التوقيت السياسى يضاعف فوائد صفقة أبوظبى الاستثمارية لروسيا

الخميس، 19 سبتمبر 2013 01:10 ص
التوقيت السياسى يضاعف فوائد صفقة أبوظبى الاستثمارية لروسيا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبى
الأناضول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصف خبراء اقتصاد فى موسكو إقدام حكومة أبوظبى على استثمار خمسة مليارات دولار فى صندوق مشترك لتمويل مشاريع البنية التحتية فى روسيا بأنه الاستثمار الأضخم الذى تقوم به جهة أجنبية فى البنية التحتية الروسية، مؤكدين أن هذا المبلغ يعادل قيمة جميع الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى تم ضخها فى الإقتصاد الروسى عموماً فى عام 2011.

ولكن المراقبين السياسيين أعطوا هذه الصفقة، التى تم الإعلان عنها نهاية الأسبوع الماضى، أهمية مضاعفة لقيمتها المالية والاقتصادية، بسبب توقيتها سياسياً، وثمنوا هذا التوقيت بما لا يقل عن خمسة مليارات دولار أخرى، الأمر الذى يترجم بدعم "اقتصادى – سياسى" من دولة عربية خليجية اتخذت سلسلة مواقف ضد نظام بشار الأسد فى سوريا، إلى روسيا وهى دولة كبرى وشريكة للنظام السورى ومن أكبر الداعمين له سياسيا وعسكريا.

وتزود روسيا نظام الأسد بمختلف أنواع السلاح من طائرات وصواريخ استخدمها فى تدمير سوريا منذ أكثر من ثلاثين شهراً، حتى أصبحت بحاجة إلى نحو 84 مليار دولار لإعادة إعمار بنيتها التحتية المدمرة.

واللافت فى الأمر أن دولة الإمارات العربية المتحدة من أهم دول مجلس التعاون الخليجى التى أيدت تنفيذ الضربة العسكرية التى برزت بقوة جدية فى مطلع سبتمبر 2013 ضد النظام السورى؛ بسبب إقدامه على استخدام الأسلحة الكيماوية بقتل شعبه، وهى تعتبر أن استمرار الحرب السورية وتطوراتها الإقليمية أصبحت تهدد الأمن القومى لمنطقة الخليج بكاملها، حتى أن دولاً خليجية أيدت استعدادها للمساهمة فى تمويل التكلفة المالية لهذه الضربة مهما بلغت، شرط أن تحقق هدفها لجهة الإطاحة بنظام الأسد.

وقبل توقيع الصفقة الاستثمارية بمقر الكرملين أثناء زيارة وفد إماراتى برئاسة ولى عهد أبوظبى ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لموسكو الأسبوع الماضى، كانت حكومة دولة الإمارات قد شاركت فى اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون، أكدوا بنتيجته دعم المعارضة السورية بكل الوسائل المتاحة، والعمل على وقف نزيف الدم السورى، وقيام نظام ديموقراطى يحقق الأمن والاستقرار لهذا البلد العربى.

ولوحظ أن وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الذى شارك فى الوفد، قد سافر بعد توقيع الصفقة إلى باريس، حيث شارك وزيرى خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل، وخارجية الأردن ناصر جودة، فى مباحثات مع الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند فى قصر الإليزيه، وصدر عن الرئاسة الفرنسية بيان تضمن النقاط التالية:

- كان الاجتماع فرصة لتقويم آخر تطورات الأزمة السورية وتنسيق مواقف فرنسا مع الشركاء الرئيسيين الثلاثة فى شأن الخطوات التالية الواجب اتخاذها فى هذا المجال.

أن هولاند ووزراء خارجية البلدان الثلاثة شددوا على ضرورة الوقوف بحزم ضد نظام بشار الأسد، لتثنيه عن تكرار استخدام الأسلحة الكيميائية، ودفعه نحو التزام المفاوضات بغية التوصل إلى حل سياسى للأزمة السورية.

- أن الرئيس الفرنسى اتفق ووزراء خارجية السعودية والإمارات والأردن على أهمية تعزيز الدعم الدولى للمعارضة الديمقراطية، لتمكينها من مواجهة النظام الذى يصب تعنته فى مصلحة الحركات المتطرفة، ويهدد الأمن الإقليمى والدولى.

"التوقيت السياسى"
فى ظل كل هذه التطورات العسكرية والأمنية والسياسية جاءت الصفقة الاستثمارية التى قدمتها حكومة أبوظبى إلى روسيا، التى بدورها استغلتها سياسياً أحسن استغلال، قبل أن تستفيد منها مالياً واقتصادياً، الأمر الذى يقتضى سلسلة أسئلة مطروحة:

- لماذا حصلت الصفقة فى هذا التوقيت السياسى الذى تشهد فيه المنطقة صراعاً شديداً فى سوريا وعلى سوريا ومن أجل سوريا، وتشترك فيه دول إقليمية متصارعة ومتنافسة، للهيمنة على مناطق النفوذ، مع تقاطع مصالحها فى الصراع الدولى بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.

- هل تعتبر هذه الصفقة "مكافأة عربية" ومن دولة خليجية لروسيا على مواقفها المستمرة ضد المصلحة العربية، خصوصاً مصلحة اقتصاد وأمن الخليج الذى أكد دول مجلس التعاون أن استمرار الحرب السورية أصبح يهدد الأمن القومى للمنطقة؟

- إذا كان الاقتصاد فى خدمة السياسة، وتلازمهما مرهون بتطور العلاقات الدولية بعامة، والثنائية بخاصة، أين تكمن المصلحة العربية والخليجية تحديداً فى تلك الصفقة الاستثمارية؟، مع الإشارة إلى أنه لوحظ وربما مصادفة، أن روسيا أعلنت اثناء توقيع الصفقة، أنها عززت وجود أسطولها البحرى فى البحر المتوسط من 7 إلى 10 سفن بعد إضافة مدمرة متخصصة بإطلاق الصواريخ.

- هل تمت الصفقة بإيحاء أمريكى وقراءة سياسية تؤشر إلى قرب عودة "الدب الروسى" إلى المنطقة، وضرورة تعزيز العلاقات العربية مع موسكو، مع تقدم الحل الدبلوماسى فى المفاوضات التى ستؤدى إلى "جنيف 2"؟.

لقد حصلت الصفقة، فى وقت سطع فيه نجم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على حساب الرئيس الأميركى باراك أوباما "المتردد"، وهكذا أصبحت مهمة روسيا "ثقيلة" حيث بدت وكأنها اللاعب الأساسى والأول ى الأزمة السورية، وأن تضحية روسيا نظام الأسد من شأنه أن يُنهى الحرب التى عجزت الولايات المتحدة والغرب عن إنهائها.

"شراكة اقتصادية"
تم توقيع مذكرة إعلان نوايا بمقر الكرملين فى موسكو، وذلك لإقامة استثمار مشترك بين الدائرة المالية فى إمارة أبوظبى وصندوق الاستثمار المباشر الروسى للاستثمار فى مشروعات البنية التحتية الروسية، وتقدم بموجبها حكومة أبوظبى استثماراً يصل إلى خمسة مليارات دولار.
وقد اعتبر المستثمرون تحسين البنية التحتية الروسية التى لم يشهد بعض قطاعاتها تغيراً يذكر منذ الحقبة السوفياتية، أمراً مهماً لتحديث روسيا وزيادة القدرة التنافسية لاقتصادها.

وإذا كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قد أكد أن الإمارات شريك تجارى واقتصادى كبير لروسيا فى الشرق الأوسط، حيث يصل حجم التجارة بين البلدين إلى أكثر من 1.5 مليار دولار سنوياً فإن كيريل ديمترييف الرئيس التنفيذى للصندوق الروسى وصف الصفقة بأنها "أكبر استثمار فى كوتسورتيوم للبنية التحتية فى العالم، وأكبر استثمار لدولة عربية فى روسيا".

ورصد الخبراء نمواً مطرداً فى العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا، وقبل صفقة الخمسة مليارات دولار، سبق للصندوق الروسى للاستثمارات المباشرة أن أسس مع شركة مبادلة للتنمية وهى الذراع الاستثمارية لحكومة أبوظبى، صندوقاً استثمارياً مشتركاً برأسمال مليارى دولار، وذلك فى يونيو 2013، كما أقام رجال أعمال روس وإماراتيون أكثر من 350 مشروعاً مشتركاً فى دولة الإمارات، وافتتحت شركات روسية نحو 40 مكتباً تمثيلياً فيها.

وكنتيجة طبيعية لهذا التطور الاستثمارى سجلت حركة التبادل التجارى بين البلدين زيادة بنسبة 7.5% إلى 879 مليون دولار فى النصف الأول من العام 2013، إضافة إلى ذلك قدر وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان عدد الشركات الروسية فى الدولة بنحو 450 شركة، من ضمنها شركات مشتركة، وقدر حجم الاستثمارات الإماراتية الروسية بنحو 81 مليار درهم، أو ما يعادل 22 مليار دولار.

ويبرز فى هذا المجال حركة النقل الجوى بين البلدين، حيث يقدر عدد الرحلات الجوية للناقلات الوطنية الإماراتية بنحو 21 رحلة لطيران الإمارات، و7 رحلات للاتحاد، و11 رحلة للطيران العربية و22 رحلة لشركة فلاى دبى، كذلك ازداد عدد السياح الروس إلى الإمارات وبلغ 3336 سائحاً فى العام 2012، وقد تضاعف هذا الرقم ليبلغ تسعة آلاف سائح فى النصف الأول من العام 2013، وقد أمضوا فى فنادق الإمارات نحو 52 ألف ليلة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة