مع ذكرى مرور 13 عاما على حادث تفجير برجى التجارة العالميين المعروف إعلاميا باسم "أحداث 11 سبتمبر"، نجد أن السينما الأمريكية لم تتوقف طيلة تلك الفترة عن إنتاج أفلام حول تلك الواقعة، من زوايا عدة، ففى الوقت الذى حرصت فيه عدة شركات إنتاج سينمائية أمريكية على التأكيد للفكرة التى تروج لها دائما وهى أن العرب خصوصا المسلمين هم مجموعة من الإرهابيين، وترسم صورة نمطية مشوهة للمسلم بشكل عام وللمسلم العربى على وجه الخصوص باللحية.. والجلباب.. والشبشب.. واللغة عربية.. والتجهم"، قدم مبدعون آخرون أفلاما تتناول الجانب الإنسانى للواقعة.
صناع أفلام 11 سبتمبر اختلفوا فى طريقة تناول أحداث ذلك اليوم حيث عمدت بعضها إلى التركيز على الواقعة نفسها، بينما أظهرت أعمال أخرى تأثير تلك الأحداث على المواطن الأمريكى، ويعد من أبرز تلك الأفلام التى تناولت تفاصيل تفجيرات 11 سبتمبر فيلم United 93 تأليف وإخراج بول جرينجراس الذى ابتعد عن رصد الـ 3 طائرات الرئيسية فى الأحداث، واهتم بإلقاء الضوء على الطائرة الرابعة التى كان تم اختطافها أيضا ولم ينجح خاطفيها فى الوصول إلى هدفها ولكنها تحطمت وسقطت فى بنسلفانيا، ويحفل الفيلم بمجموعة من القصص الإنسانية المتشابكة لشخوص وجدوا نفسهم فجأة فى ورطة شديدة تهدد حياتهم، وأسهب المخرج فى إيضاح أن المختطفين هم عرب مسلمون إرهابيون، ولم يفوته أن يجعل الشخصيات الإرهابية تردد الشهادة وتكرار جملة "الله أكبر" مع اصطدام الطائرة وتحطمها قبل أن تصيب هدفها، فهو فيلم ذو وجهة نظر سياسية بالدرجة الأولى ويعد أولى الأعمال التجارية الأمريكية والعالمية التى تناولت الحدث.
أما فيلم World Trade Center أو "مركز التجارة العالمى" للمخرج أوليفر ستون فيعد واحدا من أبرز الأفلام التى تناولت واقعة 11 سبتمبر من جانب إنسانى بعيدا عن السياسية وملمحا إليها فى مشاهد قليلة جاءت معظمها فى نهاية العمل، حيث تمت الإشارة إلى حرب العراق التى زعم الرئيس الأمريكى السابق بوش الابن وقتها إن حرب ضد الإرهاب، وقام ببطولته الفيلم نيكولاس كيدج والنجمة ماريا بيلو- والتى أعلنت من قبل ندمها على الموافقة على الحرب ضد العراق - وجسد كيدج فى الفيلم دور رجل شرطة "جون مكيلفين" الذى يذهب لعمله كالمعتاد فى أحد الأيام وفى وسط الحركة العادية فى الشارع أمام مركز التجارة العالمى يفاجئ الجميع بصوت ارتطام الطائرة بالبرج ويهرع الضابط جون إلى إنقاذ الضحايا تحت الأنقاض حتى ينهار البرجين تماما.
القصص الإنسانية التى اعتمد عليها الفيلم زادت من نسبة نجاحه بشكل كبير، خصوصا أن أوليفر ستون كان مهتما بذلك الجانب طوال أحداث العمل، لأنه يعتمد على قصة حقيقية لاثنين من الضباط كانا يقومان بمهام عملها لإنقاذ الضحايا.
