على مدى السنوات العشر الأخيرة أنعش النمو الاقتصادى القوى لإفريقيا الآمال فى إمكانية تقليص اعتماد القارة على المساعدات.
وتكمن مشكلة هذا السيناريو فى عدم تفكير أفريقيا فى الدور الذى قد تلعبه المساعدات فى "نهوض إفريقيا". ولمن يبحث عن الصلة بين المساعدات والنمو يمكنه أن يجد ضالته فى الأرقام التى تقدم مثالا واضحا على ذلك.
فبيانات البنك الدولى تظهر أن حجم المساعدات الأجنبية التى حصلت عليها أفريقيا من منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية التى تضم دولا غنية بلغ نحو 13 مليار دولار فى عام 2000 وارتفع إلى 41 مليارا فى 2006 ثم تراجع بعد ذلك قبل أن يرتفع مجددا ويتجاوز 46 مليار دولار فى عام 2011.
وبلغ نصيب الفرد من صافى مساعدات التنمية الرسمية 19.50 دولار فقط فى عام 2000 ثم ارتفع إلى ثلاثة أمثاله تقريبا ليصل إلى ذورته فى عام 2006 والتى بلغت 53.29 دولار لكنه تراجع بعد ذلك قبل أن يرتد فى عام 2011 إلى أقل من 53 دولارا.
وشهد العقد الأول من هذه الألفية جهودا مكثفة لزيادة المساعدات الغربية لإفريقيا تضمنت حملات لمكافحة الفقر قادها بعض المشاهير أمثال مغنى الروك الأيرلندى بونو والتى شملت دعوات بالإعفاء من الديون على نطاق كبير وبعض المبادرات الأخرى.
وقد بدأ النمو الإفريقى فى هذا العقد أيضا.
ففى الفترة من 2001 إلى 2010 قال صندوق النقد الدولى أن ستة من الاقتصادات العشر الأسرع نموا فى العالم توجد فى أنجولا ونيجيريا وإثيوبيا وتشاد وموزمبيق ورواندا.
ونيجيريا وأنجولا هما أكبر الدول المنتجة للنفط فى أفريقيا وصارت تشاد دولة نفطية فى الآونة الأخيرة ومن ثم فإن ارتفاع أسعار الخام ساهم كثيرا فى نمو هذه الدول. غير أنه ينبغى النظر إلى المساعدات المتدفقة إلى إثيوبيا وموزمبيق ورواندا التى لا تجنى عائدات من النفط.
فقد شهدت رواندا وموزمبيق ارتفاعا فى صافى المساعدات القادمة من دول غنية مانحة إلى ثلاثة أمثاله تقريبا فى الفترة بين عامى 2000 و2011. وعلى سبيل المثال زادت المساعدات المقدمة إلى رواندا من 34 مليون دولار إلى نحو 1.3 مليار دولار ما يقرب من 18% من ناتجها المحلى الإجمالى.
وارتفعت المساعدات الغربية لإثيوبيا إلى أربعة أمثال من 906 ملايين دولار فى عام 2000 إلى ذروتها التى تجاوزت 3.8 مليار دولار فى عام 2009.
وتتمثل القوة الدافعة لمعظم النمو الإفريقى فى الاستهلاك وهو ما يمكن أن تحفزه المساعدات عن طريق استخدامها فى دعم الموازنات العامة على سبيل المثال.
ولكن لا شك أن المساعدات قد تشكل حجر عثرة أمام النمو إذا تم تبديدها أو سرقتها أو رسخت ثقافة الاعتماد المطلق.
ففى كتابها الصادر عام 2009 بعنوان "المعونة الميتة" أشارت خبيرة الاقتصاد الزيمبابوية الناقدة للمساعدات دامبيسا مويو إلى أنه فى الأعوام الخمسين السابقة "تم نقل ما يزيد على تريليون دولار فى صورة مساعدات متعلقة بالنمو من الدول الثرية إلى إفريقيا" دون أن تؤتى بأى ثمار تذكر.
غير أن الصلة بين المساعدات والنمو لا تتضح عند النظر إلى الدول المتأخرة فى المنطقة.
فعلى سبيل المثال انكمش اقتصاد زيمبابوى بشدة فى العقد الأول من هذه الألفية ولكن المساعدات المتدفقة إليها ارتفعت إلى 718 مليون دولار فى عام 2011 من 177 مليون دولار فى عام 2000.
ومعظم هذه المساعدات كانت مساعدات إنسانية حيث عانت زيمبابوى من نقص متكرر فى الغذاء بسبب انهيار اقتصادى أوسع نطاقا ساهمت فيه مصادرة المزارع التجارية التى يمتلكها البيض لإعادة توزيعها على السود الذى لا يملكون أراضى.
وبلغ متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى لإريتريا 0.7 بالمئة فقط من عام 2003 إلى عام 2011 ولكن المساعدات المتدفقة إليها زادت من 67.5 مليون دولار فى عام 2000 إلى 163.27 مليون دولار فى عام 2011 حيث وصلت إلى ذروتها فى عام 2005 عندما بلغت 350 مليون دولار.
وخلصت ورقة بحثية فى عام 2011 إلى أن "زيادة المساعدات تبعها فى المتوسط زيادات محدودة فى الاستثمار والنمو."
ومع أنه لا يمكن استيضاح تأثير المساعدات على النمو الإفريقى بالضبط فإنه من المؤكد أنها ستظل تلعب دورا حاسما فى سيناريو النمو.
المساعدات عامل يصعب إغفاله فى سيناريو النمو الإفريقى
الخميس، 12 سبتمبر 2013 10:43 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة