اختتم "أينشتاين" مقالته المتميزة التى عرض فيها خلاصة حكمته البحثية عبر تاريخه المديد فى مجال الشخصية بقوله : "إن ما نحتاجه لإجراء تقدم فى مجال علمنا ليس العبقرية الفائقة، ولكن القدرة على مواجهة أنفسها " (EPSTEIN,1995 ) ؛ ومن ثم فإن الهدف الرئيسى لهذه السلسلة من المقالات يتمثل فى دعوة الأفراد، سواء كانوا قادة أم أفرادا عاديين، إلى مواجهة أنفسهم، والوعى بما لديهم من أوجه قصور فى قدراتهم ومهاراتهم الشخصية ( ANTHIS &LAVOIE,2006 )، وتبنى استراتيجيات متنوعة للتغلب عليها على نحو مثابر ودءوب، وتنفيذها بإحكام بحيث تصبح عملية تطوير الذات حقاً القطب الآخر للتطوير النظامى، ويجب أن يكون واضحاً فى عقولنا أن التركيز على إحداها لن يتعارض مع أو يقلل من أهمية الأخرى ذلك أن التكامل بينهما سيعظم من عائد كل منهما، ويثرى عملية التنمية البشرية فى الإطار التنظيمى بشكل عام.
ولذلك سوف نقوم فى هذه السلسلة من المقالات بالتعريف بالمهارات التى يجب ان يتحلى بها القائد ونبدأ أولاً :
- الإنصات:
بادئ ذى بدء يجب أن نميز بين " الإنصات " listening و"الاستماع" hearing فليس كل من يسمع ينصت بالضرورة، ولكن كل من ينصت يسمع لأنه ينتبه ويدرك ويفهم ما ينصت إليه، ويشير "هيرليجل إلى أن الدراسات فى هذا المجال توضح أن العاملين يقضون مابين ( 40 إلى 50 %) من الوقت المخصص للاتصال فى عملية الإنصات على وجه التحديد، بيد أن هؤلاء الأفراد قد لا ينصتون، فى بعض الأحيان بصورة جيدة، مما يقلل من فاعلية الإنصات كوسيلة اتصالية؛ وقد يعزى هذا إلى صعوبة التركيز لمدة طويلة لمن يتحدث إلينا ؛ لأننا نفكر بمعدل أسرع من الذى يتحدث به، مما يفتح الباب لقيامنا بأنشطة عقلية أخرى لسد الفجوة بين معدل حديثه، الذى يعتبر بطيئا مقارنة بمعدل تفكيرنا. وعلى الرغم من أن تلك الأنشطة قد تقلل كفاءة عملية الإنصات إلا أن حرص المنصت على الالتزام بمجموعة القواعد التالية المنظمة لعملية الإنصات من شانه تحسين كفاءة تلك العملية، والتى تتمثل فيما يلى :
أ- أعر من تنصت إليه انتباهك كاملا، وأشعره بأنه موضع اهتمامك، ومما يساعد على ذلك اتباع تلك النصائح الثمينة التى يهديها إلينا " ابن المقفع " فى كتابه " الدرة فى رسائل البلغاء " حيث يقول : " تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام، ومن حسن الاستماع إمهال المتكلم حتى يقضى حديثه، وقلة التلهف إلى الجواب، والنظر إلى المتكلم، والوعى بما يقول " ( دليل الباحثين، 1992، 37 ).
ب- تجنب مقارنة موقفه بمواقف حدثت لك، فكلا الموقفين مختلف وإن بدا أنهما متشابهان، فلكل منكما ذاتيته وأسلوبه المتفرد فى إدراك والتفاعل مع الموقف، فعلى سبيل المثال قد يتقبل شخص مواقف التنافس بل ويسعى إليها فى حين أنها قد تثير توتر شخص آخر على نحو ينفره منها ويدفعه بعيدا عنها.
ج- تقبل الأفكار التى يطرحها بعقل متفتح، بل وشجعه على أن يقول ما لا ترغب ما دام يريد ذلك، ووطن نفسك على إدراك الجوانب الإيجابية فى أفكار المتحدث بدلا من طمسها، فقد تدعوك للنظر للموقف بصورة مختلفة.
د- ساعده على توضيح ما يريد قوله إذا ما وجد صعوبة فى ذلك، ويفضل، حينئذ، أن تستخدم كلماته ذاتها حتى لا يشعر بالحرج. وحين يتوقف عن الحديث لأسباب معينة، ويصعب عليه تذكر آخر جملة توقف عندها، حاول أن تعيدها على مسمعه لكى يبدأ من جديد ثانية.
هـ - تجنب الانحياز لموقفه، أو ضده، وذلك بالامتناع عن تقديم تعليقات تفصح عن وجهة نظرك فى المشكلة التى يعرض لها، فمن مبادئ الإنصات الجيد ألا تزيد نسبة التعليقات عن ( 10 % ) من كلام المنصت.
و- لا تمل عليه حلولا من عندك، ولكن ادعه للتفكير فى حلول لمشكلاته حتى تساعده على تنمية قدرته على مواجهة تلك المشكلات بنفسه، فالحلول الجاهزة تخمل العقل.
ز- استخدم السؤال كوسيلة اتصالية بكفاءة فهو يجعل المتحدث أكثر دقة ويقظة فى حضورك، فضلا عن أنه يزودك بالمعلومات التى تريدها، ويساعدك على التحقق من فهمك لموضوع النقاش، والشخص الذى تتحدث معه، ويجب أن تحرص على أن ينم السؤال عن اتجاهك نحو الشخص أو الموضوع، ولا يشتم منه أنه وسيلة للاستدراج.
ح- كن احرص على أن تنصت لتفهم أكثر من حرصك على أن تنصت لتنقد، وتجنب إصدار أحكام مسبقة حتى تحيط بمجمل الرسالة، فتلك الأحكام تحول دون فهم الرسالة بشكل دقيق.
ط- ابحث عن قيمة ومعنى لما تسمع، حتى وإن لم تكن مهيئا أو مهتما بالموضوع لكى لا يصبح الإنصات عبئا عليك، وحاول تلمس سبلا للاستفادة مما يقال فقد يكون مفيدا يوما ما.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أشرف منير
المهندسين
الكلام جميل الفعل صعب جدا الناس مستفزا
عدد الردود 0
بواسطة:
مها
؟؟؟؟
كلام جميل وربنا يوافق