قال الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان: الدعوات الموجهة إلى الفريق أول عبدالفتاح السيسى لترشحه للرئاسة دعوات معظمها نابع عن محبة وثقة فى شخصة وهناك دعوات نابعة من رغبة فى توريطه فى المشهد السياسى العبثى، موجها النصيحة للسيسى بعدم الاستجابة إلى هذه الدعوات والاكتفاء بالشرف والفخر الذى حققه خلال الفترة السابقة، جاء ذلك خلال الحوار الذى أجرته اليوم السابع مع الدسوقى الحاصل مؤخراً على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية منذ أيام، وتطرق الحوار إلى الأوضاع السياسية المختلفة داخل مصر وخارجها، وإلى نص الحوار.
بداية هل كنت تتوقع الفوز بها؟
- لم أتوقع مطلقاً، لأن الجائزة ببساطة اسمها «جائزة الدولة» أى يتم منحها لمن يخدم الدولة، ولذلك كنت فاقداً للأمل فى الحصول عليها، ولكن ربما التغيير السياسى الذى حدث بمصر، مسؤول عن تعديل مسار الجائزة، وفوزى بالجائزة جعلنى أشعر بالتقدير المناسب.
بصفتك مؤرخ، كيف يرصد التاريخ وضع جماعة الإخوان بعد أن وصلوا للحكم وتم الإطاحة بهم؟
- أعتقد أن الضربة التى تلقتها الجماعة، ستجعلهم يعملون ثانية تحت الأرض لفترة طويلة، ويعيدون تربية كوادر جديدة، ولن يتنازلوا عن أفكارهم، رغم أنهم عرفوا أن أفكارهم، أصبحت بلا شعبية، لكن إذا كانت الحكومة الآن متنبهة لخطر الإخوان الذى سينمو ثانية بعد أجيال، لابد أن تظل على محاربة هذه الجماعة، واستئصال أفكارها، ومتابعة عناصرها، فى كل نجع، وقرية، لأنهم تغلغلوا فى مكان فى البلد.
هذا يعنى أنه سيكون للجماعة دور فعال فى السياسة المصرية؟
- هذه الجماعة سقطت من تاريخ مصر لسببين، الأول سياسى وهو أنهم فقدوا مصداقيتهم سياسياً، وكانوا يصدرون فى خطابهم أن مصر جربت الحكم الاشتراكى، والرأسمالى، فلماذا لا تجربوا حكم الإخوان المسلمين، وبالفعل جاءتهم الفرصة، وحكموا مصر، فماذا حدث؟ لا شىء..!! لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم سرقوا شعار الثورة، وأقاموا به حزبهم «الحرية والعدالة»، إضافة لتفاقم مشكلات البطالة، والدين العام الداخلى والخارجى، وتفريط فى حقوق السيادة المصرية، فإذا هنا نجد أنهم فقدوا المصداقية السياسية، كذلك فقدوا المصداقية الدينية.
كيف ترصد مواقف بعض الأحزاب التى تنتمى لما يسمى بالإسلام السياسى، مثل حزب النور؟
- هؤلاء لا يصلحون للحكم فى مصر، وكل هذه الأحزاب مثل «النور، والوسط وغيرهما» ما هى إلا عزف على لحن واحد أصلى وهو لحن الإخوان، لهذا لا يصلحون للعيش فى مصر، وإن أرادوا ممارسة السياسة عليهم التوجه للدول التى لا تعترف بالديمقراطية وكل شعبها يؤمن بالسمع والطاعة.
الحنين للخلافة الإسلامية التى يروجها البعض طوال الوقت.. هل تعتقد أنه يمكن عودتها من جديد؟
- هذه فكرة خيالية وانتهى زمانها، لو الأوطان تتأسس على أساس دينى، لأصبح فى العالم ثلاثة دول، يهودية، مسيحية، وإسلامية، لكن هذا لم يحدث، والخلافة كانت فى زمن الدين هو الوطن، والوطن هو الدين، فكانت البابوية فى أوروبا هى الحاكمة، يقابلها فى الشرق الخلافة، لكن الآن الدولة أصبحت متعددة الثقافات، واللغات، والأعراق، والأديان، فهذه الفكرة كانت صالحة فى زمن ما، لكنها تفككت لفكرة أخرى، وهى القومية، أو الوطن الذى يجمع الناس على أساس اللغة والأرض والتاريخ، بغض النظر عن الأعراق، والأديان، ولذلك أقول بأن هؤلاء الناس أسرى لأفكار الظروف نفسها قضت عليها، وكما تقول السيدة أم كلثوم «عايز نرجع زى زمان قول للزمان ارجع يازمان».
التجرد من التوجهات الشخصية شىء صعب.. فكيف سيتجرد المؤرخ من توجهاته وهو يكتب عن فترة سياسية حساسة مثل التى نمر بها الآن؟
- التاريخ حين نكتبه، علينا أن نوثقه أولاً، عن طريق بعض المصادر، مثل شهادات كل الذين شاركوا فى الثورة، تقارير الأمن، التقارير الصحفية، تقارير الصحف الأجنبية، تقارير السفراء الأجانب فى مصر، وتقارير السفراء المصريين عن انطباعات الدول لما يحدث فى مصر، وكذلك مصدر الصورة التليفزيونية، وهناك بعض من هذه المصادر لن يفرج عنها إلا بعد فترة، ولذلك سيظل جزء من الحقيقة غائباً، وما سنكتبه الآن فى ضوء المتاح ليست الصورة كاملة، ولذلك على الباحث أن يكون حريصا، وألا يقطع بالحقيقة من نظره، وعليه تفسير الحدث، وليس الحكم عليه، فالمؤرخ يركب الأشكال المتناثرة لتكوين صورة كاملة مثل لعبة المكعبات.
كيف سيربط التاريخ بين 25 يناير و30 يونيو؟
- التاريخ سيوثق 30 يونيو على أنها تصحيح لمسار ثورة 25 يناير، لأن ثورة يناير انتهت بإبعاد مبارك عن الحكم، لكن بقى النظام الرأسمالى كما هو، ولم تتحقق الأهداف التى طالبت بها من تحقيق العيش، والعدالة الاجتماعية، حتى بعد وصول الإخون للحكم طبقوا النظام الرأسمالى، مثل الحزب الوطنى، ولذلك أرى أنه إذا كانت السلطة الحاكمة المتمثلة فى الإخوان حققت أهداف ثورة يناير، لما قامت ثورة 30 يونيو، ولذلك نقول إنها قامت لتصحيح ثورة يناير وتطبيق أهدافها، وهذا ما سيدرسه الطلبة.
المناهج الدراسية عامل هام فى نقل الأحداث التاريخية، هل نضمن تناول هذه الأحداث بشكل صحيح فى كتب التاريخ؟
- ربما تخضع المناهج الدراسية للمناخ السياسى، ولذلك لابد ألا تدرس السياسة على أنها تاريخ، فالتاريخ يبدأ حين تنتهى السياسة، فحين يغلق الملف السياسى يتحول لتاريخ يمكن تدريسه للطلبة، لكن منظومة التعليم بها خلل كبير ولا نضمن أن يتجرد المدرس عن أهوائه الشخصية ويمكن أن يصدر أفكاره للطلبة، لذلك يجب إعادة هيكلة وزارة التربية والتعليم كاملة، وإعادة تأهيل المدرسين، حتى يتجردوا من آرائهم الشخصية وألا يفرضوها على التلاميذ.
هنالك دعوات عديدة تطالب بترشح الفريق السيسى للرئاسة.. فهل تعتقد أنها ستنجح؟
- الناس تدعوه محبة، وقد يكون هناك البعض يدعوه للترشح لتوريطه، ولكن عليه ألا يستجيب على الإطلاق، ويكفيه فخراً ما صنعه، وأن يظل وزيراً للدفاع، وأعتقد أنه إذا حاول أى رئيس أن يخلعه، فالجيش نفسه سيتصدى لذلك، وفى اعتقادى أيضاً أن السيسى صادق فى كلامه، وأنه لا يسعى للرئاسة، لأنه حالياً فى وضع أقوى، لأنه فى موضع الدفاع عن الوطن.
المؤرخ د.عاصم الدسوقى: دعوات ترشيح السيسى للرئاسة "توريطة".. والضربة التى تلقاها الإخوان ستعيدهم للعمل تحت الأرض لفترة طويلة.. والأحزاب الإسلامية كلها عزف على لحن الجماعة
الإثنين، 16 سبتمبر 2013 03:25 م
المؤرخ د.عاصم الدسوقى