حسن زايد يكتب :أزمـــة وطـــن

الإثنين، 16 سبتمبر 2013 02:32 م
حسن زايد يكتب :أزمـــة وطـــن صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن نكذب ولن نتجمل، لأن الكذب والتجميل لن يخرجانا مما نحن فيه، وجمال الثورة لن يخفى قبح الواقع، وحسن النية لن يفك خناق الأزمة، وهتافات الحناجر فى الميادين لن تخرج الوطن من النفق المظلم. والمدخل الصحيح للحل هو رصد الأزمة، وتجميع البيانات والمعلومات الدقيقة حولها، ثم تشخيص المرض، وتحديد الدواء الناجح. أما نعيش فى حالة الغيبوبة التى تعقب نشوة الانتصار، ثم تبقى الأوضاع والأحوال كما هى دون تغيير، فلن يكون هناك معنى لهذا الانتصار، وستبقى النشوة التى تغمرنا من أخمص القدم إلى منبت الشعر أشبه بنشوة من وقع تحت وطأة السكر البين، أو من أطاحت برأسه جرعة مخدرات زائدة. لابد من التوقف عن هذيان النشوة أيا كان مصدرها، وندخل جميعاً فى حالة الإفاقة الفائقة، كى نستعيد الوعى ونبدأ التحرك. لابد أن نقر ابتداء أن مصر وطن فى أزمة، صحيح أن شعبها قد خبر الأزمات على مدار تاريخه الطويل، وأن لديه من الخبرات التراكمية ما يدفعنا إلى القول بقدرته على تجاوز أى أزمة، ولكن الأزمة هذه المرة شديدة الوطأة، والخروج منها لن يكون بالعشوائية والإكالية والمسكنات. إن الأزمة هذه المرة تحتاج إلى التدخل الجراحى الحتمى. لابد أن تكون البداية صحيحة حتى نضمن صحة النتائج بنسب الانحراف المقبول ذات التأثير المحدود، فالمقدمات الصحيحة تفضى إلى نتائج صحيحة والعكس بالعكس صحيح. ونحن ندرك وعلى وجه اليقين الأزمات الرئيسية التى تواجه مصر قبل الثورة وبعد الثورة، ولابد أن ندرك أن المجتمعات البشرية حينما تنفجر ثورياً فإنها تفقد جانبا كبيرا من اتزانها وعقلانيتها لانفلات المشاعر والأحاسيس من عقال العقل والوعى والإدراك، شأنها فى ذلك شأن الأفراد. وفى مثل هذه الحالات تزداد المشكلات والأزمات الخانقة التى أفضت إلى الثورة حدة ووطأة، لأن المجتمع أطاح بالسلطة التى كانت تملك أدوات تحجيم هذه الأزمات ولو نسبياً، بدلاً من حالة الانفجار العشوائى لها. يضاف إليها ردود فعل أتباع وأذناب السلطة التى ثار المجتمع فى وجهها، وهى ردود فعل سلبية إن لم تكن انتقامية، خاصة أن أدوات وآليات الفعل والحركة فى المجتمع ما زالت أطراف خيوطها فى يد تلك الشريحة وتحت سيطرتها وخاضعة لتوجهاتها وتوجيهاتها. ولقد واجهت مصر الثورة حالة فريدة من الانفلات الأمنى بطول البلاد وعرضها، ويرجع تفرده إلى حالة الانسحاب الكامل من المواجهة نتيجة ضغط شرائح مجتمعية متآمرة ،أو شرائح أخرى متصورة أن كسر الأمن فيه نجاح الثورة ،وخروج كافة العناصر الإجرامية من قمقمهم لإحداث مواجهة صريحة ودامية بينهم وبين من تبقى من عناصر أمنية، وكذا مواجهة المجتمع الأعزل الثائر سلمياً بالبلطجة والسطو المسلح والخطف وإشاعة العنف. وسقوط الأمن أفضى إلى سقوط الاستثمار ــ المصرى والأجنبى ــ وكذا توقف الأنشطة القائمة، وغلق المصانع، وتسريح العمالة التى أضيفت إلى طابور البطالة، وتوقف أنشطة التصدير، والخشية المفرطة من الاستيراد. والبلد غير الآمن طارد للسياحة الداخلية والخارجية. وطبيعى أن يتأثر ممر قناة السويس بالحالة الأمنية فى البلاد. وتزداد المطالب الاجتماعية حدة. إذن هى العشوائية الحاكمة لكل مناحى الحياة، فليكن. علينا أن نبدأ من الآن بعيداً عن جدل السياسة والدستور والانتخابات، ونمشى مع هذا الجدل بالتوازى، بالتخطيط السليم من خلال إحياء وزارة التخطيط ومعهد التخطيط القومى، وبالتنظيم الفائق دقة ووضوحاً. وبالتنسيق والتوجيه بين كافة مجالات العمل. ثم خلق أساليب الرقابة الدقيقة الأمينة غير المعوقة لكل هذه المنظومة. بذلك فقط ننتشل وطننا من أزمته.








مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمن

من الممكن الاستعانه بنماذج وزرات نجحت والتطبيق من اسفل الى اعلى على التوازى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة