تمر اليوم الذكرى الـ20 على رحيل الموسيقار المتميز والأسطورة التى لن تتكرر بليغ حمدى، والحقيقة أن الكلام عن بليغ حمدى لابد أن يختلف كليا عن الكلام عن أى موسيقار آخر غيره، لأنه حالة منفردة بذاتها، فبليغ ليس مجرد ملحن موهوب يمتلك موهبة فذة تخصه وحده، لكنه حالة خاصة جداً، أو بمعنى أدق حالة نادرة وفريدة من نوعها، فيكفى وضع اسمه على أى أغنية لتثق أنها ليست مجرد أغنية بل ملحمة كاملة تستطيع تذكر كل جملة لحنية بها وأنت مغمض العينين، ولذلك فمن السهل جدا أن تستطيع تميز ألحانه على أى أغنية، وتعرف أنه هو صاحب تلك المقطوعات الرائعة دون قراءة اسمه فألحانه تتحدث عن نفسها، فمن براعة بليغ حمدى أنه يستطيع تحويل الجمل اللحنية إلى أشخاص حقيقيين من لحم ودم تعيش بيننا، وألحانه تمر إلى داخل وجدانك دون سابق إنذار، فتجد نفسك تعيش بداخلها وتمتلكك دون أن تدرى.
كما استطاعت ألحان بليغ وحدها صنع نجومية العديد من نجوم الطرب على رأسهم الفنانة الراحلة وردة الجزائرية والتى عشقها بليغ، وقدم لها أجمل ما لديه من ألحان، ومنحها النجومية على طبق من ذهب، واقتصرت ألحانه لفترة طويلة جدا على وردة بمفردها دون النجوم الآخرين، وعلى رأسهم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذى قدم معه من قبل أجمل ألحانه وكان أكثر صوت يفهم لحنه ويترجمه وقدما معا أشهر الأغنيات التى تعيش بيننا حتى الآن، مثل و"سواح"، "تخونوه" و"خايف مرة أحب"، "خسارة"، و"التوبة"، "جانا الهوا"، "الهوا هوايا"، "مداح القمر"، "حبيبتى من تكون"، "زى الهوا"، و"عدى النهار"، و"عاش اللى قال"، و"فدائى"، لكن غيرة وردة من عبد الحليم استطاعت أن تنهى العلاقة بينه وبين بليغ، ولكن فى النهاية استطاع أحمد فؤاد حسن أن يصلح بينهما فى عيد ميلاد أولاده فى شهر يونيه عام 1976.
ورغم صغر سن بليغ إلا أنه حصل على إشادة أكبر نجوم الغناء حينها والعمالقة، فيكفى قول الموسيقار العظيم محمد عبد الوهاب، إن "بليغ ربنا بينعم عليه بجمل غنائية عبقرية، قلما ينعم بها على فنان كل 50 سنة"، ورغم أن عبد الوهاب من أعظم ملحنين القرن، إلا أنه قال أيضا عن بليغ "أنا لما بنسى نفسى وأدندن ألاقينى بدندن ألحان بليغ حمدى.. بليغ موهبة جبارة" فهذه ليست إشادة عادية أو بسيطة بل وسام لا يستحقه سوى عبقرية بليغ فقط.
ويكفى أن عبد الوهاب قال أيضا عن بليغ أنه استطاع أن يحول شخصية مثل كوكب الشرق أم كلثوم وجعلها تتعامل معه على حسب مزاجه الخاص، فكان يفعل معها ما لم يجرؤ عليه السنباطى أو زكريا أحمد، والمفارقة أن سبب تعارف أم كلثوم ببليغ حمدى كان النجم الجميل محمد فوزى، رغم كونه ملحنا مثله، إلا أنه وضع الغيرة جانباً أمام موهبة بليغ الفذة ووقف وراءه وساعده، حيث رتب فوزى سهرة فنية يجمع فيها بليغ بأم كلثوم وجاء بليغ فأمسك فوزى بيده واتجه به ناحية أم كلثوم قائلا فى حماس، "هسمعك الليلة دى ملحن هايل هيكون له شأن فى السنوات القادمة، وكان بليغ يعيش على طبيعته وسجيته فجلس على الأرض، كما اعتاد عندما يلحن، وعندما انتهى من غناء المذهب وجد أم كلثوم تجلس بجواره على الأرض وسط ذهول الحاضرين.
ومنذ تلك الليلة وضع بليغ قدماه على أول سلالم المجد، رغم انه لم يكن تخطى الخامسة والعشرون من عمره حينها، فكيف لمطربة بقوة وعظمة وشهر أم كلثوم تنزل على الأرض بجوار شاب صغير رغم تعاونها مع عظماء الملحنين مثل السنباطى وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب وغيرهم، إلا أن موهبة بليغ الفذة التى تفرض نفسها على كل من حولها جعلتها منبهرة به لدرجة أن غيرت من طباعها من أجله، فهى الفنانة العظيمة التى اعتاد الجميع على انتظارها ومواعيدها كانت بمثابة ميعاد مع رئيس الجمهورية إلا أن بليغ جعلها تنتظره وكان يتأخر عليها بالساعات، بل أنه لم يأت فى أحد المواعيد التى كانت تجمعه بها وفوجئت أنه سافر إلى لبنان، ولو أن شخص أخر غير بليغ هو صاحب هذه الواقعة لكان قد قضى على مستقبله، لكن معه هو الأمر مختلف، فبعد كل ذلك سامحته أم كلثوم وسط ذهول كل من حولها، فقدم بليغ معها أحلى أعمالها مثل "سيرة الحب"، و"الحب كله"، "بعيد عنك"، "ظلمنا الحب"، "كل ليلة وكل يوم"، "فات الميعاد"، "ألف ليلة وليلة"، و"أنساك" وغيرهم.
ولذلك قالت عنه كوكب الشرق للإذاعى الكبير وجدى الحكيم "بليغ ده نهر متدفق هادر من الأنغام الجميلة سيبوه يعمل أغانى عظيمة لكن الأغانى الوطنية وأغانى المناسبات عندكم ملحنين كتير يعملوها، بليغ ثروة قومية حافظوا عليها، وحاولوا ما تزعلهوش أبدا".
ولا يستطيع أحد إغفال تعاون بليغ حمدى مع المتميز محمد رشدى، حيث قدم معه عددا من الأغنيات التى لا تزال تتربع على عرش الأغنية الشعبية بعد مرور عشرات السنين ومنها "عدوية، ميتى أشوفك، على الرملة، مغرم صبابة، وطاير يا هوى".
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد صبرى
الفنان الفذ
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد عبد الله
الموسيقار خالد الذكر