فيلم "Zero Dark Thirty" أو "نصف ساعة بعد منتصف الليل "إخراج كاثرين بيجلو"، وتدور أحداثه حول وقائع من مطاردات أمريكية دامت حوالى 10 سنوات للبحث عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بعد هجمات 11 سبتمبر، فالفيلم هنا ينطلق من بداية التفجيرات واتهامات الحكومة الأمريكية لتنظيم القاعدة بتدبيرها والسعى إلى التخلص من أسامة بن لادن وقلته، وتدور أحداث الفيلم بين ولاية فرجينيا الأمريكية والتى يقع بها مقر المخابرات المركزية الأمريكية C I A، وبين باكستان وبعض المناطق فى أفغانستان.
والفيلم يخدم وجهة النظر الأمريكية بشكل واضح وبدون ذكاء فنى من مخرجته كاثرين بيجلو، مما دعا العديد من النقاد السينمائيين بأمريكا إلى التلميح بأن الفيلم تم إنتاجه بتوجيهات أو نصائح من الـ CIA بل إن المستوى الضعيف الذى ظهر به الفيلم شكك فى مصداقية المهرجانات السينمائية العالمية التى منحته جوائز بلا حصر، مما يؤكد أن تلك المهرجانات لها أهداف وميول سياسية لا تخجل من مواراتها، حيث فازت مخرجته بيجلو بجائزة أحسن مخرج عن فى الجولدن جلوب وأيضا بجائزة أوسكار أفضل إعداد صوت مناصفة.
واللافت للنظر أن الأفلام التى ابتعدت عن السياسية واهتمت فقط بالجانب الفنى حظيت بنجاح جماهيرى وظهرت بمستوى فنى أفضل ومنها فيلم Reign Over Me بطولة النجم أدم ساندلر والذى تطرق فيه المخرج مايك بيندر إلى حادثة 11 سبتمبر عن طريق قصة رجل "تشارلى فينمان" يفقد عائلته المكونة من زوجته وبناته خلال التفجيرات، ويعيش حالة من الحزن الشديد والانفصال عن العالم كله، حتى يقابل صديقا له "آلان جونسون" ويجسد دوره دون شيدل ويحاول إخراجه من تلك الأزمة عن طريق استرجاع ذكرياتهما السابقة معا بحيث يمنح آلان الأمل لتشارلى ليقبل على الحياة مجددا.
ورغم أن الأفلام التى أنتجت حول 11 سبتمبر تعتمد معظمها على الدراما أو الأكشن إلى أن المخرج ألبيرت بروكس فى فيلمه Looking for Comedy in the Muslim World أو "البحث عن الكوميديا فى العالم الإسلامى"، لجأ إلى الكوميديا، حيث تدور أحداث الفيلم حول إرسال مجلس الشيوخ الأمريكى أحد الأشخاص إلى باكستان لمعرفة ما الذى يضحك المسلمون هناك وذلك من أجل زيادة التفاهم بين أمريكا والعالم الإسلامى عقب الهجمات الشهيرة.
وانطلاقا من أحداث 11 سبتمبر وتشرد العديد من الأبناء نفذ المخرج ستيفين دالدرى فيلمه Extremely Loud & Incredibly Close أو "عال جدا وقريب للغاية" بطولة توم هانكس وساندرا بولوك، حيث تدور أحداثه حول قصة زوجين سعيدين وابنهما الصغير "اوسكار"، لكن يتوفى الأب فى تفجيرات 11 سبتمبر، فيجد الطفل مفتاحاً غامضاً يخص والده المتوفى، ويبدأ فى رحلة استثنائية للعثور على القفل الذى يطابق المفتاح فى سرية تامة بكل أحياء مدينة نيويورك، ويقابل فى طريق بحثه عددا كبيرا من الشخصيات التى تكافح بطريقتها للبقاء على قيد الحياة، والفيلم مقتبس عن رواية بنفس الاسم حققت أعلى المبيعات فى أمريكا للكاتب جوناثان سافران.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة