"التحرر أسلوب حياة"، ولكن كلٌ يفهم التحرر على طريقته الخاصة، فالبعض يطالب به لإطلاق حرية الآراء السياسية والمشاركة الفاعلة فى صياغة سياسة الدولة، ولكن هؤلاء الشباب أدركوا التحرر بطريقة أخرى، فنظموا حدثا أطلقوا عليه "أحضان ببلاش"، ومفاده أن يحضن كل عاشق عشيقته فى الشارع، لكسر تقاليد المجتمع الراديكالية، على حد قول هؤلاء الشباب.
ومن جانبه قال " الشيانو"، أحد مؤسسى حملة "Free Hugs"، أو "أحضان ببلاش"، البالغ من العمر 18 عاما، والطالب بالثانوية العامة، إنه وزملاؤه المشتركون فى إطلاق تلك الحملة، وجدوا أن التقاليد والمجتمع المصرى يمنع ممارسة عدة أمور لا يعترفون بمبررات منعها، مشيرا إلى أن الأديان لا تمنع إلا عدة أمور معدودة، موضحا أن مصر دولة يعتنق معظم سكانها الدين الإسلامى، لكن بها بعض المواطنين المسيحيين والملحدين، والذين واجب على الدولة، أن تكفل حريتهم وتتيح لهم ممارسة ما يقتنعون به.
وأضاف "ألشيانو"، فى تصريحات خاصة لـ"كايرو دار"، "أنا نازل أقول الحضن مش عيب، وإن بلدنا بتفرض علينا أننا مينفعش نحضن بعض فى الشارع، أيا كانت العلاقة التى تربط الأشخاص ببعضهم"، مؤكدا أن المجتمع المصرى عليه أن يتخلص من كونه "مجتمع شرقى"، له عادات وتقاليد فرضها علينا، لافتا إلى أن الأعمار التى تشارك بالحملة تتراوح ما بين 18 و30 سنة.
وفيما يتعلق بحياته الشخصية، فأوضح أنه استقل عن عائلته من فترة، لإرادته فى الاعتماد على نفسه فى حياته وتكوين شخصيته، مع الاحتفاظ بوجود زيارات لهم، مشيرا إلى أنه يعمل "كمصمم للجرافيك"، ليستطيع الصرف على دراسته، وأشار إلى أنهم خلال تنفيذهم لفعالية " أحضان ببلاش"، وجد أن ردود الأفعال لم تكن غاضبة لما يطالبوا به، لكنهم أبدوا استغرابهم لما كتب على اللافتات التى حملناها.
وواصل حديثه، إنه كان واحدا ممن شاركوا بمظاهرات ثورة 25 يناير، وكان واحدا ممن اتهموا بالانتماء لجماعة البلاك بلوك، ولا يخشى من انعكاس إطلاق تلك الدعوات وتأثيرها على ثورة 30 يونيو، واستخدام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى لها، لتشويه كل من يطالب بالحرية، موضحا أن كل الحكومات التى أتت عقب ثورة 25 يناير، لم تقدم جديدا، بل عملت على قمع الحريات.
وأكد أنه تطوع وشارك بالوقفة لاقتناعه بالفكرة وإيمانه بها، لكسر حاجز الخجل والخوف من العادات والتقاليد مقابل حريتى، واختتم "مطالبنا هى أن يكون فى حرية، ولا تكون هناك قيود فى التعبير عن رأى، وأن أعمل ما أريد دون إلحاق أى ضرر بنفسه أو بالآخرين، وبالتحديد ميكونش فى قيود أن أحضن صديقتى فى الشارع دون انتقاد لى ولها".
وقال "ألشيانو" «أنا نازل أقول الحضن مش عيب، وإن بلدنا بتفرض علينا أننا مينفعش نحضن بعض فى الشارع سواء ولد لولد أو ولد لبنت أو بنت لبنت، أيا كانت العلاقة التى تربطهم أخوة أو صداقة»، مؤكدا أن ذلك لم يعد مشكلة فى العالم كله إلا عندنا بحجة أننا مجتمع شرقى، له عادات وتقاليد فرضها علينا.
وأكد، أن الحملة لها صفحة رسمية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، للتواصل والمشاركة تحت مسمى «تحرك»، يتم من خلالها تنسيق الفعاليات الخاصة بهم.
وتابع، أن الفعاليات القادمة للحملة ستكون يوم الأحد القادم بمدينة الإسكندرية، وبعد يوم الثلاثاء القادم بمارينا.
وأشار "ألشيانو" إلى أن الأعمار التى تشارك بالحملة تتراوح ما بين 18 و30 سنة، وأن الوقفة التى نظموها بميدان طلعت حرب وصل عددهم إلى 20 بنتا و30 ولدا؛ مؤكدا أن عدد أعضاء الحملة أكثر من 300 شاب، قائلا: "أنا جاى هنا عشان العنصرية اللى فى البلد، والتفرقة بين الولد والبنت، وزى ما المرأة ليها حقوق الراجل ليه حقوق، فالجهل يسيطر على الناس فنسبة الجهل وصلت لـ70%، ومطالبنا هى أن يكون فى حرية، ولا تكون هناك قيود فى التعبير عن رأى، وأن أعمل اللى أنا عايزه من غير ما أضر نفسى أو أضر الآخرين، وبالتحديد ميكونش فى قيود أن احضن صديقتى فى الشارع دون انتقاد لى، أو يقال عليها أنها غير محترمة.
وقال هشام رزق، أحد الشباب المنظمين لهذه الأحداث، إنهم يدعون المجتمع للخروج من الراديكالية من خلال مجموعة من الـ"ايفنتات" البسيطة التى لا تتعارض مع الدين فى شىء، لأن هناك حديث صحيح لرسول الإسلام يقول فيه "إنما الأعمال بالنيات" قائلا: "نحن نفعل هذه الأشياء لأجل التحرر من قيود مجتمع، ونوايانا هى من تحدد أفعالنا، وعندما أحضن صديقتى بدون نية سيئة هذا لا يعيبنى ولا يعيبها فى شىء".
وعن اليوم العالمى للتقبيل الذى سبق وأعلن عنه بعض الشباب الآخرين قال رزق، إنهم يؤيدونه ولكن لم يكونوا ممن دعوا له، وإن هدفهم الأول هو كسر القيود الخيالية التى يرفضها المجتمع على أهله، على حد قوله، مؤكدا أنهم سيخضعون لما يحكم به الدين فى هذا الأمر، وإذا تبين أن ما يقومون به مخالف للدين سيتوقفون عن ذلك.
وأضاف طالب الفنون الجميلة بجامعة حلوان، أن أفرادا كثيرين يقولون هذا خطأ وعندما تسألهم لماذا، لا يعلمون الرد على ذلك لأنهم هم المخطئون، قائلا: "أنا أهلى متحررون ولا يرفضون ما أفعله لأنه غير مناف للدين ولكنه يرفض التقاليد العمياء للمجتمع".
واختتم أحد أعضاء الحملة قائلاً، «إحنا نزلنا عشان نكسر حاجز العيب ونقول «احضن ببلاش»، سواء ولد لولد بنت لبنت أو ولد لبنت، الأم دلوقتى بتتكسف تحضن ابنها فى الشارع، الواحد مبيعرفش يحضن صحبته فى الشارع، عشان تقاليد المجتمع، إحنا بقا بنقول للمجتمع الكلام ده مش حرام ومش عيب.
وتحليلا لدعوات هؤلاء الشباب للتحرر، علق الدكتور إبراهيم مجدى حسين، أخصائى الطب النفسى وعلم النفس السياسى بجامعة عين شمس، إن هؤلاء الشباب من نفس الطبقة التى يظهر منها أمثال علياء المهدى، وكلهم لديهم نقص فى الشخصية ويطلق عليهم أساتذة علم النفس "أصحاب الشخصية البينية" أو "الأشخاص الهستيريون"، وأن التحرر الذى يدعون به هذا لا ينفع المجتمع فى شىء.
قال الدكتور إبراهيم عبد الرحيم، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، إن الدين الإسلامى حرم النظر إلى النساء، نافيا أن يقبل المجتمع المصرى بالقبلات والأحضان بالشوارع، مؤكدا أن هناك مجموعة من النصوص تحرم هذه الدعوات بشكل قطعى، وتحدد شكل العلاقة بين الرجل والمرأة، ومنها ما ينص على حرمة النظر إلى المحارم.
أضاف أن فى حال قبول الداعيين، أن تقبل أخته أو أمه على نفس ما يفعله، فأنه يطلق عليه لفظ "الديوث"، وهو من لا يغار على أهله وعرضه، ثم إن من القواعد الأصولية للتشريع الإسلامى "سد الذرائع" بمعنى أن ما يفضى إلى الحرام، يكون حراما حتى ولو كان فى أصله مباحا، بدليل قول الله تعالى "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسب الله عدوا بغير علم"، ويبدوا لنا أن وراء هذا القول أو السلوك الغريب على تراثنا وأعرافنا الأصيلة إنما هو التقليد الأعمى لبعض المجتمعات التى تبيح الممارسات الجنسية بلا ضوابط، ما دامت تتم برضى الطرفين ويزعمون أن هذا من حقوق الإنسان.
وأوضح، أن الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم"، فى حديث شريف قال: "الأثم ما حكى فى صدرك وكرهت أن يطلع الناس عليه"، لافتا إلى أن الحرية فى الإسلام لها ضوابط وليست مطلقة، ويضاف إلى هذا التقليد الأعمى، الجهل بأصول الدين وقواعده الكلية ومقاصده الشرعية فضلا عن النظام العام للدولة ومقوماتها الأساسية، إنما هو نوع من التخليد الأعمى من مجتمعات الحرية أو التى تفتح للغريزة الجنسية بدون ضوابط، وهذا فكر منحرف وسلوك شاذ لا يقول به من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا.
وقال القمص صليب متى ساويرس أسقف كنيسة مارجرجس، إن الأديان السماوية جميعها، تحرم تلك التصرفات والدعوات، مشيرا إلى أن المحبة بين الجميع واجبة، لافتا إلى أن فرقا كبيرا بين المحبة والجنس، ووصف تلك الدعوات بالإباحية، ذاكرا أن فى رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (6: 12) قال "كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِى لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ"، و" إِنَّ كُلَّ مَن نَظَرَ إِلىﭐمرَأَةٍ كَى يَشتَهِيَها فَقَد زَنى بِها فى قلبِهِ".
وأوضح أن الداعى لتلك الفعاليات لا يرتكب فعل الزنا بالفكر وحده، بل يتسبب فى عصى الآخرين من خلال النظر إليه فى معصيته، نافيا أن تسمح الأديان بأشياء تخالف الأخلاق، مستنكرا وصف الداعين للفعالية بسماح الأديان بالأفعال الفاضحة فى الطرق العامة، مشيرا إلى أن القوانين المصرية نفسها تجرم تلك الأفعال، وطالب الشباب المشاركين بالبحث عن بعض الأعمال التى يخرجون بها طاقاتهم مثل الرياضة، أو
الفنون.
جدل بعد إطلاق حملة "أحضان ببلاش".. مؤسس الحملة: الأعمال بالنيات و"الحضن مش عيب".. وأستاذ شريعة: تقليد أعمى للغرب ومن يقبل ذلك على أهله فهو "ديوث".. وقمص: دعواتهم لا تقل جرما عن الزنا
الأحد، 15 سبتمبر 2013 12:41 ص