أصدر رئيس الجمهورية المؤقت - بعد موافقة مجلس الوزراء - قراراً بإعلان حالة الطوارئ فى جميع أنحاء الجمهورية تبدأ من الساعة الرابعة بعد ظهر يوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2013 وذلك نظراً لتعرض الأمن والنظام فى أراضى الجمهورية للخطر بسبب أعمال التخريب المتعمدة، والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة، وإزهاق أرواح المواطنين من قبل عناصر التنظيمات والجماعات المتطرفة.
وقد تلاحظ لنا من خلال متابعة تناول هذا الموضوع بالتحليل فى وسائل الإعلام المختلفة أن البعض يخلط- فى بعض الأحيان- بين الحق فى إعلان حالة الطوارئ والقانون، الذى ينظم الأوضاع بعد إعلان حالة الطوارئ.
وإزاء ذلك وجدنا أنه من الواجب علينا أن نلقى الضوء على طبيعة الفرق بين إعلان حالة الطوارئ وقانونها حتى نوضح للقارئ الكريم أوجه الاختلاف بينهما.
وفى البداية نشير إلى أن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءاً من دستور 1923 ومروراً بدستور 2012 المعطل وانتهاءً بالإعلان الدستورى الأخير الصادر عن رئيس الجمهورية المؤقت فى 8 يوليو 2013 قد تضمنت نصاً ينظم حالة الأحكام العرفية سابقاً وحالة الطوارئ حالياً.
فقد نصت المادة: (148) من دستور 2012 المعطل على الآتى :-
"يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى الحكومة، حالة الطوارئ، على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية.
وإذا حدث الإعلان فى غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه، وفى حالة حل المجلس يعرض الأمر على مجلس الشورى، وذلك كله بمراعاة المدة المنصوص عليها فى الفقرة السابقة وتجب موافقة أغلبية عدد أعضاء كل من المجلسين على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر، لا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة بعد موافقة الشعب فى استفتاء عام، ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ".
كما نصت المادة (27) من الإعلان الدستورى الحالى الصادر بتاريخ 8 يوليو 2013، والتى استند إليها قرار رئيس الجمهورية المؤقت فى إعلان حالة الطوارئ فى الوقت الراهن على الآتى:
"يعلن رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء، حالة الطوارئ على النحو الذى ينظمه القانون، ويكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر ولا يجوز مدها إلا لمدة مماثلة وبعد موافقة الشعب فى استفتاء عام".
هذا عن إعلان حالة الطوارئ والنصوص الذى تنظمه، أما عن القانون الذى ينظم الأوضاع فى البلاد بعد إعلان حالة الطوارئ فقد صدر أول تشريع بشأن الأحكام العرفية فى جمهورية مصر العربية بمقتضى المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1923، وآخر هذا التشريعات القرار بقانون رقم 162 لسنة 1958 والذى بمقتضاه تم تعديل قسمى قانون الأحكام العرفية إلى قانون الطوارئ.
وقد نصت المادة الأولى من القانون الأخير على الآتى:
"يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات فى الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء".
كما عددت المادة الثالثة من ذات القانون السلطات الواسعة المخولة لرئيس الجمهورية فى حالة إعلان حالة الطوارئ، حيث قضت بأنه: "لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ بأمر كتابى أو شفوى التدابير الآتية:
1-وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه بهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وكذلك تكليف أى شخص بتأدية أى عمل من الأعمال.
2-الأمر بمراقبة الرسائل أيًا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها ضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها.
3-تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها.
4-الاستيلاء على أن منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة، والتى تستحق على ما يستولى عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة.
5-سحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة.
6-إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة فى المادة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة فى أول اجتماع له.
ويتبين من هذا العرض الموجز أن هناك أوجه اختلاف جوهرية بين إعلان حالة الطوارئ، والتى يجب أن تستند – فى كل الأحوال - إلى نص دستورى صريح يعطى لرئيس الجمهورية الحق فى إعلانها وفقاً للضوابط التى يحددها هذا النص الدستورى، وبين قانون الأحكام العرفية، الذى تم تغيير مسماة إلى قانون الطوارئ والذى ينظم الأوضاع فى البلاد فى حالة إعلان حالة الطوارئ ويوضح السلطات الاستثنائية المخولة لرئيس الجمهورية خلالها.
"حفظ الله مصر وشعبها العظيم"
د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: حالة الطوارئ بين إعلانها وقانونها
الأربعاء، 11 سبتمبر 2013 07:46 م