لم يظهر "بير شتاينبروك"، الذى ينتمى إلى الحزب الاشتراكى الديمقراطى وتحديدا جناح الوسط بالحزب، أى شك فى أنه يمتلك القدرات المناسبة لقيادة ألمانيا، حتى لو كان معظم الناخبين الألمان يختلفون معه.
وأشار "دانيال جوفارت"، كاتب سيرته الذاتية، ذات مرة إلى أن شتاينبروك مباشر للغاية فى حديثه، ويتسم بكونه خطيب متألق ولديه القدرة على إقناع الآخرين بتفوقه عليهم فكريا".
وقدم شتاينبروك أداء قويا على شاشات التلفزيون، سواء فى المناظرة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أو خلال الاجتماع مع الناخبين، حيث حدد ثلاث خطط بالتفصيل لتوضيح خطته الرامية إلى رفع الأجور وفرض الضرائب على الأغنياء وتحسين الرعاية الصحية.
وعلى الرغم من عمره البالغ (66 عاما)، تحرك شتاينبروك بنشاط خلال الحملة الانتخابية المرهقة، والتزم بما أسماه تجمعات "الحديث المستقيم" الانتخابية فى جميع أنحاء البلاد. وقد سعى شتاينبروك لإظهار ذكائه الشديد فى مقابل غموض ميركل وطاقته فى مقابل سكونها. فعلى المنصة، كان يتحرك مثل أسد.
ولد شتاينبروك فى هامبورج عام 1947 وانضم إلى الحزب الاشتراكى الديمقراطى- تيار يسار الوسط- وعمره (22 عاما)، حصل على شهادة البكالوريوس فى الاقتصاد، وقضى معظم حياته كمساعد سياسى. وحصل على ترقية ليتولى منصب رئيس وزراء ولاية شمال الراين فستفاليا، أكبر الولايات الألمانية تعدادا للسكان، عام 2002.
واكتسب شهرة عالمية مع توليه منصب وزير المالية الألمانى خلال الفترة بين عامى 2005 و2009 حيث عمل بجانب ميركل لاحتواء انتشار الأزمة المالية العالمية. وعلى الرغم من أنهما يتنافسان على الصعيد السياسى، إلا أن هناك اتفاقا غير مكتوب بين ميركل وشتاينبروك على ألا يطعن أى منهما الآخر فى ظهره.
وقالت ميركل "فى كل قضية مصيرية، كنا دائما نتوصل إلى تسوية". وقال عنها شتاينبروك ذات مرة "أقول دون تردد إنها شخص يمكنك الاعتماد عليه. تتطور علاقة من الثقة بمجرد اقتناعها أن الجانب الآخر يمكن أن يظل كتوما".
وبدا أن مستقبله السياسى قد انتهى عندما حصد الحزب المسيحى الديمقراطى، بزعامة ميركل، ما يكفى من الأصوات مع حزب الديمقراطيين الأحرار المؤيد لقطاع الإعمال عام 2009 لتشكيل ائتلاف، وهو ما سمح لها بطرد الحزب الاشتراكى الديمقراطى. وأصبح شتاينبروك، الذى أقام علاقات مع شخصيات فى مجال الأعمال، منفردا فى الساحة السياسية وكان عضوا فى البرلمان دون منصب وزارى.
فى البداية بدا فى كثير من الأحيان غير منسجم مع حزبه وهو يتخذ مواقف يسارية أكثر. وعاد إلى النجومية مجددا عندما أدرك الحزب الضعيف أنه يمكن أن يفوز فقط من خلال استعادة النهج الوسطى فى مضمار السياسة الذى كانت ميركل تحتله بنجاح.
ورشح زعيم الحزب سيجمار جابرييل شتاينبروك الأكثر شعبية لمنصب مستشار ألمانيا، ولكن ذلك لم يتم بدون حدوث خلاف. وبعد أن اختلفا فى الصيف، اتحدا مجددا وركز شتاينبروك فى حملته الانتخابية بإخلاص على الرسالة اليسارية.
وقبل ترشحه لمنصب المستشار كان شتاينبروك قد خاض انتخابات وحيدة كمرشح بارز، على رئاسة الوزراء بينما كان رئيس وزراء الولاية، لكنه خسرها.
وبعد فترة قصيرة من ترشحه لمنصب المستشار العام الماضى، اشتكى شتاينبروك فى مقابلة أن مهمة قيادة أكبر اقتصاد فى أوروبا أجرها غير كاف. وقال معارضون إنه إذا كان هذا هو شعوره، فيجب عليه أن يسحب ترشحه للوظيفة.
وكانت مواجهة ميركل تبدو مهمة مستحيلة منذ البداية وقد ازدادت الصعوبة مع اقتراب يوم الاقتراع. وتجاهلت ألمانيا الركود الاقتصادى وجاء قرار ميركل بالتخلص تدريجيا من الطاقة النووية لينزع فتيل الخلاف السياسى الطويل بشأنها. وتدرك المستشارة أن المزاج العام للألمان لا يناسب التغيير.
وانتقدت ميركل منافسها شتاينبروك فى مناظرة، حيث قالت له من بين مشكلاتك أنك لا تستطيع قول أى شيئا حسنا بشأن تقدم ألمانيا. الناس لا يحبون ذلك، مؤكدة أنها أكثر اتصالا بالمواطنين.
وفى الأسابيع الثلاثة الأخيرة من حملته الانتخابية، وبفضل الظهور المستمر على شاشات التلفزيون، حصل شتاينبروك على المزيد من التأييد. ومع ذلك، قال محللون إنه فاز بتأييد أنصار حزب الخضر حليف الحزب الاشتراكى الديمقراطى ولم يجذب أنصارا من جانب ميركل.
ويبدو أن المواطنين سوف يتذكرون المرشح شتاينبروك بشكل أساسى بذلاته، فقبل أسبوع من الانتخابات، نشرت صورة له فى صحيفة يومية وهو يشير بإشارة مخلة بالإصبع الأوسط من يده اليسرى. لكنه أصر على إنها إشارة تنم عن تمثيل ذكى عندما طلب منه محاور أن يقوم بتمثيل صامت للرد على سؤال استفزازى.
وفى وقت سابق من العام الحالى رفض شتاينبروك نتائج الانتخابات فى إيطاليا ووصفها بأنها انتصار لـ"مهرجين اثنين" فى إشارة إلى رئيس الوزراء الإيطالى السابق سيلفيو برلسكونى وزعيم حركة احتجاجية وهو الفنان الكوميدى بيبى جريللو. ودفعت هذه الملاحظة الرئيس الإيطالى جورجيو نابوليتانو إلى إلغاء حفل عشاء كان مقررا مع شتاينبروك فى برلين.
شتاينبروك.. مرشح الحزب الاشتراكى الديمقراطى يسعى لقيادة ألمانيا
الأربعاء، 18 سبتمبر 2013 07:04 م
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة