غاب الأمن كثيرا عن القرية، وتساءل الأهالي: إلى متى تظل حالة الرعب والذعر تسيطر على الأهالى والأمن لا يحرك ساكنا؟!
غير أن الأجهزة الأمنية صدقت فيما وعدت به الأهالى وقررت أن تعيد إليهم الأمن كاملا غير منقوص، وهو ما ظهر اليوم بعد تمكن الأجهزة الأمنية، بالتنسيق مع القوات المسلحة، من السيطرة على القرية بالكامل.
نجاح القوات فى دخول القرية فاجأ الأهالى وأدى إلى ارتباك بين العناصر التى كانت لا ترغب فى دخول الأمن، بينما خيمت حالة الفرح والابتهاج على الأهالى والأقباط فخرجوا لاستقبال قوات الأمن بالترحيب والتكبير والتهليل، إلا أن القيادات الأمنية طلبت منهم العودة إلى منازلهم حتى يتمكنوا من أداء عملهم، ووسط ذلك سمع دوى إطلاق نار متقطع وسرعان ما اختفى.
قبل يوم واحد من عملية اقتحام القرية، كنت تسير بداخلها تجد الناس صامتين لا يتحدثون.. وجوه يملؤها الخوف والفزع من غد مجهول.. حاول الأهالى أن يجنبوا أسرهم ما يخشون منه فقرر بعضهم تهجير أسرته إلى قرية أخري، أو محافظة أخري، وظل هو يبكى على الأطلال التى خلفتها ما يشبه الحرب، من خراب وتدمير للمنازل ودور العبادة، حيث تم إحراق مجمع يضم 3 كنائس منها كنيسة دير العذراء الأثرية، بالإضافة إلى المنازل الملاصقة للكنائس.
الأهالى لم يكن لهم سوى مطلب واحد هو عودة الأمن حتى تعود الحياة إلى طبيعتها، وحتى يتخلصوا من حالة الابتزاز التى كانوا يتعرضون لها بحجة حمايتهم من أعمال العنف.
"دلجا" تحصنها الجبال والصحراء من الناحية الغربية، ولها مدخل على الطريق الزراعى.. يزيد عدد سكانها على 140 ألف نسمة بينهم 25% من الأقباط، وبها حوالى 35 مدرسة بين الابتدائى والإعدادي، وأكثر من 55 مسجدا، و5 كنائس، وبها عائلات تمتد جذورها لتاريخ طويل وورد ذكرها فى كتاب على باشا مبارك "الخطط التوفيقية فى مناهضة الاستعمار".
هنا فى "دلجا" يؤكد الأهالى على أن العلاقة بين المسلمين والأقباط ما زالت جيدة برغم كل ما حدث، لافتين إلى أن ما حدث فى 30 أغسطس هو مشهد أليم كانوا يتمنون أن لا يرونه أبدا، وأضافوا أن الدليل على العلاقات الطيبة بينهم هو استضافة المسلمين لبعض الأسر المسيحية، وهذا ما أكده الحاج حسين عبد العزيز مشيرًا إلى أن الأقباط ظلموا فى الأحداث الأخيرة، وأنه كانت هناك نية بين كثير من الأقباط لمنع أبنائهم من الذهاب إلى المدارس خوفا من حدوث أى أعمال عنف.
"مدحت"، واحد من أهالى دلجا الأقباط، قال إنه أخذ أسرته إلى القاهرة خوفا عليهم من الأحداث، وأضاف أنهم لن يعودوا إلى القرية، قائلا "كيف يأتى أبنائى وأنا أتلفت خلفى وأنا أسير فى الطريق؟ وكيف تكون هناك دراسة ونحن نعيش فى خوف ورعب؟".



