محمد عيد كيلانى

عذرا إنه فضيلة الإمام

الأحد، 15 سبتمبر 2013 06:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شهدنا فى الفترة الأخيرة تطاولا من بعض الناس على علماء الإسلام الذين يحملون علما وأدبا وخلقا رفيعا, وكان آخر مشهد من مشاهد هذا التطاول هو مشهد التطاول على فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر, فماذا يريد هؤلاء المتطاولون على القمم الإسلامية وأصحاب المكانة العلمية الشرعية التى لا تدانيها مكانة؟
هل الهدف تشويه صورتهم وزعزعة ثقة الناس فيهم ؟
أم أن الهدف هو النيل من هؤلاء العلماء لمواقفهم التى لا تنحاز للأهواء ؟
وبادئ ذى بدء نقول :
إن احترام العلماء وتقديرهم من الأمور الواجبة شرعاً وإن خالفناهم الرأى فالعلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء ما ورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم , يقول الله تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة الزمر /9
كما قال الله عز وجل) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) سورة فاطر /28
والأحاديث النبوية تبين لنا منزلة ومكانة العلماء وتحثنا على إكرامهم وتوقيرهم وتحريم التعدى عليهم بأى نوع من أنواع الإيذاء أو السب أو الإهانة, لأن إهانة العلماء إهانة للإسلام وضرب لثوابت الدين.

ففى الحديث الشريف" ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه " رواة الطبرانى وإسناده حسن.

إن العالم حتى وإن جانبه الصواب فى موقف, أو رأى شرعى لا نخوض فى عرضه ولا نطلق ألسنتنا فى عرضه, بل ندعو له بالهداية ونستغفر الله له , لقول الله تعالى " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " سورة الحشر /10

وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: « من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله له به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم يستغفر له من فى السماوات ومن فى الأرض، حتى الحيتان فى البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر » سنن أبى داود3/317

إن للمستعمرين يدا كبيرة فى بث الفرقة بين صفوف المسلمين والقدح فى العلماء والنيل منهم ليقطعوا الصلة الوثيقة بين المسلمين وبين علمائهم، وقطعها قطع للدين، إذْ العلماء هم المصدر لبيان شرع الله سبحانه وتعالى فى هذا الزمن، وليس عجبا أن يصدر القدح فى العلماء من العلمانيين والشيوعيين وغيرهم، وإنما العجب كل العجب أن يصدر هذا القدح ممن انتسب إلى الإسلام ومن المنتسبين للجماعات التى ترفع الدين شعارا لها، هؤلاء الآن وللأسف الشديد يحملون لواء القدح فى العلماء والاستخفاف بهم، مرة يرمونهم بأنهم علماء للدولة، ومرة أخرى بأنهم مشايخ حكومة، إنهم يدبرون لأن يفقد الناس الثقة فى علمائهم , أو أن تخلو الساحة لهم، فإذا خلت الساحة من أهل العلم والتقى، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، يفتونهم بغير علم، وإذا أفتوهم بغير علم فلا تسأل عن الحرمات التى تستباح، والدم المعصوم الذى يراق، والعرض الذى ينتهك، والمال الذى يهدر.

وأرى أن من يسب العلماء أو يقلل من شأنهم واحد من اثنين:
•إمّا مغرض له أهداف ومقاصد سيئة.

•أو مخدوع مغرَّر به، يُصاغ له الباطل فى قالب الحق فيَخيل اليه أنه الصدق.
إنه لمن الواجب علينا أن نحب علماءنا ونجلهم ونحترمهم , لأن العلماء هم -عقول الأمة- والأمة التى لا تحترم عقولها غير جديرة بالبقاء.

وفى الختام أذكر كلمة لأبى القاسم بن عساكر نقلها عنه النووى فى مقدمة ”المجموع“ يقول فيها: اعلم يا أخى - وفقنى الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه، ويتقيه حق تقاته- أنَّ لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله فى هَتْك مُتَنَقِّصهم معلومة، وأنّ من أطلق لسانه فى العلماء بالثَّلْب بلاه الله قبل موته بموت القلب.

إن التاريخ يذكر للكثير من العلماء المخلصين - الذين تعرضوا لمثل هذه الحملات من التطاول والتشويه - يذكر التاريخ أن مثل هذه الحملات باءت جميعها بالفشل , وباء أصحابها بالخزى وبقى العلماء مصابيح هادية تحاط بالإجلال والإكبار من كل المسلمين . نسأل الله أن يحفظ علماءنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين من كيد الكائدين ومكر الماكرين .
والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل ..
* مدير عام المساجد الأهلية بوزارة الأوقاف





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة