مصطفى إبراهيم يكتب: شرف المرأة .. شرف الرجل!!

الشرف كلمة تعنى سمو الأخلاق والمبادئ القويمة والقيم المثلى والفضائل الكريمة.. وهى كلمة متأصلة وثابتة لا تتغير بتغير نوع الجنس، سواء كان رجلا أو امرأة.

لكننا فى مجتمعاتنا نغيرها ونبدلها بمفهوم الرجل أو المرأة.. فعندما نصف الرجل بأنه شريف، يتبادر إلى أذهاننا، أنه صاحب كلمة، صادق ومخلص، يكسب رزقه من حلال، أما عندما نصف المرأة بالشرف، فإننا نعنى بذلك، إنها امرأة عفيفة، ونختزل شرفها بأنها تصون جسدها.

أليس من الجور أن يقرن الشرف عند الرجل بكل هذه الصفات، ونجرد نفس المعنى عندما يطلق على المرأة فيقترن الشرف بالجسد؟ فالإنسان السوى يتعامل بأخلاقه وحسن عشرته، فلماذا نحدد شرف المرأة ونختزله فى جزء من جسدها الذى ننظر إليه كدليل على شرفها، إذا، ما هو الدليل على شرف الرجل؟

الشرف قيمة سامية تعتلى سلم القيم الإنسانية والاجتماعية، فهو منظومة متكاملة من القيم المتشابكة والمتصلة ببعضها كالتفوق والقيادة والمروءة والإحسان والكرامة والنزاهة والأمانة.

وقد تتحقق فى أى إنسان بالمعنى العام، إلا أن هذا المعنى انحرف كثيرا فى ثقافتنا، كنتيجة حتمية لقرون طويلة من التخلف والجهل والانحدار.

إن المنطق العقلى الذى يقف خلف هذا المعنى يؤكد أن الرجل ليس له شرف خارج عن ذاته بعد أن تمركز شرفه فى عفة امرأة، وكأن الشرف منفصل عن سلوكه وأخلاقه ومروءته.

إن الله سبحانه وتعالى لم يجعل من الشرف صفة يختص بها المرأة وحدها، وإنما يختص بها المرأة والرجل على حد سواء، ويساوى بينهما فى الواجبات والتكاليف والثواب والعقاب.. إنها مجرد ازدواجية فى مفهوم شرف من صنعنا نحن بنى البشر الجهلاء.

إن الله فى محكم آياته الكريمة، يفضح زيف عادتنا ومفاهيمنا التى نتوارثها عبر الأجيال.. فيقول سبحانه : } لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ{ سورة النساء .. هذا التطابق ما هو إلا تأكيد على التكافؤ والتكامل بين الرجل والمرأة، فالعلاقة بين الجنسين علاقة تقابلية فالذكر هو الطرف المقابل للأنثى وبالالتقاء يكون التكامل بينهما.. نحن من نتعامل بربرية مع المرأة فى مجتمعاتنا، فالرجل لا يحق له أن يتحدث عن شرف المرأة، فهو إنسان مثلها.
إن تعميق قيمة الإنسان هو الهدف الأسمى الذى تسعى إليه البشرية التى تنشد العدل والحرية والمساواة، ولا تتعامل مع الآخر باختلاف جنسه.. فالشرف كلمة نصف بها رجلا ونقول "رجل شريف"، ونضيف تاء التأنيث لنصف بها المرأة.

فليرحمنا من يقول، إن المرأة مختلفة، ولها وضعية خاصة، فهذه الاختلافات وليدة عاداتنا وتقاليدنا المختلة!.
وهنا يجب أن نقف لحظة صدق مع أنفسنا ونحكم عقولنا وضمائرنا، إذا أراد الرجل أن يأخذ ملاكا طاهرا، فالمرأة أيضا ينبغى لها أن تأخذ ملاكا طاهرا.