يوماً ما استيقظت فى شكل ليس شكلها، فى ملامح غريبة عنها، لم تدر حقاً ماذا فعلت بها الأيام، كانت منذ بضعة أيام، تجلس دائماً مع والدتها، يتسامرون ويلعبون ويضحكون، وعندما تذهب الوالدة للعمل، كانت عندما ترجع تفاجئ الفتاة بكل أنواع الحلوى الممكنة، كانت تدرى إنها لا تزال طفلة، تلعب وتجرى وتتحرك والجميع يقولون فى أنفسهم: "لا بأس من تصرفاتها، إنها طفلة".
كانت الأم لا تستطيع أن تتأخر عليها كثيراً، كانت تخاف عليها خوفا بلا حدود، بل وتحبها أيضاً حبا بلا حدود، وتتجاوز معها هى فقط كل الحدود، كانوا يحيون معا البساطة الحقيقة، لا تعرف شفاههم معنى للضحكات المصطنعة، كما أنهم لم يسمعوا مرة بشىء يدعى "الحزن الصامت".
كانت الطفلة كلما ضايقها شىء تجرى إلى أحضان أمها وتسرد لها كل ما حدث، لم تكن تخبئ شيئاً داخلها، كانت الحياة مغلفة بالبساطة فى النظرات والكلمات والأفعال.
لكن هذه الدنيا رفضت حق هذه الطفلة فى أن تعيش فى ذلك الجسد الصغير، الذى لا يعبأ به الكبار من الرجال، ولا يهتم به الشهوانيون منهم، أما الآن فقد اكتشفت أن عليها أن تمشى كفتاة وعليهم أن ينظروا لها بأنها كذلك، عليها أن تلبس ما يلبس النساء وعلى النساء الأخريات أن تغار منها، لقد حانت اللحظة التى يتعين عليها أن تكتشف بأنها لم تعد صغيرة على الإطلاق، وبأن كلامها لم يعد طفوليا، ينبغى عليها أن تتكلم فيما تتكلم النساء فيه، الآن سيحملق الجميع فى أفعالها على عكس ما كانوا يفعلون معها قديماً، سيدققون فى كل نفس تتنفسه، بل وفى كل خطوة تخطوها، أليست الطفولة أروع! هذا الوقت المشبع حنانا وحبا، كفتاة ينبغى لها الآن أن توسع من طموحاتها لتسعى لجلب أطفال آخرين إلى ذلك العالم لا أن تزال طفلة فيه.
إنها اللحظة الفارقة التى يجب أن تفارق فيها أحلام الطفولة ومسئولياتها، لقد كانت ترى أن مسئوليتها الوحيدة هى فى إنجاز واجبتها المدرسية، أما الآن فقد تغيرت حجم المسئوليات بل ونوعها، فهى وإن كانت طالبة يوماً ما ففى مرحلة أخرى ستكون المعلمة، كم أكره أنا لحظات الانتقال هذه لأنها لا تعطى لنا الفرصة لنخطأ، عندما تدعى الدنيا علينا بأننا قد بلغنا، تسلبنا حقنا فى أن نكون بشر طبيعيون، فكأطفال لم نتعلم شيئاً فى هذه الحياة إلا عندما أخطأنا ووُبخنا من الآخرين على تلك الأفعال، والآن جاء العمر يسلبنا تلك اللحظات النابضة، أتدرى هل سيكون مساحة الخطأ أمامها متسعة عندما تصير أماً أو معلمة؟ أم هل سيسمح لها زوجها ببعض الجنون الخالى من التفكير؟، أو ببعض الحركات غير المحسوبة؟ أتساءل لماذا نكبر؟!!
الآن تقلصت حياتها فى ما يفعله الأغلبية العظمى من أصدقائها، الذين بلغوا، فى رأيها، قبل الأوان، هل سيكونون متحمسين الآن لفكرة الزواج هذه شاعرين بالذنب فيما بعد؟.. هل تراهم مغرمين بفساتينهم البيضاء أكثر من رؤيتهم للمراحل التى ستلى ارتدائها؟، أتعلمون لا توجد مسئولية حقيقية على من يرغب فى أن يحب، لكن المسئولية تقع على من يريد الاستمرار فى ذلك، لكن ومع كل هذا إن الرجل فى النهاية يبحث فى زوجته عن طفلة جديدة يجذبها إلى عالمه، لكنه فى الوقت ذاته يريدها طفلة ناضجة، تضحك وهى لتوها كانت تبكى لما فعله معها، فتنسى كلامه وقساوته وأوقات غضبه فقط فى لحظة كالأطفال، كما أنه يريد منها أن تحبه بدون أسباب، فالطفل يحب حتى وإن لم يحصل على هدايا أو مكافآت، فهو مملوء حباً، أقنعوها يوماَ إنه قد آن الأوان أن تخرج من هذا البيت الذى عاشت فيه أيام طفولتها، أيام حملت فيها على الأكتاف من والديها، وتذهب إلى رجل، زعم، إنه هو أيضاً سيفعل كذلك، ما أجمل هذا القول! وما أسوء العمل به فى هذه الحياة الساخنة!.
وللحديث بقية..
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ندى محمدى
بجد حلو
i like ittttttt
عدد الردود 0
بواسطة:
nevine
رائــــــــــــــــــــــــــع
عدد الردود 0
بواسطة:
youssef-lamey
مـمـتـع جــــدا
ما اروع ان نسبح فى كلمات , طفله فى ثياب النساء
عدد الردود 0
بواسطة:
كرستينا ماهر
عجبانى يا نانى
برافوا عليكى استمرى فى الكتابة ومن ابداع لابداع