فوزى فهمى غنيم يكتب: الأديب المنتج والأديب المبدع

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013 01:11 م
فوزى فهمى غنيم يكتب: الأديب المنتج والأديب المبدع صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك فرق دقيق، بين الأديب المنتج، بدون أن يكون لإنتاجه أى وجه من وجوه الإبداع.. وبين الأديب المبدع.. والسؤال هنا: ألا ينبغى أن يكون المنتج سواء كان إنتاجه– مبدعاً أو غير مبدع – ألا ينبغى أن يكون ملتزماً..؟

إن الدعوة إلى الالتزام واردة، ولكنها قد لا تصل إلى نتائج حتمية.. ومن المؤكد أننا نحبذ الالتزام فى كل الحالات، ولكن الحديث هنا، مطلوب عن الأديب المبدع.. وليس عن أى أديب.. ومهما يكن الرأى فى الإبداع، فإنه لا يسعنى القول بأن الإبداع مستقل عن الالتزام مادام الإبداع يتعلق بالموهبة القادرة على إيجاده.. أما الالتزام فلا علاقة له بالموهبة.. لأنه يأتى مكتسبا.. أى أنه نتيجة رياضة نفسية، يضع فيها الأديب نفسه طواعية، مختاراً أن يسلك بأدبه نهجاً ينظر من خلاله إلى مجتمعه، لا إلى ذاته، ولا إلى لذاته.. فهو عملية تضحية ذاتية. أو بتعبير آخر هو (بوتقة) يضع فيها الأديب إنتاجه كله إن استطاع، وهذه العملية التى يضطلع بها الأديب، إنما تشكل فى حقيقتها نوعاً من الرقابة الشخصية، التى قد تغدو مع الزمن شيئا كالسليقة.. إن لم تصل إلى مرحلة السليقة ذاتها.. فإن هذه الصفة تدخل الالتزام مرحلة القيد على الأديب.. ولكنه القيد المحرك، الذى لا يحول دون القدرة الإبداعية، بل يهذبها ويوجهها الوجهة الصالحة.. إنه القيد الذى يضارع ذلك، الذى تضعه الشرائع والقوانين على الحرية الشخصية لكيلا تضغى على مصالح المجتمع، فتؤدى إلى الفوضى والإباحية.. وتجتاح الحدود الأخلاقية التى اعتادها البشر منذ خلقهم الله جلت قدرته.. وميزهم بها عن الحيوان.. نعم الالتزام قيد، ولكنه قيد محبب، مطلـوب، ندعو إليه ونطلبه، ونقاوم كل من يقاومه، لأننا ندعو إلى الصراط المستقيم فى أدبنا وفكرنا، كما ندعو إليه فى سائر حياتنا.. ولكن.. هنا تبدو مشكلة.. هى إلى أى مدى يتمكن هذا القيد من نفس الأديب المبدع؟ وهل المجتمع هو الذى يصوغ هذا القيد، أم أن الأديب ذاته يختاره؟ بمحض إرادته؟

القيد إنما هو رقابة ذاتية تنبع من داخل الأديب الملتزم.. والمجتمع لا يستطيع أن يفرض القيد الالتزامى على الأديب.. مادام هو نفسه لم يأخذ به.

وما دمنا نكل الالتزام فى مجمله إلى الوازع الذاتى، فإن من الصعب أن نضع حدوداً أو رسوماً للالتزام.. لأنه سيختلف فى هذه الحالة من مبدع لآخر.. ولكن تضل هناك دائرة تضم كل التفاصيل فى نطاقها، هى مراعاة مصلحة المجتمع.. الالتزام إذاً مسألة نسبية، ينبغى أن نأخذه باعتدال.. فلا نضيق معاييره.. بحيث نخسر أنصاره وأنصارنا.. ولا نوسع هذه المعايير بحيث نفقده معناه الذى ندعو إليه ونرغب فيه، حفاظا على تماسك مجتمعنا، ولكى نحفظ لهذا المجتمع فكرة المبدع.. إيماناً منا بأهمية الفكر، وبأهمية الإبداع معًا.








مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة