ولكنه يحتمل الصواب حتى نجد للغير أعذارا، كما يجب علينا أن نقترب من القول المأثور (أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما).





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة