طفحت كل أنواع المجارى الأخلاقية فى مصر ولن نستثنى منها أحد ولا فصيل ولا تيار ولا سياسى ولا مفكر ولا نخبة ولا مواطن عادى، فالكل نزل فى الوحل وخاض فيه سواء بملء إرادته أو مدفوعًا بغريزية للدفاع عما يعتقد ويؤمن، فجعلنا من أنفسنا جلادين وقضاة، اتهمنا أنفسنا بالجهل قبل غيرنا واتهمنا الغير بالعمالة، وقمنا بتخوين بعضنا البعض، سخرنا من أنفسنا وتلذذنا بسيادية غريبة على المجتمع المصرى المسلم، فجلدنا ذاتنا بسياط الفضيلة ونحن أبعد ما نكون عنها ونسينا معناها وتغافلنا عن أهميتها فى حياة الشعوب، وأصبح الاغتيال المعنوى شيمة الجميع بين تصريحات وسى ديهات، وتفرغنا لقذف بعضنا البعض بصفات وأوصاف ما أنزل الله بها من سطان.
وأعتقد بأنه آن الآوان للجميع بأن يكف عن أذى الغير وأن يترك بداخله مساحه للتسامح والصفح والتصالح (أنا هنا لا أقصد المصالحة مع من يريدون إذلال مصر) أتحدث هنا عن المواطن المصرى، الذى مازال يحمل الخير لأرض هذا الوطن التى هى وطنه وليس سكنه، على الجميع التأكد والتيقن بأن المرحله التالية لن تكون سرقة ثورة، كما حدث سابقًا، ولكنها سوف تكون فقدان ثورة وأمل نتيجة للإهمال (وتذكروا مع المثل القائل إن الله يخرب بيت المهمل قبل بيت الظالم)، فبإهمالكم سوف تخربون وطنكم إن لم تستيقظوا من غفوتكم وتخرجون من تخبطكم، وإلا يكون هناك تفضيل لثورة على ثورة، وينقسم المجتمع بين مؤيد لثورة ومعارض لأخرى، مع أن هدف الثورة الأولى والموجة الثانية ما هما إلا نتاج لقهر واستبداد وظلم وتخلف فى شتى مناحى الحياة، فخرج الجميع من أجل إزالة هذه الغمة عن كاهل المواطن، فشكرًا للأولين وشكرًا للآخرين وشكرًا لمن سوف يتنازل عن كبريائه وغروره ووسوسة شيطانه ليبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد الذين حملوا بداخلهم أحلامه وطموحاته.
أيها السادة رفقًا وحنانًا بوطنكم وبأنفسكم وبعقولكم، واصنعوا بعقولكم الرائعة رسمًا جميلا لمستقبل وطن يستحق أبناءه الثوريين لا الفوضويين، أيها السادة لا تنسوا بأن الله منحنا عقولا وسواعد فتية لنستخدمها فى العمل وفى التفكير بالخروج من الأزمات، علينا أن ننظر كيف تتشابك الأيدى والعقول، لتخرج أجمل ما فى الإنسان المصرى صاحب أعرق حضارة على مر التاريخ، أفيقوا وارحموا أنفسكم وبلدكم، وإلا أنه لن يكون بنا راحم، لأن من رحمته الواسعة أن أعاد إليكم مصر مرة أخرى فلا تضيعوها وراء شهوات الظهور وتملك الغرور وإثبات الوجود، امتحان صعب جدًا فى مرحلة انتقالية هى الأصعب فى تاريخ مصر، لما تواجهه من مؤامرات خارجية وداخليه هدفها تحطيم مصر، فلا تجعلوا لسواعدكم نصيب من الهدم بل اجعلوها أداة طيعة للبناء والتعمير والتشييد وتقدم الأمة، لم يتبق لنا إلا نعمل ونعمل فقط وإلا سوف تصمتون إلى الأبد، وإلى مدى لدينا الاستعداد النفسى والعقلى للتوقف عن شم رائحة طفح المجارى.
سامى عبد الجيد فرج يكتب: إما العمل فقط أو الصمت للأبد
السبت، 14 سبتمبر 2013 07:07 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة