د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: طعن مرفوض

الخميس، 19 سبتمبر 2013 10:05 م
د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: طعن مرفوض لجنة الخمسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تباينت آراء القوى السياسية وأعضاء لجنة الخمسين المعنية بالنظر فى التعديلات الدستورية المقترحة من لجنة الخبراء على دستور 2012 المعطل بشأن المنهج الذى يجب أن تسكله هذه اللجنة لإعداد دستور توافقى يلبى طلبات واحتياجات المجتمع المصرى بأسرة، حيث يرى البعض ضرورة وضع دستور جديد بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فى حين يرى البعض الآخر أن اللجنة المنوه عنها لا تملك سوى إدخال تعديلات دستورية فقط على دستور 2012 المعطل وذلك إعمالاً لنصوص الإعلان الدستورى الصادر من رئيس الجمهورية المؤقت بتاريخ 8 يوليو 2013.

وقد بلغ هذا الخلاف مداه إلى الحد الذى دعا البعض إلى القول بأن قيام لجنة الخمسين بوضع دستور جديد للبلاد واستفتاء الشعب عليه يجعله مشوباً بعيب عدم الدستورية لمخالفته لأحكام الإعلان الدستورى الصادر من رئيس الجمهورية المؤقت، مما يجعله عرضه للطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا، وهى الجهة القضائية المنوط بها مراقبة مدى دستورية التشريعات.

والواقع أن ما جاء فى الرأى الأخير يناهض تماماً ما ذهب إليه جانب كبير من رجال الفقه الدستورى المصرى، وما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا المصرية.

وسندنا فى ذلك ما قضت به المحكمة الدستورية العليا فى بعض أحكامها بأن الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا كلاهما، إذ قصرا ولاية المحكمة الدستورية العليا – فى مجال مراقبة الشرعية الدستورية – على النصوص القانونية دون غيرها، سواء فى ذلك تلك التى أقرتها السلطة التشريعية أو التى أصدرتها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها الدستورية، فإن قالة إخضاع الدستور لهذه الرقابة، تكون مجاوزة حدود هذه الولاية.

ويعد الدستور – فى حقيقة الأمر – المصدر الأول للشرعية، والأساس لكل القوانين التالية له فى المرتبة، ويأتى فى القمة من البناء القانونى، فإنه – أى الدستور- ينأى إذن بطبيعته عن الرقابة القضائية التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا على دستورية التشريعات، ويكون احترام نصوصه واجباً على كل سلطات الدولة بما فيها السلطة القضائية.

ويجدر التنويه إلى أن استبعاد الدستور من نطاق الرقابة على الدستورية هو أمر يتفق مع المنطق القانونى السليم على اعتبار أن السلطة التأسيسية هى التى وضعت الدستور، ومن خلاله نشأت السلطات الأخرى، ومن بينها المحكمة الدستورية العليا فكيف يتسنى لسلطة منشأة – أى المحكمة الدستورية العليا – أن تراقب الآلية التى أوجدتها، وهى الدستور؟!

ومن المبادئ التى أرستها المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن، ما قررته فى أحد أحكامها بأن كلاً من الدستور والقانون قد منحا المحكمة الدستورية العليا اختصاصاً منفرداً بمراقبة مدى توافق القوانين واللوائح دون غيرها مع نصوص الدستور، باعتباره القانون الأساسى الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول، التى يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة، ويرسم لها وظائفها، ويضع الحدود والقيود الضابطه لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، فإن قالة إخضاع الدستور لهذه الرقابة تكون مجاوزه حدود ولاية المحكمة الدستورية العليا.

ومن المعلوم أن الدستور يتميز بطبيعة خاصة تضفى عليه السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات، وعماد الحياة الدستورية وأساس نظامها فحق لقواعده – بالتالى – أن تستوى على قمة البناء القانونى للدولة وأن تتبوأ مقام الصداره بين قواعد النظام العام على اعتبار أن أحكام الدستور هى أسمى القواعد الآمرة التى تلتزم الدوله بالخضوع لها فى تشريعاتها وقضائها، وفى مجال مباشرتها السلطة التنفيذية.

ونخلص مما تقدم بيانه أن الدستور لا يندرج فى مفهوم التشريعات التى تباشر المحكمة الدستورية العليا الرقابة عليها فى نطاق ولايتها فى مجال رقابة الدستورية، على اعتبار أن الدستور مظهر الإرادة الشعبية ونتاجها، وقاعدة لنظام الحكم فى الدولة، وإطاراً ملزماً لحقوق الجماهير وحرياتها، وعلى هذا النحو إذا طعن بعدم دستورية التعديلات الدستورية التى سوف تجريها لجنة الخمسين بعد استفتاء الشعب عليها أمام المحكمة الدستورية العليا، فسوف تقضى هذه المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن على دستوريته، للأسباب سالفة البيان.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة