اعتبر التقرير السنوى لمنظمة مؤتمر التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (أونكتاد) لعام 2013 أن تحقيق العدالة الاجتماعية وتنفيذ الحدين الأقصى والأدنى للأجور، ضرورة اقتصادية وليست فقط مطلبا اجتماعيا أو أخلاقيا.
وأوضح الدكتور محمود الخفيف، الخبير الاقتصادى بالأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفى عقد، اليوم الخميس، بمقر المركز الإعلامى للأمم المتحدة بالقاهرة لإطلاق تقرير التجارة والتنمية لعام 2013، أن تحقيق العدالة الاجتماعية ضرورة لتشجيع الاستهلاك والطلب المحلى، داعيا إلى الابتعاد عن سياسة الضغط على أجور العمالة لزيادة الصادرات وزيادة التنافسية والتى يتعين أن تتحقق عن طريق زيادة الاستثمارات وزيادة المحتوى التكنولوجى للصادرات.
ولفت الدكتور محمود الخفيف، إلى أن الأزمة الاقتصادية لعام 2008 لم تكن مصادفة وان السياسات المتبعة فى العالم المتقدم بعد الأزمة غير مجدية ومن شأنها أن تطيل أمد الأزمة.
وأوضح الخفيف، أن التقرير يوصى بعدم الاستمرار فى التوجه الاستراتيجى لتحقيق التنمية من خلال الاعتماد على التصدير، والعمل بدلا من ذلك على تحقيق التوازن بين التصدير وزيادة الطلب والاستهلاك المحلى.
كما دعا التقرير أيضا إلى ضرورة إعادة هيكلة النظام المكالى العالمى اخذ فى الاعتبار أن الدول المتقدمة تراجع دورها فى تحقيق نمو الاقتصاد العالم، حيث زادت مساهمة الدول النامية فيه من خلال الصين والهند وأيضا أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
ونوه دكتور الخفيف، إلى أن الاتحاد الأوروبى الذى توجه له مصر 40% من صادراتها، متوقع له غالى يحقق اقتصاده نموا خلال العام القادم، وبالتالى فإن مصر يتعين عليها أن توجه صادراتها إلى أسواق جديدة خاصة فى الدول الناشئة والنامية.
واعتبر الخفيف أن تراجع الإقبال على السياحة فى مصر لا يرجع فقط لأوضاعها الداخلية وإنما لضعف الحالة الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى.
وحذر التقرير من أن السياسة المالية التقشفية للاتحاد الأوروبى لن تجدى، وأنه يتعين التعاون بين دول العجز مثل اليونان ودول الفائض مثل ألمانيا.
كما شدد على أنه لا يجب تقليص دور الدولة، لافتا إلى أن السوق لا يمكن يقوم بدور الدولة فى العملية الاقتصادية.
وأشار التقرير، إلى أن هناك جاحة إلى جذب رؤوس الأموال لتوفير التمويل، ولكن يجب أن تكون هناك ضوابط على تدفقات رؤوس الأموال لتجنب التقلبات التى يمكن أن يحدثها الخروج المفاجئ لرؤوس الأموال الأجنبية، داعيا مصر والدول النامية إلى حسن استغلال الموارد التمويلية الوطنية وتعظيم الاعتماد عليها، والابتعاد عن تسجيل عجز كبير فى الميزان التجارى وتشجيع الاستثمارات المحلية والادخار وزيادة القوة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة لزيادة الأنفاق، وتطبيق نظام الضرائب التصاعدية والحدين الاقصى والأدنى للأجور.
وقال الخفيف، إنه حتى الآن لم ير تغييرات جوهرية فى السياسات الاقتصادية فى مصر، فسياسات الإخوان لم تختلف عن سياسات مبارك والسياسة المالية للبنك المركزى المصرى لم تتغير قبل وبعد 20 يناير 2011.
ومن جانبه، اعتبر الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والتجارة الخارجية الأسبق خلال المؤتمر الصحفى، أنه لا توجد فى الأفق مؤشرات أو بوادر لحدوث انتعاش فى الاقتصاد العالمى على الرغم من الجهود المبذولة لمواجهة الركود العظيم، مضيفا أن معدل نمو التجارة العالمية، كاد أن يتوقف بعد أن وصل إلى نسب تتراوح من 7 إلى 8%.. وبما أن مصر همزة وصل بين الشرق والغرب فعليها أن تراجع اثر تراجع التجارة العالمية عليها وعلى دخل قناة السويس، داعيا إلى العمل على زيادة الاستهلاك والطلب المحلى لمواجهة انخفاض حجم التجارة الدولية.
وقال عبد الخالق، إن الدول المتقدمة تواجه صعوبات فى الخروج من الركود، وهناك حاجة ملحة لإصلاحات هيكلية وتغييرات جذرية فى السياسات والمؤسسات على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
وأضاف أن الدول النامية تواجه هشاشة مستمرة رغم تحقيقها لمعدل نمو اقتصادى أفضل، نتيجة أنها لا تشارك فى وضع سياسات اللعبة.
وحذر جودة عبد الخالق، من ارتفاع أسعار السلع الأساسية بما فيها الطاقة والحبوب نتيجة المضاربة، لافتا فى الوقت نفسه إلى أن إستراتيجية النمو المدفوع بالصادرات بلغت مداها ولا يجب الاستمرار فى التعويل عليها، حيث إنه يتعين تحقيق الموازنة بين قوى النمو الداخلية من إنتاج وادخار واستهلاك محلى، وقوى النمو الخارجية من استثمارات ومساعدات، محذرا من أن مصر تعتمد حاليا على قوى النمو الخارجية بشكل أكبر.
كما حذر د.جودة عبد الخالق من أن ما جرى فى العراق وما يعد لها فى سوريا حاليا هو من تأثير الشركات العالمية التى تعجز عن توزيع الإنتاج المدنى فتخلق الحروب لتوزيع الإنتاج العسكرى.
ودعا جودة عبد الخالق مصر إلى دعم صادراتها وتوجيهها إلى الجنوب والشرق وليس الشمال والغرب فقط، مع العمل على وضع ضوابط للتدفقات المالية على مصر.
واعتبر جودة عبد الخالق أن مصر والمنطقة والعالم فى مرحلة مفصلية يتعين فيها مواصلة المسيرة لإقامة نظام عالمى جديد بلا مهادنة.
واستبعد جودة عبد الخالق ما يردده البعض من عودة نظام مبارك، لافتا إلى أن مسيرة الثورة المصرية بدأت بالخطوة التى تحققت من يناير 2011 حتى الآن، مشيرا إلى أن الصراع مع قوى الثورة المضادة مستمر ولكن من غير المقبول السماح بعودة النظام القديم.
خلال مؤتمر صحفى للأمم المتحدة بالقاهرة..أونكتاد: العدالة الاجتماعية ضرورة اقتصادية وليست مطلبا اجتماعيا..خبير اقتصادى:تراجع الإقبال على السياحة فى مصر ناتج عن ضعف الحالة الاقتصادية فى الاتحاد الأوروبى
الخميس، 12 سبتمبر 2013 02:50 م