من واقع دراسة تاريخ وفكر الإخوان، وكذلك الاحتكاك المباشر مع بعضهم.. كنت أتصور دائما أن بعض مزاياهم «أو عيوبهم / وفقا لزاوية التحليل» هى تحليهم بالبرجماتية، لكن تجربة التفاوض المرهقة «والفاشلة للأسف» معهم خلال الأشهر الماضية جعلتنى لست على نفس قدر الثقة بالتصور السابق، فيبدو أن الجماعة تستمتع بالارتماء فى صورة «الضحية» «التى تختلف عن صورة الاستكبار والاستعلاء وحالة الإنكار السابقة».. كما تكشف بعض المبادرات المطروحة مثل مبادرة العوا ورفاقه «فريق التنظير الفكرى والقانونى للإخوان»، أو حزب الوسط «فريق إحنا مش إخوان لكن»، تكشف عن القبول ببعض معطيات الواقع ومحاولة تجميل التراجع، «وهذا مقبول من وجهة نظرى مع بعض تحسين فى الشروط».. ولكن المؤسف أن الدماء تستخدم لتحسين الموقف التفاوضى، والعجيب أن يتم استدراج العقلاء إلى هذه الأرضية البائسة.. ومن ناحية أخرى أخشى أن نساق بدافع الخوف أو الرغبة فى الانتقام إلى القبول تدريجيا بتحكم الاستبداد فى أعناق الشعب.. قراءة التاريخ للأسف تشير بوضوح إلى أن نفس القصة تتكرر: «خوف وقلق من خطر واقع أو متوهم، يؤدى إلى اعتلاء قوة لسدة الحكم، وبحجة مقاومة الخطر تصادر الحقوق والحريات».. وأتصور أن هذا التخوف مشروع، وينبغى أن نتنبه له ونقاومه دون أن يعنى ذلك التهوين من تلك المخاطر.
الإخوان يسعون إلى لقطة «الضحية».. هذا هو ما أجادوه طول تاريخهم كى يتسولوا التعاطف.. الذكاء هو ألا يعطيهم أحد هذه الفرصة «اللقطة» خاصة إذا كان ضحاياها هم غلابة مصر وملح الأرض الذين نتحمل مسؤوليتهم ويتعين أن نساعدهم على الشفاء من مرض الإخوان.
لا توجد حلول سهلة للتحديات التى تواجه المجتمع، ولعل هذا ما دعانى أن أكتب فى مايو الماضى مقالا تحت عنوان «عسكرة السياسة وتسييس العسكر» قلت فى ختامه: «لذا فإن روشتة العلاج قد تتمثل فى صيغة حكم تشبه إلى حد كبير أسلوب إدارة المناطق المنكوبة، مثل تلك التى تعرضت لزلزال، حيث تتحرك القوات العسكرية لضمان الأمن والاستقرار والضرب بيد من حديد على العابثين الذين يريدون استغلال حالة الاضطراب، مع التدخل الفعال فى عمليات الإنقاذ والبناء، فيما تتولى القيادات المدنية الرقابة الدستورية التى تضمن الحفاظ على مدنية الدولة خلال تلك الفترة الانتقالية الاستثنائية».. ويبدو أننا فى حاجة لهذا الدواء المرير لفترة مرحلية على الأقل.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الله
اللهم احفظ شعب مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
أرجوك لا تعطنى هذا الدواء